الأربعاء , فبراير 19 2025
أخبار عاجلة

من مشاتل المنزل إلى الغابات: هدى عبد القادر ورؤية بيئية مستدامة

بقلم طلعت دفع الله عبد الماجد
التحية للإنسانة الهميمة هدي عبد القادر، التي قدمت نموذجًا حيًا للإصرار والالتزام في العمل الإرشادي، حيث قامت بالتبرع بتقديم محاضرات إرشادية لطلاب المدارس الابتدائية في ولاية نهر النيل بمدينة شندي في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد من حرب ونزوح ولجؤ.

لقد ارتبطت هدي بالعمل الإرشادي منذ سن مبكرة، فكانت تنتمي إلى أحد المشاريع الرائدة في مجال التشجير النسوي مع منظمة الساحل العالمية (SOS). لم يكن هذا المشروع مجرد فرصة عمل بالنسبة لها، بل كان شغفًا وطموحًا لتحقيق تغيير إيجابي في بيئتها والمجتمع الذي تنتمي إليه.

مشروع التشجير النسوي يعد من أهم المبادرات التي سعت لدمج المجتمعات المحلية في مشروعات الحفاظ على البيئة، ومن أبرز أهدافه إشراك النساء في زراعة الغابات، وإنشاء المشاتل بمختلف أنواعها، مثل المشاتل المركزية، والمدرسية والقروية والمنزلية. بالإضافة إلى إنشاء الأحزمة الشجرية ومصدات الرياح، حيث تشارك النساء في تشجير المنازل والمدارس، وهو ما يعزز دورهن في الحفاظ على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.

المشروع يركز على حماية المزارع من خلال تقنيات التشجير التي تساهم في تحسين جودة التربة والماء، وتوفير الوقود عبر المواقد المحسنة، وزيادة الدخل من خلال مشاريع تعزيز الأمن الغذائي وتنمية الاقتصاد المحلي.

بجانب ذلك، كان هناك اهتمام بتنمية القدرات البشرية، حيث قدم المشروع دورات تدريبية مكثفة لسكان القرى والمزارعين في مجالات الغابات الشعبية والمشاتل والأحزمة الشجرية.

أُصدِر المشروع العديد من المراشد الفنية في هذه المجالات، وكان له دور كبير في حملات التوعية البيئية التي استهدفت شرائح المجتمع المختلفة عبر وسائل الإرشاد الجماهيري، مثل مسرح العرائس.

بعد توقف الدعم الأجنبي، تولت لجان القرى مسؤولية إدارة المشاتل والأحزمة الشجرية، وواصلت أعمال رعاية وحماية الغابات الشعبية. في مناطق مثل المتمة وشندي، بدأت بعض اللجان في التوسع في زراعة الغابات الشعبية والأحزمة الشجرية حول الأراضي الزراعية، بهدف حماية هذه المناطق من زحف الرمال.

هذا التوسع في التشجير ساهم في حماية المنشآت السكنية والمزارع من التصحر، مما جعل هذه المجتمعات على دراية تامة بتقنيات تأسيس ورعاية المزروعات الشجرية وحماية الغابات الطبيعية.

أما عن هدي عبد القادر، فقد كانت بحق نموذجًا يُحتذى به في العزيمة والإصرار. فقد عملت جاهدًة على تدريب النساء في هذه المناطق على إنشاء مشاتل منزلية وزراعة الحدائق المنزلية، ليكون وسيلة في تحسين دخل الأسر وتعزيز الأمن الغذائي وتطوير الاقتصاد المحلي.

في ظل الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد، استمرت هدي في تقديم عمل جليل في تدريب النساء على إعداد الشتول والمشاتل المنزلية. كما تُسهم بشكل تطوعي في تعليم الطلاب في المدارس الابتدائية بشندي عن أهمية زراعة وحماية الأشجار.

ولتحفيز التلاميذ، ابتكرت هدي وسيلة مبدعة حيث تقوم بتوزيع ثمار النبق على المتفوقين الذين يتفاعلون بشكل جيد مع المحاضرات داخل الفصل المدرسي.

التحية والتقدير والتجلة لهدي عبد القادر على هذا العمل العظيم، الذي تنفذه في ظروف صعبة، وبالإمكانات المحدودة المتاحة لها. إن إصرارها على تحسين البيئة المحلية وتغيير حياة المجتمعات المحيطة بها لا يعكس فقط إرادة قوية، بل أيضًا التفاني في خدمة الوطن والمجتمع.

هدى عبد القادر تمثل نموذجًا مشرفًا للشباب الواعي والطموح الذي يسعى ليس فقط نحو تحسين بيئته المحلية، بل أيضًا نحو تحقيق استدامة حقيقية للموارد الطبيعية. من خلال جهودها المستمرة والمخلصة، أصبحت هدى رمزًا للتغيير الإيجابي في مجتمعها، حيث تجسد الدور الفعّال للشباب في العمل البيئي والتنموي. إن تفانيها في العمل التطوعي يعكس التزامها العميق بالحفاظ على البيئة ومكافحة التصحر، وهو التزام يتجاوز حدود المنطقة المحلية ليشمل وطنًا بأسره.

لقد أثبتت هدى، من خلال عملها المستمر مع مختلف الجهات التطوعية ومنظمات المجتمع المدني، قدرتها على التأثير في المجتمع وزيادة الوعي البيئي، مما أسهم في تعزيز ثقافة المشاركة المجتمعية في حماية البيئة والتفاعل مع مبادرات مكافحة التصحر.

إن مشاريعها لا تقتصر على المبادرات البيئية فحسب، بل تشمل أيضًا بناء جسور من التعاون مع المجتمعات المحلية، وتمكين الأفراد من اكتساب المهارات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة.

نتمنى لهدى عبد القادر المزيد من التوفيق والنجاح الدائم في مسيرتها التطوعية ونتطلع إلى رؤية تأثيرها المستمر في تعزيز التوعية البيئية والمشاركة الفعالة في مشروعات مكافحة التصحر، وأن تكون مثالًا يحتذى به لكل فرد من أفراد المجتمع الذين يسعون للمساهمة في بناء بيئة صحية ومستدامة لهذا الوطن العزيز.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

الزراعة شركة دال الزراعية تنجح بحصاد 240 فدان من محصول القطن عبر الميكنة

وزارة الزراعة والري والغابات تنجح في تشبيك شركات الانتاج الزراعي قطع مهندس صلاح الدين على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

البيئة بيتنا