محاكم اخر زمن قضاتها هم نفس قضاة العهد السابق ، ومن جعل لهم كرسيا وأعطاهم قلما ليكتبوا ما أمرهم به ، هم اليوم عليه حاكمين ، فقد فعل العظائم وهم يحكون عن الصغائر ، قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق ، وهم يتحدثون عن الدراهم ، الا تستحون ، الا تذكرون مجدي وجرس.!! لما لا تسألوه في كم من الدولار قتلهم !! ألم تسألوه لما اعطاك إبن سلمان النقود ؟؟ ثكلتك أمك كم بعت له من نفس وأرض ؟؟ هل كان هذا المبلغ حلاوة عيدية أم بيعة خفية ؟؟ ايها القاضي فقد قال المدافع عنه انه فاقد الأهلية منذ ثلاث أعوام سويا ؟ فلم لم تسأل هذا المحامي وكيف بأميرك وهو هكذا حال يسوس الرعية ، فيا ايها المحامي قد جئت بشئ فريا ، فكان حريا بهذا القاضي الذي يتبرأ منه الكرسي الجالس عليه أن يسأل كيف وصلت إلى حكم البلاد وكم قتلت من العباد ، وكم حرمت اناس من الزاد ، وكم من قال حقا قرنته بالأصفاد ، تعطي وتمنع وفي جيبك مفاتيح السودان ، لك جميل الألقاب وكامل الصفات وما دونك خائن وعميل ، ولك من العملاء مالك لا يعصونك أمرا ولا ينكرون لك قولا ولا فعلا ومنهم من سماك الأسد تلتهم أولا ثم يأتي بعدك الحاشية والجاندرمه ، ومنهم من جعلك إماما وهادئا ، وآخر اباح لك قتل ثلث الشعب أو نصفه حتى أوشك ان يقول لك ما شئت لا ما شاءت الأقدار فأحكم فأنت الواحد القهار ، هكذا دوما أئمة السلطان ، فما علينا ، لكننا لن ولم نسمح بأن نعود الي الوراء ولن يكون في ركب النور سقط المتاع، ولن ولم يكن بيننا ساقط القول ، فلا كوع لحسنا ولا تحت جزمة جلسنا ولم نشرب من المالح ، بل غسلنا أديم الأرض من مائه المملوح فطابت الجروح بالماء الطهور ومنع الثاثاء من الظهور ، ولم نكن غنيمة فئ ولم تكن أرضنا ضيعة ولا دليلنا فافاء ،. فخرجنا من حياة الغاب والنبذ بالألقاب ، فقد ذبحنا تماسيح السلطان، وتركنا تنابلته في حيرة من أمرهم ، فوحدوا الكلمة واقطعوا عليهم الطريق فإنهم يجوسون خلال الديار يزرعون الفتنه فلا تلتفتوا لهم ولا تسمعوا لهم ولا يعجبكم قولهم ومظهرهم ، فإن جوهرهم خبيث ، إشاعات كثيرة وأحاديث إفك ينسجونها ، وبالأمس كانوا ينسجون من الكذب ما تستحي منه الألسن ، فمنهم من رأى البشير مع المختار يخطو ، ومنهم من رأى نافع في الحضرة النبوية ومن قبل كان الشجر معهم تكبير وقرود ملأها الإيمان تفجر الألغام ، وغزالة تفدي المجاهدين تجود بلحمها ، فما أسمى مكانهم لعل ابراهيم بينهم وكلهم إسماعيل ، فقد إنتهى الوعي المغبش ، وثلاث عقود كشفت المعقود ، فقد بطلت النفاثات في العقد كما أن الله لا يصلح عمل المفسدين ، فإن استكانت الأجساد فالنفوس كبارا ، فأحرسوا وأحترسوا فإن في الطريق معارج وبينه أكمات ، فكونوا تريافا لكل مريض ، فلتكن العيون فاتحة وأربطوا الشمس في أرضكم وجددوا خيوطها في كل ساعة وحين حتى لا تجد الخفافيش موطنا ، فالحذر فقد قهقهت الرياح خلف الخيام ، وعتاب حول الحقول فاضرموا نيرانكم لتنتصر السنابل على اسراب الجراد .
محمد عثمان المبارك