“جي. بي .أس”
الجميل الفاضل
يبدو أن أقوي ما في الإسلاميين علي الإطلاق أعينهم.. حيث لن يصدق عقل أن من ثار الناس ضدهم قبل عام تقريباً، معبرين عن رفضهم المطلق لهم باقذع لفظ، وأقسي عبارة.. تغنت نسوة “جمهورية أعلي النفق” آنذاك بدوسهم حيثما حلوا، وأينما وجدوا.. في صورة اداء حركي درامي راقص.
لا أدري كيف يتصور اليوم مثل هؤلاء أن في مقدورهم أن يسّوقوا لذات الناس أنهم هم أنفسهم الوحيدون المؤهلون الآن لتصحيح مسار ثورة قامت عليهم، أو ضدهم، أو قل لإقتلاعهم.
أعرف أن الشيطان قادر علي أن يزين الباطل للناس، فيرونه في صورة الحق أحياناً.. لكن لا أعرف أي شيطان هذا الذي يوحي لأناس ما يجعلهم يصدقون أنهم قادرون علي السباحة في ذات النهر مرتين، وعلي ذات النهج، وبذات الطريقة.
إن سرقة شعارات الثورة من قبل من ثار الناس ضدهم، تصبح مهمة مستحيلة، لا تقل إستحالة عن سرقة الكُحل من أعين النساء.
كما ان استدعاء تجارب مغازلة الجيش بقنظار ذهب كذوب، أو بفرية “أمان سودان” لم يتحقق.. لن تفت في عضد صف الثورة بمكونيه المعلوميين بالضرورة.
فلعبة إدارة “الدولار” الموازي الي عكس عقارب الساعة يدويا لن تجدي، بمثلما أن الهاب سعار الأسعار لن يعيد بالضرورة مُلكاً عضوضاً مضاعاً.
فلو أن كل الدجاج الإلكتروني، نّفش ريشهُ علي الفضاء السبراني بلا هوادة ضد د. عبدالله حمدوك، ومدني عباس، ود. أكرم التوم، ود. ابراهيم البدوي.. وطفق يتباكي بعطف زائف علي تنامي طوابير الخبر أمام المخابز، وعلي بؤس وسوء إدارة نظام اكرم الصحي، وعلي إنفلات دولار البدوي من عقاله، وعلي تفريط حمدوك في السيادة بوضع البلاد تحت انتداب اممي تحت الفصل السادس.. لن يغير كل ذلك من حقيقة أن الثائر ثائر امام من ثار بوجهه، وأن السارق سارق وإن تماهي وتقّنع وجها غير وجهه.
فإن ترصُد المدنيين وإحصاء انفاسهم، مع غض الطرف عن العسكريين وإبداء شيء من اللين، بل والملق لهم.. حيلةٌ لن تنطلي علي رجالٍ إختاروا شعبهم بعد أن خَبروا وعَرفوا كيف يمّكُر هؤلاء ببعضهم بعضا الي مدي يفوق كل سوء ظن.
إذ أن محاولات إرباك المشهد المستمرة، من خلال صناعة الشائعة وتصديقها، لن يزيد هؤلاء المُقتّلعين إلا خَبالا.. فإن بناء حكومات وهمية في الخيال، مثل تشييد قصور الرمال، لا محل لها من الإعراب.
حالها.. كالقاب مملكة في غير موضعها ..شأنها.. كالهر يحكي إنتفاخا صولة الأسد.
بمثلما ان إجترار إستقالات العسكريين.. دمبلاب، وحيدر الطريفي، والساعوري، ورشاد، بغية وضعها في إطار صورة تشيع الياس والاحباط في الناس من سوء المنقلب والمآل، لن تسرق في النهاية الاحلام، ولن تقتل بالضرورة الامل .
لكن جرّ شبح “كورونا” الي دائرة الصراع ليس مجرد محاولة بريئة لخلط اوراق اللعب، فالعبث بورقة هذا الفيروس والحال هكذا.. جريمة كاملة الاركان، لا تقل فداحة عن مخاطر اللعب بالنار، إن لم تكن هي أفدح بالطبع.