لجأ لبنانيون إلى “الزراعة المنزلية”، كأحد الحلول لمعالجة أوضاعهم المعيشية المتردية، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية يعانيها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990).
وتقوم “الزراعة المنزلية” على استثمار المساحات الفارغة أمام المنزل، لتأمين بعض الاحتياجات الغذائية، ولتوفير المال، الذي أصبح شحيحا في أيام عصيبة.
وبجانب انهيار سعر صرف العملة المحلية (الليرة) مقابل الدولار، يواجه اللبنانيون ارتفاعا جنونيا في أسعار المواد الغذائية والتجارية، مما يصعب عليهم تأمين احتياجاتهم المعيشية.
وبلغت نسبة ارتفاع الأسعار في الأسواق اللبنانية 70 بالمئة لمعظم المواد الغذائية، بعد انعكاس تراجع قيمة الليرة مقابل الدولار في السوق السوداء (غير الرسمية).
وتخطى سعر صرف الدولار الواحد عتبة 4 آلاف ليرة في السوق غير الرسمية، مقارنة بسعر الصرف الرسمي، البالغ نحو 1500 ليرة.
** طريقة للتوفير
قال محمد علي صادق، من مدينة بعلبك في بقاع لبنان الشمالي، للأناضول: “هذا (اللجوء للزراعة المنزلية) ليس غريبا في ظل الوضع الاقتصادي وأزمة الدولار وانتشار فيروس كورونا”.
وأضاف: “الناس لا يعملون، واللجوء إلى الزراعة البيتية هو من ضمن الحلول للتوفير في ظل الغلاء المعيشي.. كل من لديه أرض صغيرة أمام البيت يزرع، وهذا ليس بهدف التجارة”.
وتابع: “أنا زرعت كل أنواع الخضراوات أمام منزلي، بقدونس، نعنع، روكا، زعتر، فجل وبندورة وغيره.. الهدف هو الاستغناء عن الشراء، وهكذا نأكل من البيت خضراوات نظيفة، وبالدرجة الثانية بسبب الأزمة، فهناك الكثير من الناس لا يملكون المال ليشتروا حاجياتهم”.
وأوضح صادق أن “هذه العملية غير مكلفة، ويمكن لأي شخص أن يزرع في منزله.. تحتاج للقليل من البذور وبعض التجهيزات والمرشات (للري)”.
ومضى قائلا: “بالتأكيد هذه التجهيزات أكثر غلاء من السابق، لكن كل أحد باستطاعته أن يزرع أمام منزله، أشجع كل من لديه مساحة أمام المنزل أن يزرع، وهذا الأمر جيد في ظل الأوضاع التي نعيشها”.
ويعاني اللبنانيون من ارتفاع نسبة الفقر، وإغلاق مؤسسات صناعية وتجارية واقتصادية لأبوابها، وصرف موظفين من أعمالهم، وتقليص مؤسسات للرواتب، وتأخر أخرى عن تسديدها للموظفين.
** غير مكلفة
فيما قال وائل برادعي، وهو مهندس مدني، للأناضول: “الوضع الاقتصادي أصبح أسوأ، لذلك، ولتأمين حاجياتنا اليومية وللتوفير، التجأنا إلى الزراعة بجانب البيوت، وهي غير مكلفة والمياه موجودة، وهكذا يؤمن كل فرد احتياجاته اليومية”.
واعتبر نعيم برجولي، إعلامي صاحب قناة “فجلة” على “يوتيوب” وهي متخصصة بتعليم الزراعة، أنه “ليس من الضرورة أن يكون الشخص مزارع ليقوم بالزراعة المنزلية، وليس من الضرورة أن يكون لديه أرض ليكون مزارعا، الزراعة المنزلية هي هواية أو شغف، وبحاجة للاهتمام”.
وأردف برجولي للأناضول: “نلاحظ خلال الفترة الأخيرة أن هناك طفرة واهتمام بالزراعة نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد”.
وتابع: “قد يكون اللبنانيون تأخروا في الزراعة بالشكل المطلوب، ومن أسباب الأزمة، بحسب الخبراء والدولة، أنه لا يوجد لدينا زراعات كافية، الآن الجميع يزرع”.
ورأى أن “الزراعة بالمنزل تشعر بالأمان، حتى لو كانت الكميات ضئيلة، أنا أتكلف بموضوع تأمين المياه، لأني أشتري مياه الشرب لأروي المزروعات، أيضا أشتري رملا مخصصا فيه مواد طبيعية ومغذية، فيها القليل من الكلفة، ولكن النتيجة مفرحة”.
وختم بقوله: “لاحظت تطور التفاعل على قناتنا (فجلة) بالفترة الأخيرة، وخصوصا أن الجميع يريد تعلم الزراعة، فقناتنا تهتم بالزراعة وتعليمها”.
ويشهد لبنان، منذ 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، احتجاجات شعبية غير مسبوقة ترفع مطالب سياسية واقتصادية، أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة، وحلت محلها حكومة حسان دياب، في 11 فبراير/ شباط الماضي.
وأقرت الحكومة اللبنانية، في 30 أبريل/نيسان الماضي، خطة إصلاح اقتصادية، تستمر خمس سنوات، وتتفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية.