ايكوسودان حوار: مصطفى حسين حسن
– برزت مؤخرا العديد من التساؤلات المرتبطة باتفاق السلام الذي تم توقيعه في اكتوبر الماضي بالعاصمة جوبا وعدم تنفيذ مصفوفة اتفاق السلام كما تم الاتفاق عليه عضو مجلس السيادة الإنتقالي الاستاذ محمد حسن عثمان التعايشي يجيب على عدد من الأسئلة المرتبطة بقضايا تنفيذ اتفاق السلام وغيرها من الاسئلة المهمة، وإلى مضابط الحوار:-
س – كيف تصف الوضع الآن بعد مرور ست أشهر على توقيعكم إتفاق جوبا لسلام السودان ووصول حركات الكفاح المسلح للخرطوم؟
ج – إتفاقية السلام الذي تم التوقيع عليه بجوبا حاولت معالجة القضايا الأساسية لعملية الحرب والسلام وهي مرحلة (صناعة السلام)، الان مضى 6 أشهر وهناك قضايا متعلقة ببناء السلام، ولا يزال الطرفان يملكان الرغبة والإرادة في تنفيذ إتفاق السلام، وهناك إشكال يواجه تنفيذ الإتفاق وكحال كل المشاريع التي تعترضها بعض المشاكل، ولكن هناك إمكانية لمعالجتها، وإن استطعنا تنفيذ إتفاق السلام بالطريقة التي تم الإتفاق عليها يمكننا معالجة الكثير من المشكلات في هذا الصدد.
س- نصت إتفاقية جوبا على إنشاء قوة مشتركة لحماية المدنيين وحفظ الامن في دارفور في غضون ثلاث أشهر، والشاهد أن تنفيذ هذا الامر يواجه صعوبات، لماذا لم يتم تشكيل هذه القوة حتى الآن؟
ج – هناك عدة أسباب أخرت تشكيل القوة المشتركة لحفظ الامن والسلام بدارفور منها المشكلة التي واجهت الحركات للقدوم الى السودان والى مناطق التجميع، إضافة لذلك اخذت الحركات وقتا طويلا في جوبا قبل الوصول للخرطوم، هذا الامر أدى الى تغيير في جداول الترتيبات الأمنية وفي مختلف المجالات المرتبطة باتفاقية السلام. الامر الثاني المرتبط بتأخر تشكيل قوة حفظ السلام هو الظروف المالية للبلد لان تشكيل هذه القوة يتطلب دعما ماليا مباشرا لتوفير الآليات والزي والتدريب والدعم اللوجستي لإنشاء القوة المشتركة. وبحسب الاتفاق ان القوة المشتركة في المرحلة الأولى تتكون من ١٢ الف، الآن سلمت الحركات قوائمها للقوة الأولية التي سيتم تشكيلها وتفتح المعسكرات، تم الاتفاق على القوائم والآليات التي سيتم استخدامها في القوة الاساسية، اعتقد انه خلال الأسبوعين القادمين سيتم تشكيل قوة مشتركة قوامها ما بين ٣ آلاف الى ٥آلاف، هذه القوة تستطيع أن توقف بعض الجيوب التي بها إشكالات مثل غرب دارفور والمناطق التي حولها وكذلك شمال دارفور وجنوب دارفور أيضا.
س- هل القوات المتواجدة بالخرطوم على صلة مباشرة بالقوائم التي رفعت من الحركات، ام ان هذه القوة لا علاقة لها بالقوائم المرفوعة؟
ج- هذه القوة منقسمة لجزئين، هناك قوة مرتبطة بحراسة قادة الحركات بحسب نص الاتفاق (أي تنظيم لديه 45 فردا يتم تدريبهم الان ) وجزء من القوة الفائضة سيتم إرسالهم لدارفور لضمها الى القوة المشتركة.
س- بصفتكم رئيس لجنة مؤتمر الحكم والادارة، متى نتوقع قيام هذا المؤتمر والذي يأتي تنفيذا لاتفاق سلام جوبا؟
ج- الترتيبات الفنية المتعلقة بالتحضير لمؤتمر نظام الحكم والإدارة جاهزة، الإعلان رسميا عن مراحل المؤتمر سيتم خلال اليومين القادمين، المؤتمر عملية متكاملة سيتم من خلال ورشة فنية لمناقشة كل الموضوعات المتعلقة بنظام الحكم في السودان والمرحلة الثانية هي مرحلة الاستشارات مع القواعد بمختلف القطاعات في السودان وتستمر لمدة 7 ايام.المرحلة الثالثة هي مرحلة تجميع الاوراق الاساسية وعقد المؤتمر الذي سيحضره أكثر من 500 شخص ممثلين لمختلف القطاعات السياسية والفئوية والاجتماعية في السودان، يتداول المؤتمر حول 5 موضوعات أساسية وهي نظام ومستويات الحكم، هياكل الحكم، توزيع السلطات للمستويات المختلفة، الفيدرالية المالية، الحدود بين الاقاليم المختلفة هذه النقاط الخمس ترتبط بالإجابة على سؤال كيف يحكم السودان وتنظم بشراكات ثلاثية بين الخبراء والفنيين، شراكات بين الحكومة، شراكات بين القوى السياسية واطراف العملية السلمية.
س- يواجه مسار شرق السودان لاتفاق جوبا صعوبات في تنفيذه، ما هي المعضلة الرئيسية لتنفيذ اتفاق الشرق، ورؤية الحكومة لحل الاشكال؟
ج- إتفاق شرق السودان يجب أن يعرض في مؤتمر لأهل الشرق، وهذا هو الحل الذي يمكن أن يأتي فيه كل القطاعات السياسية والاجتماعية في شرق السودان ثم تضيف ما تراه مناسبا للإتفاقيه وتنفيذه، إن إتفاق جوبا لمسار شرق السودان وضع إعتبارا للقوى التي ليست جزءًا من الإتفاق.
مؤتمر شرق السودان الذي تم توقيعه من قبل في أديس ابابا لم يتم تنفيذه لذلك وضعت له اسس أكثر تفصيلا فيما يتعلق بكيفية عقد المؤتمر، وبدأنا نقاشا مع القوى التي لها ملاحظات على الاتفاقية او القوى التي وقعت على الاتفاق، هذه المناقشات مستمرة واؤكد ان مؤتمر شرق السودان سيعقد قبل مؤتمر نظام الحكم والادارة وسيكون مؤتمر الحكم والادارة مكمل للقضايا التي سترفع من مؤتمر شرق السودان.
س- هناك مداولات متعلقة بطلب تقدم به السودان لمجلس الأمن الدولي لإعفاء موسى هلال من التهم التي وجهتها له المحكمة الجنائية الدولية، ما مدى صحة هذا الامر، وكيف يؤثر ذلك على مسار العدالة بدارفور؟
ج- ليس لدي أي معلومة من قريب او بعيد حول هذا النوع من الطلب، المؤسسات التي انا جزء منها لم تناقش مثل هذا الامر، وفي كل الاحوال فإن اتفاق سلام جوبا والوثيقة الدستورية إتفقت على مبادئ او خارطة طريق للعدالة الانتقالية، فأي إجراء للعدالة الانتقالية في المستويات المختلفة يتم وفق اتفاق جوبا او وفق ما نصت عليه الوثيقة الدستورية.
س – ماذا تعني العدالة الإنتقالية لمن عانى من ويلات الحرب، وكيفية تنفيذها؟
ج – العدالة الإنتقالية تعني ان المجتمعات السودانية تعرضت خلال الحرب لتجاوزات كبيرة، وفي فترات الانتقال يجب تنفيذ كل السياسات المرتبطة بالعدالة الانتقالية من أجل تهيأة المجتمع للتعايش معا فيما بعد، من غير ذلك سيكون هناك اشكالات مرتبطة بالاحتقان، الكراهية وانقسام المجتمع، فبالتالي عملية بناء السلام لا تتم الا عبر إجراءات العدالة الإنتقالية من ناحية اخرى تحدثت الوثيقة الدستورية عن العدالة الانتقالية، وأقرت إتفاقية جوبا مؤسسات كثيرة متعلقة بالعدالة الانتقالية منها القضاء الجنائي، المحكمة الخاصة بجنايات دارفور، الحقيقة والمصالحة والعدالة التقليدية كل هذه الاجراءات والاسس تم الاتفاق عليها لمعالجة التجاوزات التي حدثت بهدف تعزيز مبادئ التعايش وسط المجتمعات السودانية، وهذا هو السبيل الوحيد الذي يقود الى مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية لمجتمع اكثر تصالحا دون التفريط في إجراءات العدالة.
س- برز إهتمامكم بمشروع السودان الاخضر، كيف يؤثر هذا المشروع على الاوضاع البيئية والاقتصادية والاجتماعية بالسودان؟
ج- مشروع السودان الاخضر هي محاولة للإجابة على سؤال حول مستقبل السودان، فالسودان يواجه تحديات بيئية كبيرة مرتبطة بتغيرات المناخ على مستوى العالم، ومرتبطة كذلك بتدهور القطاع البيئي على مستوى السودان، الثورة السودانية ثورة كاملة وهي لتعزيز فرص الانتاج، وزيادة الموارد الطبيعية والمحافظة عليها.وتضع الثورة السودانية ايضا في الاعتبار القضايا البيئية وزيادة الانتاج والبحث عن الطاقة البديلة، ونحن نريد ان نبدأ بثورة تشريع ورفع الوعي وسط القطاعات المختلفة ونضع في اعتبارنا التفكير جيدا في السكن البيئي الملائم، وكذلك علينا التفكير بالتعليم المرتبط برفع مهارة الاشخاص وربط ذلك بالتقنية واستخدامات الطاقة البديلة ورفع كفاءة المنتجين الزراعيين والمحافظة على الموارد الطبيعية والانتاج وتعزيز الوعي البيئي مهم لارتباطه بالوعي السياسي والتنمية والسلام الاجتماعي، وهناك إقليمان في السودان يمكنهما تعزيز مشروع السودان الاخضر وهي إقليم السافنا واقليم النيل ولفترة طويلة لم تتبنى الحكومات مشروعات ضخمة تطور من الحياة في هذين الاقليمين اللذان يمثلان رئة السودان.
س- هناك مبادرة تحدثت عنها الاسافير كثيرا متعلقة بالحوار السوداني السوداني بحسب طرح الاستاذ عبدالواحد محمد نور، اين تقف هذه المبادرة الآن؟
ج- الحكومة لم تتلق اي مبادرة مكتوبة توضح الاسس والمبادئ التي تقوم عليها مبادرة الحوار السوداني السوداني، ومع ذلك أعتقد ان اي حوار بين السودانيين وقضايا السلام والاستقرار السياسي مرحب به، في نهاية المطاف صناعة السلام قضية محكمة وإزالة الاسباب التي تعود الى الحرب يفترض ان نبدأ عمليات صناعة السلام بأسس محكمة وهذه قضايا معروفة يمكن النقاش حولها.
س- جرى مؤخرا توقيع إعلان المبادئ بين رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق اول ركن عبدالفتاح البرهان والقائد عبدالعزيز الحلو، ما هو الفرق بينه وإعلان المبادئ الذي وقع مع رئيس الوزراء سابقا؟
ج هناك فروقات شكلية وفروقات موضوعية بين الاثنين، الفروقات الشكلية هي ان اعلان المبادئ الموقع مع رئيس مجلس السيادة هو ذات إعلان المبادئ الذي اودعته الحركة الشعبية في المفاوضات لدى الوساطة عند بداية عملية التفاوض في السنة السابقة، والاختلاف الموضوعي هو ان الاتفاق الذي تم توقيعه باديس ابابا تضمن قضايا مثل الحماية الذاتية، بما يعني وجود جيشين وكذلك تضمنت قضايا مثل حق تقرير المصير كواحدة من اشتراطات تضمين مبدأ فصل الدين عن الدولة في الدستور. عكس ذلك فان إعلان المبادئ الموقع اخيرا في جوبا تضمن الجيش الواحد وهذا اختلاف أساسي ولم يتضمن مبدأ تقرير المصير كواحدة من الضمانات وهذا اختلاف اساسي أيضا.
س- في خاتمة هذا الحوار سؤال اخير، هل أنت متفائل بمستقبل الوضع في السودان، وكيف تنظر لما تبقى من عمر الفترة الانتقالية؟
ج- انا متفائل بحكمة بمعنى انني اتفهم ان الفترة الانتقالية وفق اهداف ثورة ديسمبر ووفق الاتفاقات التي تم التوقيع عليها، هي فترة إنتقال تعالج قضايا الانتقال في السودان، ومتفائل بحكمة لان هذا الامر لوحده ليس كافيا، ففي الوقت الذي نعمل فيه بصدق كبير وجد لقضايا البناء مثل الوصول للسلام ووقف الحرب، معالجة قضايا الجيوش المتعددة، وضع اسس للانتخابات في السودان، وضع اسس لقضايا العدالة الانتقالية في السودان، بناء علاقات ايجابية بين السودان ومحيطه الاقليمي والدولي، هذه القضايا تسير جنبا الى جنب مع قضايا واحتياجات الناس اليومية، فليست هناك اشكالات تواجه قضايا البناء ولكن هناك قضايا تواجه الاستجابة لمشاكل الناس اليومية وهذه القضايا في غالبها مرتبط بالمسائل الاقتصادية وقدرة مؤسسات الدولة المدنية للاستجابة للمطالب الحياتية للسودانيين.