يحتفي السودانيون بشهر رمضان ويقيمون ولائم الإفطار في الطرقات فيما يعرف بـ«برش الفطور»، الذي يفطر فيه عادة المارة والفقراء، وهي عادة قديمة، لكن الجديد أنها استقطبت أجانب وسفارات ودولاً للمشاركة في «إفطار الشارع» بغض النظر عن دياناتهم وبلدانهم، مجسدين في ذلك لوحة تسامح ديني واجتماعي فريدة، بل حتى رجال البحرية الأميركية (المارينز) شاركوا السودانيون طقوسهم ووزعوا وجبات رمضانية على المارة، رغم أنف مهنتهم «توزيع الدانات وإطلاق الرصاص».
ونظم «مجلس الصداقة الشعبية العالمية» الأسبوع الماضي «أضخم مائدة إفطار»، قدمت فيها أطعمة رمضانية من أكثر من 70 دولة حول العام، وذلك للتعريف بطقوس رمضان عند شعوب العالم، تحت اسم «رمضان في بلادي»، شارك فيها رسميون وشعبيون ودبلوماسيون وجاليات من قارات العالم المختلفة.
وشهدت الحديقة الدولية «أضخم وجبة منسف أردنية»، وأطعمة رمضانية لشعوب العالم، مثل «الغنجي» الهندية، و«ريندنق» الإندونيسية، و«الزغني» الإثيوبية، و«معجنات» صينية، و«شوربة» كورية، و«عصيدة» من جنوب السودان، و«مندي» من سوريا، و«عصائر» مصرية، إضافة إلى «المديدة» التشادية.
ودرج طاقم السفارة الأميركية في الخرطوم سنوياً على المشاركة في الإفطارات الرمضانية التي تدعوهم لها الأسر السودانية، ومن بين الإفطارات اللافتة التي شارك فيها طاقم السفارة، إفطار في مدينة بورتسودان شرق البلاد، قالت عنه السفارة إنها سعدت بزيارة المدينة بدعوة من السوداني طارق قيلي، نقل موقعها على «فيسبوك» أن الزيارة تدل على أهمية التواصل بين الناس والعمل معاً من أجل مستقبل شعوبنا.
وشارك نائب القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأميركية إرفين ماسينغا في إفطار نظمه من أطلقت عليه «صديق السفارة» عصام الشيخ في الخرطوم، وقال تعليقاً على الإفطار: «يسعدني أن أكون هنا الليلة لمشاركة الإفطار مع أصدقاء عصام الكثيرين، لم ألتقِ بأناس كرماء مثل السودانيين أبداً، وعصام الشيخ مثل هذا في هذه الليلة»، وأضاف: «هذا الترحيب للجميع هنا يمثل أفضل التصوف».
ومن العادات الرمضانية السودانية الشهيرة، قطع الطريق على المارة والسيارات لحظة الأذان، وتعرف بـ«عوج الدرب»، ويوقف خلالها الناس السيارات والمارة لتناول وجبة الإفطار معهم، وهو تقليد أعجب الأميركان في السودان على ما يبدو.
وسألت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في الخرطوم على صفحتها على «فيسبوك»: «لماذا يحب الأميركيون رمضان في السودان كثيراً؟!»! وأجابت عنه: «لأنهم يستمتعون بالمشاركة في العادة السودانية الفريدة، في توقيف الغرباء على الطريق والتلويح لأصحاب السيارات لتناول الإفطار بغض النظر عمن هم أو دينهم».
وشاهد المارة موظفي السفارة الأميركية، وبينهم أفراد من مشاة البحرية الأميركية يوم 28 مايو (أيار) الماضي، يوقفون السيارات ويقطعون الطريق ليوزعوا المياه على الصائمين في شارع النيل بالخرطوم، ويدعونهم لتناول الإفطار على الطريقة الأميركية المكون من «الدجاج المقلي مع شرائح البطاطا المقلية وسلطة الكول سلو».
وقالت سفارة واشنطن: «نستمتع كثيراً بأجواء شهر رمضان في السودان، لأنه يمنحنا الفرصة للتواصل مع السودانيين بصورة مباشرة، وخصوصاً أن تبادل الثقافة والطعام والتقاليد يكسر الحواجز وتقوي العلاقات».
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
واستضافت ضاحية «الكلاكلة» جنوب الخرطوم 15 من موظفي السفارة الأميركية بما فيهم مشاة البحرية (مارينز) في إفطار رمضاني، شارك فيه المستشار السياسي للسفارة بين والاس، الذي قال: «هذا الإفطار فرصة لإظهار تقدير السفارة الأميركية للثقافة السودانية والشعب السوداني»، وتابع: «كان الأكل طيباً، وشكراً لعائلة الضو الهاشمي متمثلة في عباس ومختار، على استقبالهم الحار والضيافة التي لا تنسى».
وشارك الأميركان في مائدة أحد رجال التصوف السودانيين الشيخ مجتبى الشيخ عبد الرحمن الفوتي بحي «أم بدة» الشعبي، وهي ما وصفتها نشرة صادرة عن السفارة بأنها «تجربة فريدة وإفطار رمضاني طيب»، وتابعت: «شهر رمضان المبارك فرصة لتقوية التواصل والترابط مع العائلة والأصدقاء والأحباب». وقال مدير العلاقات العامة بالسفارة كيث هيوز تعليقاً على الإفطار: «إنه لشرف لي أن أحضر إلى هنا، لأرى كيف يحتفل السودانيون بشهر رمضان، وأشهد كرمهم السخي، وإن هذا التواصل المباشر بين السودانيين والأميركيين، سيساعد في فهم كل من الآخر». وتابع: «هنالك تشابه كبير بين الولايات المتحدة والسودان في التعدد والتنوع». وفي ختام الإفطار أهدى هيوز مضيفه «نسخة مترجمة من القرآن الكريم»، وقدم شرحاً عن كيفية تنظيم الدين للحياة ويبعث رسالة سلام.