خاص أيكوسودان بقلم د محمد صالح
لا شك أن العالم الآن قد تغيرت خارطته وفي كل نواحي الحياة بفعل جائحة الكورونا، ولا شك من أن الكورونا خلّفت الكثير من الآثار الضارة أهمها الموت الذي أزهق العديد من الأرواح والمرض الذي عطل آلة الإنتاج وأثر في الحالة النفسية للناس وحتى اللقاحات التي اكتشفت كثر عنها اللغط هذا بالرغم من أنها وحتى الآن أثبتت بأن البحث العلمي في هذا المجال يسير بخطى حثيثة في الطريق الصحيح. كما أن هنالك أضراراً اقتصادية عالمية بالغة الاثر مثل فقدان مئات الملايين من العاملين في القطاعين العام والخاص لوظائفهم، وزيادة تكلفة الانتاج لبعض السلع وبالتالي ارتفاع الاسعار وضعف القوى الشرائية. وأكثر القطاعات تأثرا بذلك السياحة والطيران والبنوك والعقار والمطاعم … الخ
ولكن هنالك بعض الايجابيات التي خلفتها هذه الجائحة تتمثل في انخفاض نسبة التلوث البيئي بسبب قلة الحركة للعربات والآليات في فترات الحظر ، واكتساب الناس لعادات صحية جديد كالتباعد، ولبس الكمامات وغسيل الايدي باستمرار مما يقلل من خطر الاصابة بأمراض أخرى، واختصار بعض العادات الاجتماعية من فرح وكره لتكون في أضيق نطاق ممكن، واختبار تجربة التعليم عن بعد، والاعتماد على الحكومة الالكترونية في انجاز العديد من المعاملات. ولكننا عندما نأتي لنتحدث عن الأمر في السودان، فنجد أن الكثير من النقاط التي ذكرت أعلاه ليس لها علاقة بالواقع المعاش، فالناس غير مبالية بهذا الوباء الفتاك سواء في الأماكن العامة أو المناسبات الخاصة، ومثال لذلك مجمعات خدمة الجمهور، البنوك والمطارات والأسواق والمولات والمواصلات العامة، فالخلل هنا يرجع بعضه لعدم الوعي وروح اللامبالاة التي اصبحت تسود المجتمع بشكل مخيف، كما ويرجع من ناحية أخرى أيضا لضعف الآلة الاعلامية ودورها في التوعية، وعدم تعامل بعض المؤسسات الحكومية مع الأمر بمسؤلية. ومثال لذلك الصورة المذرية لاجراءات ترخيص وتجديد رخص العربات في مجمعات الجمهور من قبل مقدم الخدمة وتعقيد الاجراءات والروتين الممل والبروقراطية غير المبررة في الخدمة، ووجود بعض المراجعين بداخل الكاونترات مما يعطل الموظف عن خدمة الجمهور. فلا يعقل أن تمر معاملة تجديد عربة عفى عليها الدهر بعشرة صفوف وشبابيك وعدد من الاختام! وحتى حامل الختم كأنه يحمل خاتم النبوة. ومن ثم بعدها الانتظار لساعات لاستلام أو عدم استلام المعاملة بشكلها النهائي. أيضا هنالك مشكلة عدم وعي للمجتمع من خلال التزاحم والتدافع وعدم ترك مسافات كافية بين الناس. هذا غير حرف الواسطة الذي سيدمر ما تبقى من خدمة مدنية والمشكلة الأكبر في القوات النظامية التي يأتي الفرد منها ليتقدم صفوف الجمهور في أي وقت لانهاء معاملته لأن لبسته العسكرية أو بعض الاوسمة والنياشين والنجوم التي على كتفه أعطته الحق في ذلك. أضف إلى ذلك عدم وجود نظام واضح للعمل حيث يمكن أن يتم تحويلك من شباك لشباك مثل كرة البنغ بونغ. يعني باختصار فوضى مبالغ فيها وغياب تام لأي ضمير أو وازع ديني أو قانون له هيبة أو حتى عرف يحفظ للناس حقوقها. فلك الله يا وطني الذي يرذل الحال فيك يوم بعد يوم. كسرة وبعد ذلك تطلع عشان تقيف في صف البنزين تمهيدا لزيادة سعره القادم.
شاهد أيضاً
كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي للطفل.
في العام 1954 أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء بتخصيص يوم عالمي للأطفال …