إن ظروف الحياة والتقدم المتسارع وكل المعطيات والأزمات العالمية الحالية وأحداثها تعطي إشارة مهمة على أنه لا يمكن لأي دولة أن تعيش في معزل عن باقي العالم، ومهما كانت قوتها ومواردها، وليس هناك دولة تمتلك كل شيء وخصوصاً الموارد الكاملة التي قد تعطي الاكتفاء الذاتي بكل شيء، لذلك فان التكامل الإقليمي هو الأنجح ويمكن له أن يزيد من النمو الإقليمي، وبالتالي العالمي ويتصدى لمشاكل الفقر والجوع ويعيد حركة حياة التنمية من جديد لكثير من الدول ويعزز المساندة السياسية ويهدئ من عشوائياتها.
التكامل، هو الأقوى في توفير البنية التحتية لبعض الدول التي لا تستطيع بناءها والاستمرار بها أمام التزايد السكاني فيها، مثل الطرق والطاقة والمياه، وهذا الذي يشجع ويفتح آفاق نمو التعاون والتنمية.
اليوم ونحن أمام تهديدات صعوبة الحياة وزيادة البطالة، ومع حالة التراخي لمعالجة هذه التحديات، والتفاوت الكبير في اقتصاديات الدول، إلا أننا نرى ضعف وتخبط في كثير من الأنظمة الاقتصادية والتي رأينا سرعة انتكاساتها عند أي متغيرات سلبية على المستويين الإقليمي والعالمي. كما وان اتساع النفوذ السياسي لكثير من الاقتصاديات الفردية على حساب السيادة الوطنية للدولة، وضعف المناعة الاقتصادية تجاه الصدمات المفاجئة للاقتصاد الإقليمي والعالمي، بالإضافة إلى الاستغلال الجائر في العمالة وهجرة العقول الماهرة هو أيضاً من التهديدات?الواضحة في هذا الزمن، والتي يمكن للتكامل الإقليمي أن يحد من تسارعها وبالنهاية الانتهاء منها.
كذلك فإن الاحتكار للتكنولوجيا وعدم نقلها أو توطينها من قبل الدول المتقدمة والتي حولت الاقتصاد إلى أساسيات نظرية غير ملموسة مثل البرمجيات، واعتماد الحياة الرقمية وتعظيم دور الذكاء الاصطناعي بالإضافة إلى التغيرات المناخية، والتي بدأت تؤثر على خريطة الإنتاج الزراعي في العالم كله، كل هذا وما تقدم يزيد من تعقيدات مشاكل الدول وتحدياتها، ولا خلاص إلا بالتكامل الإقليمي الذي سيساهم في حل الكثير من الأزمات الداخلية للدول، وسيحد من التغول الاقتصاد المالي على الاقتصاد الحقيقي الذي كان سبباً في زيادة نسب التضخم.
التكامل الإقليمي يحتاج بداية لإرادة سياسية عالية الهمة، لكي نصل الى تحقيق زيادة وتدعيم القدرة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للجميع