الجمعة , مايو 17 2024
أخبار عاجلة

سيد الراي يكتب: زرزور جنوب دارفور من يد الدمبارة الى الطيارة.

بقلم د. الحافظ عبد النور
نيالا ٨/١٠/٢٠٢٢
* قولة خير:
وأنت تبحث او تتكلم عن السياسة او الاقتصاد او
التعليم، او اي من امور الحياة وشؤنها، خاصة في الدول النائمة لا بد من قراءة او سماع بعض الاسماء والعبارات التقليدية ذات العلاقة بهذه الموضوعات. فالعلوم الاجتماعية كلها تدور في فلك الانسان وهي منه واليه.
* عرضحال:
منذ بداية الموسم الزراعي الحالي واجهت المزارعين في ولاية جنوب دارفور مصاعب جمة تمثلت في صعوبة الحصول على التمويل، غلاء التقاوى، شح الوقود مع صعوبة الحصول عليه، صعوبة إيجاد التراكتورات، وغيرها من المشاكل والصعوبات، رغم الجهود المقدرة التي بذلها مسؤلو الزراعة في الولاية والتي ساهمت في تخفيف المعاناة. لكن اكبر المشكلات تمثلت في ظهور طيور الزرزور هذه الآفة الخطيرة التي عمت جميع ارجاء الولاية وبعض ولايات الجوار. ولما كانت المساحات المزروعة في السابق ضيقة ومحدودة كان المزارعون يلجأون الى وسائل الوقاية التقليدية، منها قطع الاشجار التي تتوالد عليها الطيور وتخريب اعشاشها واصدار اصوات تمنعها من النزول على المزارع بالاضافة الى استخدام السحرة الدمبارة واحيانا رجال الدين في طرد الطيور او منعها من اتلاف الحبوب.
* مخاوف وتبليغ واستجابة مبكرة:
مع ظهور اول سرب من الطيور هذا العام، بدأ المواطنون في التواصل مع الجهات المعنية، ولما كانت لهذه الجهات من خبرات متراكمة في مكافحة الآفات، مما دفعها لإعمال اجراءات المسح والاتصال بمنسوبيها في المحليات اولا للتاكد وإعمال التقديرات والاجراءات اللازمة، الامر الذي اعتبره المزارعون تلكؤا وتماطل، فازدادت الشكاوى والتململ مع شيء من الهمس بالشكوك حتى عندما بدأت عمليات المكافحة الجوية، متحدثين عن تركيز المبيد ودرجة الاهتمام مما حدا بمواطني محلية عد الفرسان لقفل الطريق الرابط بين نيالا ورئاسة محليتهم احتجاجا على عدم ارسال طائرة الرش اليهم، وتبعهم في ذلك مواطنو تقريس بمحلية السلام الذين قاموا بقفل ذات الطريق بمنطقتهم احتجاجا على سحب الطائرة الرابضة في مهبط تقريس في الوقت الذي لم تغطى فيه اماكن توالد الطيور في كرانق وتمد العرد ورهد الكداد وغابة ظلمات وغيرها.
* جهود رسمية:
عقب احتجاجي عد الفرسان وتقريس قامت قيادات وزارة الزراعة بزيارات ميدانية متكررة الى تلك المناطق إنابة عن حكومة الولاية وخاطبت المحتجين هناك وقامت باجراءات فورية تمثلت في ارسال الطائرة المعنية الى عدالفرسان، كما قامت بزيارة هي الثانية الى تقريس برئاسة المهندس حماد محمد موسى الوزير المكلف والاستاذ حافظ ابوبكر مدير وقاية النباتات ومحمد الشريف مدير ادارة الزراعة بصحبة الاستاذ ادم عثمان زيادة المدير التنفيذي لمحلية السلام، وقد كان لادارة المرور السريع بقيادة المقدم شرطة د. محمد احمد سبيتة دور في كبير في فتح الطريق وانجاح الزيار. وقف الوفد في تقريس اولا على كمية براميل المبيدات المكتوب عليها لمكافحة الطيور فقط ماركة فن بست ULV 6 انتاج ٢٠٢٠ الذي تمتد صلاحيته الى ٢٠٢٣ من صنع اليابان وهي ٥ براميل سعة الواحد منها ٥٠ لتر، ويكفي اللتر لرش ١ هكتار. هذه البراميل جاهزة لطلعة مكافحة مساء ذات اليوم وتضاف اليها كميات اخرى بصورة متتالية عقب استخدام الموجود بالميدان وتسليم الفارغ لسلطات الوزارة، وهو مخصص لطيور الكويليا او ما يعرف محليا بالجيجي او قدوم احمر.
* صعوبات لوجستية وعدم تفهم الوضع:
قال المهندس حماد محمد موسى وزير الزراعة الولائي المكلف ان عمليات مكافحة الزرزور لهذا العام واجهتها صعوبات ادارية ولوجستية منذ البداية، تمثلت في عدم تقدم اي من شركات المكافحة الجوية للعمل في دارفور، فاضطرت الحكومة المركزية لارسال ٣ طائرات تتبع لمنظومة الصناعات الدفاعية منها ٢ لجنوب دارفور وواحدة لشرقها سقطت في منطقة كلاجو بمحلية شعيرية، فتم ارسال إحدى الطائرتين المخصصتين للولاية للعمل هناك مما تسبب في إبطاء تغطية المناطق المستهدفة بعمليات الرش هنا. بالاضافة الى ان تكلفة المكافحة الجوية تبلغ ١٧٠٠٠٠٠ مليون وسبعمائة الف جنيه للساعة الواحدة بالاضافة الى رداءة الاحوال الجوية، واضاف الاستاذ حافظ ابوبكر مدير وقاية النباتات بالولاية ان هناك صعوبات اخرى تضاف الى ما ذكر تتمثل في ان طائرة الرش تحتاج الى ثمان ساعات لتصل من الخرطوم الى نيالا و كذلك تاثر المهابط بنزول الامطار التي تتسبب في انزلاق الطائرات كما ان الامطار نفسها تتسبب في إفساد المبيد اذا ما نزلت عقب الرش مباشرة هذا الى جانب الصعوبات التي تواجه خبراء المسح الارضي الذين يقومون بتحديد اماكن توالد الطيور في الغابات الكثيفة التي تتواجد في وحول الرهود ومجاري المياه التي تتميز بالوحول والاشواك وانتشار الحشرات السامة والثعابين. لكن المزارعين وخوفا منهم على محاصيلهم ولغياب المعلومات عنهم لم يتفهموا هذه الصعوبات فثاروا واحتجوا بمسؤلية وحققنا لهم ما يريدون.
* يا طير غني غني:
المفتش الزراعي المهندس عبد الحفيظ هرون المشرف على عمليات الرش الذي يمكن ان نطلق عليه لقب ملك الطيور لاخلاصه في عمله واهتمامه بمواعيد التجهيز والطيران لرش الزرزور وجدناه بمهبط تقريس وتحدث لنا باستفاضة عن مبيد الفن بست الذي قال ان مدة إبادته للطيور تمتد من يوم الى ٥ أيام، ثم تحدث عن الرشاشات ونوع الوقود والزيت المستخدم كوقود للطيران وعن تفاني واهتمام رفيقه الاوكراني كابتن شاس قائد الطائرة وعن عمليات ابادة الآفة في عد الفرسان عقب الاحتجاج ثم اصطحب وفد الوزارة الى غابة ظلمات الواقعة بين منطقتي ود الميرم وديمو بمحلية السلام لرؤية الطيور التي ابيدت في آخر طلعة لهم قبل ٢٠ ساعة من الزيارة. وهناك بغابة ظلمات عند مدخل الغابة تكاد لا تسمع غير صوت الطيور الارامل منها واليتامى والثكالى والمحتضرة إن جاز التعبير. هي اصوات تبدو للبعيد انها زقزقة او شقشقة او سمها غناء، ولكن حينما تدخل الغابة وتنظر تحت الاشجار وترى بام عينيك الطيور النافقة والمحتضرة والسكارى والحيارى، تدرك ان تلك الاصوات ليست تغريدا عاديا، بل شجن أليم تحكي وتشكي الفراق.
* عمل جميل، ولكن:
تلك عبارة قالها حافظ ابوبكر مدير وقاية النباتات بالولاية داخل عربة الوزير اثناء العودة من غابة ظلمات عقب مهاتفته من احد المختصين من خارج الولاية، لكنه استدرك قائلا: على الرغم من اننا لا نريد قتل الطيور لمجرد القتل، لولا الاضطرار… مضيفا: على كل ماتوا موتة جن. وكان حافظ قد اوضح ان عمليات المكافحة بالرش بالمبيدات قد انتهت او اوقفت عالميا، الا هنا في السودان ولا بد من التحول الى المكافحة البيولوجية حفاظا على البيئة.
* ومع ذلك:
تلك جهود قام بها مسؤلو الزراعة في حكومة جنوب دارفور، لكن مع ذلك هناك مزارع تاثرت بهجمات الطيور بل اتلفت بعضها تماما، لذلك لابد من الاسراع في استقدام الطائرة الاخرى التي ذهبت الى شرق دارفور والاستعجال في تغطية الغابات التي لم تغطى بالاضافة الى حصر الكميات المنتجة من الحبوب ومقارنتها بالحاجة الفعلية للمواطنين مع وضع تصديرها او تهريبها الى دول الجوار في الاعتبار، وكذلك الاستعداد لمكافحة آفات الزراعة الشتوية واشجار الفاكهة خاصة من الجراد ساري الليل والعنتد والجندب والفئران ودودة العسل والكرمشة.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

الطيور المهاجرة.. بالدولار

بقلم/ منى مصطفى مجهودات مقدرة من شرطة الحماية البرية يقوم بها سعادة اللواء شرطة عصام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا