الخميس , مايو 9 2024
أخبار عاجلة

العيلفون … رموز ومعالم

البروفسور/ الإمام الخضر محمد نور
————————————–
(الرائد … العالم … العميد )
(١٩٣٢ – ٢٠٢٣م)
—————————————-
مدخل:
من الظواهر المبهرة الواضحة للعيان أن مدينة “العيلفون” بلدة الرمز الصوفي العلم “الشيخ إدريس ود الأرباب ” رائدة حضارة وصانعة أمجاد أدركها “التعليم النظامي” منذ مطلع عشرينات القرن الماضي هذا فضلا عن “تعليمها الديني ” الراسخ الذي امتد إلى مئات السنين وكان من نتاج هذا العنفوان التعليمي المتوارث أن رفدت إلى سماء السودان الوطن العزيز عشرات العلماء والأدباء والشعراء والمفكرين في المجالات كافة ” و يُعد البروف / الامام الخضر واحدا من نجوم هذا الجيل النوابغ الذين نحتوا الصخر بأظافرهم في أربعينات وخمسينات القرن الماضي؛ فتقلدوا ارفع المواقع وبلغوا أعلى المراتب ؛ ولا يزال سيل عطائهم الميمون يتدفق وينهمر من معين لا ينضب ولا يجف … البروف الامام وأخوانه ورصفائه أمسكوا بمشاعل هذا الحراك التعليمي النظامي الذي لم تألفه بيئة وثقافة وأعراف ذلك الزمان وتبلور هذا الحراك غير المسبوق ومهد الطريق للأجيال الصاعدة من أبناء العيلفون وغيرهم ليسلكوا الدرب ذاته وبين هذا وذاك ؛ حملت الأنباء وفاة العالم الجليل البروفسور/ الإمام الخضر محمد نور ووري الثرى بمقابر أهله بالعيلفون مساء أربعاء حزين الموافق “٢٠٢٣/٨/٢٣م ” ، والبلاد تعيش أسوأ أيامها الكالحات “حرب الخامس عشر من أبريل 2023م” ، التي دمرت كل شيء جميل في حياتنا أو كادت أن تدمر مابقي من تاريخ ومجد وإرث وحكمة وأريحية وأدب وخلق وأخلاق وجمال وتسامح وسماحة أمة صنعها بقية صفوة الرجال من سلفنا الصالح أمثال راحلنا العزيز البروف الإمام الخضر .
عالمنا الجليل الإمام الخضر الذي نحسبه – أن شاء الله- من أولئك النفر الكريم من السودانيين الأبرار أبناء جيل الافذاذ الذي سبق الاستقلال وحملوا لواء العلم والتعليم نبراساً وعنواناً وشقوا طريق الحياة عبر طرق وعرة وشاقة في إباء وعزم وعزة وشرف
وصمود فاجتازوا الصعاب وبددوا المستحيل وسطروا أعظم المواقف وحققوا أرفع الانجازات ووضعوا بصمات واضحة المعالم فوق خارطة الحياة السودانية المعاصرة العلمية والأكاديمية والبحثية الرفيعة وأحكموا حلقاتها خلقاً وأدباً وعلماً وتواضعا وإشراقاً .
محطات عابرة في السيرة الذاتية للبروفسور الإمام الخضر محمد نور :

أولاً : المولد والنشأة ومراحل التعليم والأسرة :

١٩٣٢ م: ولد بقرية العيلفون ودرس فيها المرحلة الأولية ودرس المرحلة الأوسطى بمدرسة بحري الإميرية الحكومية والمرحلة الثانوية بمدرسة وادي سيدنا .
١٩٥٣م : التحق بكلية الزراعة بجامعة القاهرة وحصل على درجة
البكالاريوس في الزراعة .
١٩٥٧م : عُين معيداً بكلية الزراعة بجامعة الخرطوم ” شمبات ” في قسم وقاية النباتات .
١٩٥٩م : حصل على درجة الماجستير في كلية الزراعة بجامعة الخرطوم.
١٩٦٠م : بعث لكلية العلوم بجامعة لندن ونال شهادة الدكتوراه في علم الحيوان -الحشرات .
١٩٦٧م : أختير محاضراً اول بكلية الزراعة بجامعة الخرطوم .
١٩٧٦م : منح درجة الأستاذية (بروفسور ) بكلية الزراعة بجامعة الخرطوم .
١٩٨٤- ١٩٨٧م: اختير عميداً لكلية الزراعة بجامعة الخرطوم .
١٩٩٠- ١٩٩٦ م: شغل منصب مدير الدراسات العليا للعلوم الزراعية والبيطرة بجامعة الخرطوم .
والده: المرحوم /الخضر محمد نور الامام من أهالي ضاحية الجريف شرق بالخرطوم بحري الذين تنحدر أصولهم من محس جزيرة توتي .
والدته :المرحومة / كلتوم بنت العمدة محمد ود عبد القادر شقيقة المرحوم الشيخ /بخيت العمدة بالعيلفون .
زوجته :المرحومة /نفيسة محمد الحسن بابكر ( ضم الكاف) وهي تنتمي لال الطمبلاب وال المكي وهما من الأسر الكريمة العريقة بالعيلفون .
الأبناء :
دكتور/ الرشيد الامام الخضر ؛أستاذ مشارك بجامعة الخرطوم – كلية الزراعة قسم الاقتصاد الزراعي ومدير منتدب لمشروع التعداد الزراعي الشامل للسودان ( ٢٠٢٠-٢٠٢٤) –
المهندس محمد الامام الخضر مهندس اتصالات وتقنية معلومات -ماجستير حاسوب وشبكات -مدير شركة ( انتجلنتسيس ) للاتصالات والحلول المتكاملة .
بناته :
الدكتورة الطبيبة/ نوال الامام الخضر استشارية طوارىء الاطفال بمستشفى (برادفورد ) بالمملكة المتحدة
الدكتورة/ الصيدلانية/ إشراقة الامام الخضر -زمالة إدارة الخدمات الصيدلانية -مدير إدارة النباتات الطبية والعطرية بوزارة الصحة بولاية الخرطوم .

الاستاذة/سامية الامام الخضر – ماجستير في السكان والتنمية – مساعد باحث بالمجلس القومي للسكان .

من أبناء العيلفون وأصدقائه ودفعته الذين سلكوا الطريق ذاته: الاستاذ / احمد الشيخ ادريس مناع( محافظ الخرطوم في مطلع الثمانينات ) -البروفسور /مامون يوسف حامد(استشاري الاطفال ووزير الصحة في الفترة الانتقالية ) -الاستاذ/ احمد محمد الامين( خبير الاقتصاد ومدير شركة التأمينات ) -البروفسور /ابراهيم احمد عجبنا( مدير هيئة البحوث الزراعية ) وغيرهم -رحمهم الله جميعا –

ثانياً : الإسهامات العلمية والعملية في جامعة الخرطوم

شارك في وضع وتطوير المناهج والمقررات لطلاب البكالاريوس والدراسات العليا بكلية الزراعة بجامعة الخرطوم .
قام بدراسات بحثية متعددة في مجال “بيولوجية” وبيئة الحشرات وأثرها على بعض آفات المحاصيل الحقلية والنحل وآفات المخازن .
أشرف على المئات من رسائل طلبة الدراسات العليا على مستوى الماجستير والدكتوراه .
في داخل جامعة الخرطوم تقلد عدداً من عضوية المجالس واللجان الأكاديمية والإدارية على مستوى مجالس الكليات ومجلس الأساتذة ” *السنت* ” وهو أرفع منصب إداري وعلمي في جامعة الخرطوم إلى جانب عضويته في مجلس إدارة جامعة الخرطوم و تقلده لعضوية اللجنة الإستشارية العليا للدراسات الأكاديمية لجامعة الخرطوم .

ثالثاً : مشاركات علمية وعملية خارج إطار جامعة الخرطوم :

شارك في عضوية كثير من اللجان الفنية والمجالس العلمية والإدارية في في مؤسسات ذات صلة بمجال تخصصه منها هيئة البحوث الزراعية والمركز القومي للبحوث وإدارة وقاية المحاصيل بوزراة الزراعة واللجنة الفنية لحماية البيئة .
على المستوى القومي عمل عضواً بمجلس إدارة جامعة أم درمان الإسلامية .
عين عضواً في الهيئة العليا للتعريب بوزارة التعليم العالي والبحث العالي .
عضو لجنة الاختيار لجائزة الشهيد الزبير محمد صالح للإبداع والتميز العلمي في مجال العلوم الزراعية .
ساهم بكفاءة مع مركز أبحاث المكافحة ( البيولوجية ) للحشرات بولاية ( اريزونا- بمدينة فينكس ) بالولايات المتحدة الأمريكية .

رابعا : المشاركات الدولية والخارجية :

عضو اللجنة الأكاديمية للبرنامج الإفريقي للدراسات العليا في علم الحشرات بنيروبي
عمل كممتحن خارجي لجامعة “أبادن ” بدولة نيجيريا .
متعاون مع جامعة الملك سعود بالرياض في عدد من المجالات البحثية والعلمية .

زار عدد كبير من الدول الأفريقية والأسيوية والأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية لأعمال البحث و التدريب والتعرف على الطرق الحديثة لتربية ومكافحة الحشرات الضارة ؛ وذلك بتمويل من مؤسسات ” روكفلر ” هيئة التغذية والزراعة العالمية ” الفاو ” والوكالة الدولية للطاقة الذرية .
خامساً : مجال النشر والتأليف :

نشرت له العديد من الأوراق العلمية التي شملت نتائج البحوث والدراسات العلمية في مجلات علمية محكمة وأخرى في مداولات عدد من المؤتمرات والسمنارات المحلية والإقليمية والدولية .
شارك في تأليف القاموس الزراعي الموحد ” عربي وإنجليزي ” ولا يتسع المجال لنشر هذه الأوراق والمنشورات .

سادساً : الأوسمة وشهادات التكريم :

منح عدداً من شهادات التكريم من جهات محلية وإقليمية ودولية .
نال وسام العلم والآداب والفنون الذهبي من رئاسة الجمهورية يتاريخ : ٢٠١٠/٢/٢٥ م في مجال التربية والتعليم والعلوم .

سابعا :في رفقة الشاعر الجاغريو وبدايات المد الثقافي الرياضي بالعيلفون:

يعد البروف الامام من الجيل الاول الذي عاصر وشارك في تأسيس نادي ( الوفاق) ( شيخ الأندية ) بالعيلفون ( ١٩٤٦م ) ؛ ولاعبا مميزا ضمن فرقته الأولى التي تزينت بشعاره وأسهم مع زملائه ورصفائه في وضع اللبنة الأولى للمد الرياضي الثقافي الاجتماعي بالعيلفون فأصبح ( الوفاق) ؛ قبلة أنظار الطبقة المستنيرة من أبناء العيلفون الذين حظيوا بمواصلة تعليمهم في المدارس الثانوية القليلة في ذلك الوقت ( حنتوب – وادي سيدنا ) فأحدثوا حراكا ثقافيا ورياضيا غير مسبوق في أيام العطلات المدرسية عبر عنها شاعر العيلفون الكبير المرحوم/ أحمد محمد الشيخ ( الجاغريو ) باغنيته المشهورة في تلك الأيام (بارياهم قلوبنا …الطلبة الأوحشونا …بتين العودة تاني…. ؟!!!) …هذا قبل أن يدور الزمان دورته الحتمية ويطوي الكتاب بصفحاته الزاهيات ويزف نبأ الرحيل والوداع الاخير !! .

ثامناً : مواصلة رحلة العمل إلى آخر العمر :
—————————————

امتدت فترة عمله بجامعة الخرطوم لما يقارب نصف القرن *” ١٩٥٧* – *٢٠١١م* ” ولم يغادرها طوال هذه الفترة لأي سبب من الأسباب ؛ وهو بهذه الصفة يعد من المؤسسين لكلية الزراعة بجامعة الخرطوم .

أحيل للمعاش في العام ” *١٩٩٩* *م* “م وظل يعمل بالمشاهرة في جامعة الخرطوم واستاذ مشارك في عدد من الجامعات السودانية إلى أن أقعده المرض وتقدم العمر .
ثاسعاً :البروف رجل مجتمع من الطراز الأول :
—————————————
البروف الامام كان عالما جم التواضع طيب القلب صافي السريرة ورجل مجتمع من الطراز الأول وظل مشاركاً أهله في العيلفون بصفة راتبة مستمرة في السراء والضراء وجميع المناسبات … حديثه همساً وتجده دائماً هاشاً باشاً لا تفارق الابتسامة الدائمة ملامح وجهه وشاءت إرادة الله ان يلقى ربه راضياً مرضيا في ذات المكان الذي شهد مولده و مرتع طفولته وشقاوة صباه …( الدانقة) وحوش العمدة العتيد .
وأخيراً :
ولد وعاش ورحل البروف الامام عن دنيانا الفانية هانئا صامدا أنيقا عميق النظر وسيظل حاضرا بيننا ؛ بما قدمه لوطنه الصغير والكبير ولأسرته وأبنائه وأهله من عطاء وبحث واستقصاء عالماً جاداً ورائداً أكاديمياً مرموقاً وعلامة من العلامات البارزة ومواطناً صالحاً من أبناء السودان والعيلفون الأوفياء الأخيار المبدعين .
نسال الله له الرحمة والمغفرة وغشيت قبره شأبيب رحمة الله مع الصديقين والشهداء وجعل البركة في عقبه وذريته .
مبارك صباحي _ العيلفون

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

حوار التعليم مع الخبير الدولي يكشف حقائق وارقام عن التعليم في السودان

تأثر التعليم في السودان في السنوات الأخيرة بالظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا