الجمعة , مايو 10 2024
أخبار عاجلة

ثورة الحيوانات

عاصم الطيب قرشي

١)
في الريف الأخضر الجميل، صوت الطبيعة يسحر مسامع الأرض و يشنف آذانها بألحانٍ شجيةٍ مؤلفةٍ من دوِيّ الرعودِ و خرير المياه و نقيق الضفادع و حفيف الشجر و زقزقة العصافير.

٢)
بينما في المدينة الصاخبة، هدير السيارات و أبواقها النحاسية المختلطة بأزيز الماكينات تعزف نشاذا يصك الآذان. الناقلات الكبيرة تتقاطع من هنا و هناك مثقلة بالبضائع من الريف للمدينة.

٣)
أما في مزرعة الوزير الواقعة في منتصف الطريق الواصل بين القرية و المدينة، فقد اجتمعت كل الحيوانات لمناقشة فساد صاحبهم.

٤)
قالت النعامة قبل أن تدفن رأسها في الرمال:- إن صاحبنا إشترى هذه المزرعة بأموال مسروقة، يسمد البرسيم و الخضروات بأسمدة كيميائية مسرطنة.

٥)
قال الثور الأسود:- إن جرائم صاحبنا ضد الأرض و إنسانها و حيواناتها و نباتاتها تشين سمعتنا.
ردت بقرة:- جرائمه تكفي تماما لسجنه مدى الحياة و عتقنا من هذه المزرعة المأفونة.
قالت بقرة أخرى:- حتى عهد قريب، كنا نستمتع و نأنس لجندبة الجنادب و صرصرة الصراصير. الآن قتلها صاحبنا بمبيد الدمار الشامل.

٥)
تكلمت النباتات لأول مرة:- أسراب الجراد و الكعوك تمر على السنابل و السماسم في ليلة واحدة، يقطع فيها الجراد عيشنا و الكعوك يطلع زيتنا.

٦)
بعد أن تمطى ممشوقا و رفرف بجناحيه، صاح ديك الدولة المكلف بشؤوون الدجاج:-
بيوت الناس كسرووووها
……………………………
خزينة البلد سرقوووووها.

٧)
ردت عليه زوجته الدجاجة الحمراء و قاطعته: كااااك، جٍد جٍد جٍد جٍد يا ديك. ألم تكن شريكهم في التكسير و التدمير؟.

٨)
سمعهما حمار الخفير الذي أيقظوه من نومه لحضور الإجتماع فنهق مستغرباً: متين متين متين؟

٩)
خار الثور الفريزيان الفطن الذي كان يجتر ذكرياته حين وقعت كل الجرائم و أجاب على سؤال الحمار بخوار واحد و واصل اجتراره: أُمبااارح.

١٠)
رغم أن الحصان كان لا يخاف من شياطين الإنس و البغال و الحمير لفرط حصانته الدبلوماسية إلا أنه كان يبارك كل الجرائم بصهيل واحد: ماشاءالله ماشاءالله.

١١)
بالقرب من الحصان وقفت حسناء الغنم الشقراء و رددت في حسرة: ميع ميع ميع، كانت تقصد بيع بيع بيع، لكن نطق حرف الباء تعذر عليها لعدم وجوده في لوحة الحروف الغنمية.

١٢)
أكد خروفٌ أملحٌ أقرنٌ على رأي المعزة و وقَّت شهادته مع وقوف عربة صاحب المزرعة امام البوابة و هتف: باع باع باع.

١٣)
لم يبق إلا الكلب الوفي لمناصرة صاحبه و مؤازرة حصان الدولة. لكنه هزم كل توقعات الحيوانات حين نبح و هو يتضور جوعاً: يا هوووو هو هو هووو. كان نباح الكلب ضربةً قاضيةً لصاحبه الوزير و تشييعا للصوصيته.

١٤)
بالرغم من كل تلك الحيثيات، وقف تيسٌ أشقرُ اللونِ مصبوغ اللحية مدافعاً عن الوزير، ليفسِّر نِباحَ الكلبِ بأنه قسم ببراءة الوزير من سرقة قوت شعب الغنم.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

مني مصطفي تكتب عن لبودي نجم عطبره في العصر الزهبي

لاحول ولاقوه الابالله البركه فيكم استاذه كوثر لبودي نجم الكره في العصر الذهبي لاعب في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا