الخميس , مايو 2 2024
أخبار عاجلة

يا زول أرفع راسك ؟!!!

ثالثة الأثافي
د. عبد الماجد عبد القادر

تصادف أن كنا بالولايات المتحدة الأمريكية في أوائل عام 1979م بعد أن تحسنت العلاقات بين السودان وأمريكا وفي أعقاب ضرب الرئيس نميري لآخر خلايا الحزب الشيوعي وانحسار تسلط اليسار على ثورة مايو.. وقد أدى توجه الحكومة في ذلك الوقت نحو الاتجاه غرباً والالتفاف بدرجة مائة وثمانين حيث سبقت زيارتنا تلك زيارة قام بها وفد اقتصادي رفيع من السودان شارك فيه الرئيس نفسه وكثير من الزراعيين والاقتصاديين في ذلك الوقت بينهم أساتذة جامعات وباحثون ومديرو مشروعات وشركات.. وقد كان اهتمام النميري بهذه التوجهات كبيراً جداً حتى أنه فتح مكتباً أو مقعداً في مجلس الوزراء خصصه لمتابعة الأعمال الاستثمارية بين السودان وأمريكا والسودان وفرنسا بصفة خاصة.
وعلى كل حال صادفت زيارتنا “وكنت مرافقاً لوفد من مشروع الجزيرة في وقتها” إقامة مباراة ودية في الملاكمة تنشيطاً للعلاقات السودانية الأمريكية في مجالات ثقافية وغير اقتصادية.. وقد تجمع السودانيون من معظم الولايات وتلك الولاية على وجه التحديد لحضور مباراة الملاكمة ولتشجيع “ابننا” والذي كان جنوبياً طويلاً جداً وضعيفاً جداً حتى أن ساقيه تبدوان وكأنهما “عصاية من القنا” وفي مجمله كان يبدو مثل نخلة طويلة ملصق عليها رأس زول.. وبدأت المباراة بأن تم قرع جرس ظل طنينه مستمراً لأكثر من دقيقة وتقدم الخواجة نحو “زولنا” وكان ضخم الجثة شلولخ وعريض المنكبين “مشرئب الأبعاع” مفتوش الفتتنات “كما يقول عادل إمام في مسرحية شاهد ما شافش حاجة” وتوجه الملاكم نحو ولدنا “المعصعص” ولكمه لكمة واحدة وقع على أثرها منبطحاً على الأرض راقداً متمدداً.. والحكم يعد ون تو ثري.. سفن، إيت.. وقمنا جارين نحو زولنا الواقع ونحن نكورك ونستنجد به أن يهب واقفاً لأن الحكم سوف ينهي المباراة بعد عشر ثوانٍ من بدايتها بهزيمتنا النكراء وبالضربة القاضية.. وقلنا للرجل “قوم يا زول أرفع راسنا”.. وزولنا قال لنا بالحرف الواحد “هو أنا قادر أرفع راسي لما أرفع راسكم”.. ووصل الحكم إلى العدد إيت- ناين -تن.. ومرة أخرى ضربت الصفارة وانتهت المباراة.
وهذه المباراة ذكرتني بأهلنا في المعارضة الذين يجتمعون وينفضون ويقومون ويقعدون ويقفون لتشكيل الأحلاف لإسقاط الحكومة.. والاستعمار الحديث الذي يعمل لإعادة تشكيل الخريطة العربية والأفريقية يصرف عليهم ويرعاهم .. ويرعى تحالفاتهم في جوبا وفي كاودا وتحت مسمى تجمع الأحزاب الوطنية وتتحالف الجبهة الثورية لإسقاط حكومة السودان وتحت مسميات أخرى .. وإذا كانت دوائر الغرب ترجو خيراً من شتات الأحزاب المرتمية في أحضانها فهي مخطئة.. ذلك لأن هذه المجموعات غير قادرة على أن ترفع رأسها شخصياً فكيف تستطيع أن ترفع رأس غيرها.. وإذا كانت شراذم الأحزاب التي لم يبق فيها غير قادة بلغوا من الكبر عتياً وأصابهم داء الهرم وتكلس الأعضاء ومرض الزهايمر ووصلوا إلى مرحلة “هرمنا – هرمنا” وانمحت عندهم الذاكرة و”لطشت” أسلاكهم وتوصيلات أعصابهم وأصاب بعضهم التبول اللا إرادي .. فهم لم يعودوا قادرين على التمييز وأصابهم عمى البصر والبصيرة واختلطت لديهم المفاهيم فلم يعودوا يدركون الفرق ما بين الوطن والحكومة وما بين الدولة والنظام”.
ولهذا فسوف تنتظر دوائر الاستعمار الحديث كثيراً وهي تلح على هؤلاء القوم أن يهبوا ليرفعوا رأسها بينما هي غير قادرة على الحركة وغير قادرة على رفع رأسها المركب على كتفيها وما بقي من جسدها ذهبت به سياسة الجزرة التي امتدت إلى زعماء المعارضة فأكل منها الأبناء والبنات … وصاروا أعضاء في منظومة الإنقاذ وتخصصوا فينا “إنفاقاً” من ذات اليمين وذات الشمال بينما الآباء يقضون إجازاتهم وتفثهم في “بلاد برة” ويحتفظون بمنصب زعماء المعارضة المروضة والمنزوعة الأنياب والأظافر ….

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

مدير “الفاو” يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة

الرباط وكالات ايكوسودان.نت من الرباط، لم يتوان شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا