بروفسيور يحيى عمر ادم
زالنجي، سبتمبر 2020
تعد تنمية السياحة البيئية احد أهداف التنمية الاقتصادية و الاجتماعية الشاملة، لما لها من قدرة على تحسين

ميزان الدفع و توفير فرص عمل و خلق فرص منفعية للدخل، فضلا عن المساهمة في تحسين أسلوب و نمط الحياة الاجتماعية و الثقافية لأفراد المجتمع. و ما دامت البطالة هي التحدي الاقتصادي الاجتماعي الاكبر الذي يواجه كثير من ولايات دارفور اليوم، فإن صناعة السياحة البيئية تشكل مخرجا مناسبا لحل مشكلة البطالة و غيرها خاصة في ولاية وسط دارفور. ان السياحة ذات التوازن البيئي ظاهرة جديدة تهدف إلى البحث و الدراسة و التأمل في الطبيعة و النباتات و الحيوانات و توفر الراحة للإنسان و للمساهمة في التنمية الريفية و المستدامة على سواء، فالميزة التي تنتجها السياحة البيئية هي ربط الاستثمار و المشاريع الإنتاجية للمجتمع المحلي مع حماية البيئة و التنوع الحيوي و الثقافي للمناطق السياحية في الولاية، وفق معادلة تنموية واحدة، و ذلك عن طريق إعداد برامج سياحية تعتمد على توجيه السياحة نحو المواقع المتميزة بيئيا كجبل مرة مع التأكد على ممارسات سلوكية سياحية إبداعية و مسلية، دون المساس بنوعية البيئة أو التأثير عليها، و عليه يجب أن تهدف التنمية في السياحة البيئية في وسط دارفور إلى أن تكون مواردها المختلفة نافعة و مفيدة، و يمكن استعمالها و الاستفادة منها كمردود اقتصادي، على أن لا تكون هذه على حساب إهمال الجوانب الأخرى و في مقدمتها الزراعة بشقيها النباتي و الحيواني، فلا بد أن تسير التنمية في كافة القطاعات بالتوازي، و من بينها تنمية الموارد الثقافية و الطبيعية و الاجتماعية بالشكل الصحيح، مما يذيد من الإمكانات اللازمة لخدمة المجتمعات المحلية، و بالتالي فإن العوائد التي يتم توفيرها يمكن استخدام جزء منها في عمليات الحفاظ و تطوير التراث الثقافي و الطبيعي.
و من هنا، سيتم الحديث عن دور السياحة البيئية كعنصر اساسي يرتبط بالمناطق الريفية و المجتمعات المحلية، و لديها القدرة على خلق فرص اقتصادية ذات قيمة حقيقية.
إذا نظرنا لموقع ولاية وسط دارفور و خاصة منطقة جبل مرة نجدها تمتاز بطقس معتدل يغلب عليها مناخ البحر الأبيض المتوسط، كما تمتاز بجمال ساهر طبيعي خلاب و الممتد على مد البصر، و يمتزج كل ذلك بتراث إنساني عميق و ممتد عبر التاريخ، و هي بذلك منطقة أثرية إضافة للبعد السياحي فيها الأمر الذي يجعلها عالمية في هذا الثوب- اي التفرد- و المجال-اي السياحة البيئة. بالإضافة لذلك نجد المنطقة لا تضم قبائل دارفور المعروفة وحدها، بل نسيج اجتماعي فريد يضم معظم قبائل السودان، و تعتبر بذلك منطقة حضارة متكاملة و ثقافات متنوعة انصهرت في الإطار العام للتكوين الثقافي و الاجتماعي الموجود في دارفور. و عليه نجد أهمية التنمية السياحية في وسط دارفور لها قيمة متزايدة و يترتب عليها مجموعة من التأثيرات التنموية على مختلف الأصعدة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية و السياسية على سبيل المثال نذكر منها:
أولا: التنمية السياحية و التنمية الاقتصادية:
– سيؤثر رواج صناعة السياحة البيئة بشكل مباشر على الاقتصاد الريفي و رواج الصناعات و الأنشطة المرتبطة بصناعة السياحة كصناعات الثقافية و التقليدية، فالانفاق على الخدمات و السلع المرتبطة بالسياحة البيئية يؤدي إلى انتقال أموال من جيوب السائحين إلى جيوب أصحاب هذه الخدمات، فكلما زاد تدفق حجم حركة السياحة زاد الإنفاق العام على السلع الاستهلاكية، بالتالي إلى ارتفاع معدلات الادخار مما ينشط هذه الصناعات و الخدمات المتعلقة بصناعة السياحة سواء بالطريق المباشر أو غير المباشر، الأمر المرتبطة بها و المتصلة بصناعة السياحة.
– قدرتها على امتصاص البطالة: سوف تعمل التنمية السياحية في وسط دارفور على خلق فرص عمالة متعددة سواء في القطاع السياحي نفسه مثل شركات السياحة البيئية، المطاعم، الفنادق، شركات النقل السياحي، محلات بيع المنتجات اليدوية الثقافية و التقليدية و الأنشطة و القطاعات التقليدية.
– زيادة الاستثمارات في الصناعات الغذائية و المشروبات من المنتجات الموجودة كبرتقال ابو صرة و القبيل و العرديب و منتجات الحيوان و البطاطس و الطماطم و الفول السوداني و عسل مكجر… الخ و ذلك من خلال إضافة خطوط إنتاج جديدة أو إنشاء مصانع لزيادة الطلب على المنتجات السياحية المختلفة، مما سيؤدي أيضا سواء من جانب السائحين أو من جانب مالكي المنشاءات السياحية المختلفة، مما سيؤدي أيضا إلى تشغيل عمالة إضافية بغرض زيادة معدلات الإنتاج لمسايرة زيادة الطلب الناتج عن ذيادة الإنفاق السياحي البيئي.
– – سوف تساعد في المساهمة في التنمية المحلية و العمرانية، عن طريق تنمية مناطق جديدة في الولاية للجذب السياحي في أماكن مختلفة، مما سيسهم في تحقيق نمو متوازن على مستوى الاقتصادي الريفي و في توزيع الدخل بين محليات الولاية السياحية المختلفة.
ثانيا: التنمية السياحية و التنمية الاجتماعية
– ستعمل السياحة البيئية على رفع مستوى معيشة المجتمعات المحلية و تحسين نمط حياتهم.
– ستعمل على خلق و إيجاد تسهيلات ترفيهية و ثقافية لخدمات المواطنين إلى جانب الزائرين.
– ستساعد على تطوير الأماكن و الخدمات العامة بولاية وسط دارفور السياحي.
– ستساعد على رفع مستوى الوعي بالتنمية السياحية البيئية لدى فئات واسعة من المجتمع بالولاية.
– ستنمي لدى المواطن شعوره بالانتماء إلى ولايته و تزيد من فرص التبادل الثقافي و الحضاري بين المجتمع المضيف و الزائر.
ثالثا: التنمية السياحية و التنمية الثقافية
– ستعمل على تنمية الوعي الثقافي لدى المواطنين.
– ستوفر التمويل اللازم للحفاظ على تراث المباني و المواقع الأثرية و التاريخية.
– ستعمل على تنمية تبادل الثقافات و الخبرات و المعلومات بين السائح و المجتمع المضيف، و الذي يمكن أن أطلق عليه مصطلح “الحوار بين الحضارات”.
رابعا: التنمية السياحية و التنمية البيئية
– ستعمل على أنشأ المنتزهات و تعمل على المحافظة على البيئة و حمايتها.
– سوف تحقق إدارة جديدة للنفايات و التخلص منها بشكل علمي سليم.
– سوف تزيد من الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع المضيف.
خامسا: التنمية السياحية و التنمية السياسية
– ستعمل على تحقيق الحوار و معرفة الآخر و تساعد على التفاهم بين شعوب المختلفة، و نشر مبادئ السلام الإقليمي و القومي.
– ستساعد على تدعيم أواصر الصداقة بين شعب الإقليم و بين شعوب العالم من خلال العلاقات الودية التي تنشأ بين الناس على مستوى الولاية و المركز و العالم.
الرؤية نحو مستقبل السياحة البيئية في ولاية وسط دارفور
يتمحور الدعم الاقتصادي عن طريق السياحة البيئية حول عدد من العوامل منها إزالة المعوقات و إبراز المقومات الطبيعية و عوامل الجذب السياحي، تكامل المنتج السياحي بحيث يكون مناسبا مع المواصفات المطلوبة، بجانب تناسب أسعار المرافق السياحية و منافستها للمرافق الأخرى داخليا و خارجيا. و تحقيق هذا الهدف يتطلب مراعاة المفاهيم السياحة البيئية المتطورة، و ان يتناسب الهدف مع الموارد و الإمكانيات السياحية المتاحة، و توفر الخبرات السياحية المتخصصة. ان المناطق الريفية بوسط دارفور من أهم مرافق السياحة البيئية و يجب دعمها للارتقاء بالواقع البيئي فيها، و التي بدورها سوف تحقق دعما اقتصاديا كبيرا لتلك المناطق. و من أهم وسائل دعم اقتصاد الناطق الريفية بالولاية عن طريق السياحة البيئية اذكر :
– الاهتمام بالبعد البيئي كمفهوم محوري لدعم اقتصاد المناطق الريفية خاصة في منطقة جبل مرة مع التركيز على ديمومة هذا الجانب.
– حصر و إحصاء و توثيق الموارد و المقومات السياحية بمناطق وسط دارفور، في إطار قاعدة بيانات معلوماتية و ترويجها محليا و عالميا.
– تشجيع السياحة البيئية كأساس لتطوير صناعة السياحة بمناطق ولاية وسط دارفور.
– الاهتمام بتوفير و تطوير مقومات السياحة الراقية التي تتمثل في البنية الأساسية من طرق و ماء و طاقة و صرف صحي في مناطق الجذب السياحي بالولاية.
– الاهتمام بإنجاز التجهيزات الضرورية و المرافق الكفيلة بضمان سلامة البيئة و جمالية المناطق السياحية و محيطها بالولاية.
– وضع دليل سياحي شامل و خرائط مناخية و بيولوجية و حيوانية و نباتية، و خرائط لأماكن الآثار و المتاحف يسير على هديها و يسترشد بها السائح المحلي و الأجنبي.
– تشجيع و تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع السياحة البيئية، و إتاحة الفرص الاستثمارية أمامه للاستثمار في هذا المجال.
– تنويع المنتج السياحي و توجيه الاستثمارات السياحية نحو المناطق الجبلية.
– التركيز على توعية المواطنين بمختلف المناطق الريفية بالولاية، بأهمية السياحة البيئية و توضيح حجم الفوائد من وراء هذا النشاط.
– ضرورة دعم الحرف اليدوية الثقافية و السياحية و التزكارية بما يخدم البيئة السياحية و ينشط الموارد المالية لسكان الولاية.
– التوسع في المحميات الطبيعية و مساحتها، و التشدد في حمايتها، خاصة النادرة و المهددة بالانقراض، و الاهتمام بأنشاء المشاريع السياحية حولها بما يخدم سكان المنطقة و يزيد مواردهم المالية.
– الاهتمام بالتعليم السياحي بأنشاء كلية أو قسم داخل كلية علوم الغابات/الدراسات البيئية للسياحة البيئية في منطقة نترتي حيث الجذب السياحي.
– التركيز على تحقيق تكافؤ الفرص بين المناطق الريفية في الولاية في أنشأ مشاريع السياحة البيئية.
– الاهتمام بالاعلام السياحي البيئي و تطويره للتعريف بالنشاط.
– العمل على وضع السياسات الخاصة بالسياحة البيئية و التي تتكون من مجموعة من الأنظمة و القوانين و التشريعات تضعها إدارة السياحة بالولاية (أن وجدت، و ان لم توجد يجب التاسيس) بالتنسيق و التعاون مع الجهات ذات العلاقة بالنشاط السياحي و البيئي، و ذلك لتنظيم كامل العمليات السياحية من تنبؤ و تخطيط و إدارة و رقابة و تقيم و مراجعة.
– العمل على خلق توازن بين الأنشطة السياحية و البيئية بما يحقق التنمية المستدامة لمناطق الجذب السياحي في الولاية.
– تحديد الأماكن السياحية و العمل على تشييد البنى التحتية و الأساسية و الخدمات المساندة.
– وضع الخطط و البرامج الكفيلة بانشاء و تنفيذ مشاريع السياحة البيئية بحيث تتوافق مع المحافظة على البيئة و الآثار و التراث الحضاري و الثقافي.
– العمل على جذب و تشجيع الاستثمارات في مجال السياحة البيئية من خلال تقديم الحوافز و التسهيلات للمستثمرين المحليين و الأجانب
– الاهتمام بموضوع كيفية معالجة المخلفات الضارة بالبيئة و الاهتمام بالمنتزهات و الحدائق العامة و المناطق الخضراء داخل مدينة زالنجي.
– دراسة و تقييم الأثر البيئي للمشاريع السياحية قبل ترخيصها و وضع التوصيات المتعلقة بالمحافظة على البيئة خاصة للمشاريع التي تقام في الأماكن التراثية.
– التوعية البيئية لكافة شرائح المجتمع من خلال كافة وسائل الإعلام المقروءة و المرئية و المسموعة.
– التركيز على توظيف العمالة الوطنية في كافة المشاريع التي تتعلق بالسياحة البيئية و العمل على تعليمهم و تدريبهم بما يتلاءم مع هذا النوع من السياحة.
– تفاوض حكومة الولاية مع الشركات الأجنبية في مجال السياحة البيئية و أهمية الاستعانة بالاستشارين المتخصصين في هذا المجال بما يحفظ على حقوق المستثمر الوطني في تلك التعاقدات.
– تركيز الولاية على تنويع المستويات في مشاريع السياحة البيئية حتى يمكن جميع فئات المجتمع ارتياد هذه المشروعات.
– ضرورة أن تتولى الشركات التي تستثمر في مشاريع السياحة البيئية إعداد مجموعة من البرامج السياحية الداخلية بما يتناسب مع المواطنين و المقيمين و بما يواجه مشاكل التلوث و الموسمية و تدني نسب الأشغال في المشروعات السياحية و في نفس الوقت يتلاءم مع تنوع المناخ بين مختلف ارياف و مدن الولاية.
– ضرورة استخدام السياحة البيئية بالولاية كمحرك يحقق التنمية الولائية المتوازنة و النهوض بالمستوى المعيشي للمناطق الريفية التي تمتلك الموارد و المصادر السياحية.
– أن تأخذ الولاية بمبدأ التخطيط السياحي البيئي لتحقيق التكامل في التنمية بين كافة القطاعات و التطابق و التوافق بين الطلب السياحي و المنتج السياحي المقدم و أيضا تحقيق أكبر قدر من المكاسب الاقتصادية المباشرة و غير المباشرة و تأمين عمليات التحديث و التطوير للمناطق السياحية و التوسع وإيجاد مناطق سياحية جديدة تتلاءم مع تغير و تطور عمليات التنمية السياحية بالولاية.
– نشر السلوك الجماهيري السليم الذي يتفق مع متطلبات الترغيب السياحي و حسن استقبال السائحين و معاملتهم.
ايكوسودان نت التنمية مستقبلنا