السبت , مايو 4 2024
أخبار عاجلة

زيتنا في بيتهم !! يكتب د عبدالماجد عبدالقادر

ثالثة الأثافى

المثل السوداني المشهور يقول (زيتنا في بيتنا) ويضرب هذا المثل عندما تكون الأمور مستقرة وعندما يسير المشروع الاقتصادي في مصلحة أهله وعندما تتوجه موارد الصرف على المستفيدين والمستحقين..
ومثل آخر حول نفس الموضوع، يقول (الزيت لو ما كفّى البيت يحرم على الآخرين).. ولا أدري ما هي مصادر الاهتمام بالزيوت في السودان اللهم إلا إذا قلنا إن السودان ظل تاريخياً بلداً منتجاً للحبوب الزيتية ابتداءً من الفول والسمسم وبذرة القطن وبالتالي انتشرت صناعة الزيوت في مستوى (العصارات) المحلية التي يجرها الحيوان خاصة الجمال ثم تحولت الصناعة إلى تقانات متقدمة وتمثلت في المصانع التي انتظمت العاصمة القومية وبعض الولايات..
وأذكر أن البلاد في منتصف الثمانينات كانت قد وصلت مرحلة الاكتفاء الذاتي وبدأت تصدير الزيوت في شكلها الخام والسائب إلى الدول العربية وبعض الدول الأوروبية.. ولكن مع الانتكاسة التي أصابت الصناعة فقد بدأت بوادر الانهيار في صناعة الزيوت وتحولت كثير من المصانع إلى مخازن وأوكار لتخزين الحديد و(الهكر) من المعدات والسيارات القديمة..
ولا يختلف اثنان في أن الأسباب الأساسية لانهيار صناعة الزيوت جاءت نتيجة لعدم قدرة المصارف على إيجاد الصيغة الملائمة لتمويل هذا القطاع وعدم الدراية بالاحتياطات التنموية.. وهنا لا نقصد الجهاز المصرفي الحالي – حتى لا يزعل أخونا دكتور مجذوب جلي – ولكن نقصد منظومة المصارف والقائمين عليها منذ عام 1988.. فقد شهدت المصانع تعثراً بسبب غياب التمويل من ناحية وبسبب عرض البنوك للمصانع المرهونة في المزاد العلني حيث آلت هذه المصانع إلى بعض الجهلاء بالصناعة واشتروها بتراب الفلوس لتتحول إلى مخازن أو تباع محتوياتها في سوق حديد الخردة لأنها أصلاً كانت زهيدة الثمن.
والسبب الآخر وراء انهيار صناعة الزيوت هو (الغزو) الخارجي للزيوت المستوردة والتي كانت أرخص قيمة وأفضل نوعاً وأكثر جذباً في الشكل وفي المضمون.. والأهم من كل ذلك أن الجهاز المصرفي الذي كان يعلن عن بيع المصانع في المزاد العلني هو نفسه الجهاز المصرفي الذي كان يمول استيراد الزيوت من الخارج.. يعني (يشيل أصبعو يطبظ بيهو عينو).. وكانت الخلاصة ما وصلنا إليه الآن من توقف معظم مصانع الزيوت ومعها بالطبع تعثر إنتاج المحاصيل الزيتية مثل بذرة القطن والسمسم والفول الأمر الذي أدى بدوره إلى انهيار شركة الحبوب الزيتية المشهورة ولحقتها شركة الأقطان.
وقد رأينا كثيرًا إعلانات من (الدلال) نيابة عن البنوك تقول إنه وبناء على أمر المستشار القانوني للبنك فإنه سوف يتم البيع بالمزاد العلني وتحت قانون الأموال المرهونة للمصارف لكل محتويات أحد مصانع الزيوت المختصة بالوحدة الكاملة لمعمل تكرير الزيوت والذي تبلغ طاقته 20 طناً في اليوم أي أكثر من سبعة آلاف طن في العام ويشتمل أمر البيع أيضاً على بيع مستودعات الزيوت والمولدات والمصافي الخاصة بعمليات التكرير…
وبالطبع فإنه من الواضح أن المصنع قد تعثر في سداد المديونية… وأن البنك لم يجد غير أن يبيع المصنع في المزاد العلني.. ومن المؤكد أن أصحاب المصانع الأخرى وكل المهتمين بصناعة الزيوت يعانون من انعدام السيولة وقلة الإمكانات مع ظروف تردي سوق الزيت المحلي.. وهذا يعني بالضرورة أن الذين سيتقدمون لشراء هذا المصنع أما إنهم سماسرة أو تجار دولار أو تجار (فايظ) أو بتاعين (كتفلي).. وفي أحسن الظروف قد يكونون من تجار الحديد الخردة… وفي النهاية سيؤول مصنع الزيوت عالي التقانة ومعداته إما إلى سماسرة وتجار فايظ أو في أحسن الفروض سيشتريه تاجر حديد خردة ويبيعه في شكل خردة ويسدل الستار على موضوع الزيوت.
وفي رأيي أن يقوم السيد وزير الصناعة بالتفاهم مع البنوك الممولة لإعادة التمويل أو تشغيل هذه المصانع لصالحها ويا دار ما دخلك شر وبهذه الطريقة يكون زيتنا في بيتنا بدلاً من أن يهجم عليها تجار (الكتفلي) ويكون زيتنا في بيتهم ويكونوا قد (طلعوا زيتنا).!!

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

مدير “الفاو” يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة

الرباط وكالات ايكوسودان.نت من الرباط، لم يتوان شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا