السبت , نوفمبر 23 2024
أخبار عاجلة

“الواتس آب” في القفص من يدق الطبول علي ابوابنا؟

ايكوسودان تقرير: الجميل الفاضل
أضحت مواقع “التواصل الإجتماعي” بلا إستثناء، ميداناً مفتوحاً لمعارك كرّ وفر ضارية، يدور رحاها داخل العقول وحولها.
معارك تهدف بشكل أو بآخر، لرسم وتكريس صور ذهنية ونمطية، قابلة للتصدير والإنتقال من عوالم مجازية مفترضة هي بالأساس، الي أرض الواقع، لتلقي بظلالها وتأثيراتها، علي الناس والحياة.
حروب القرن
بل رفع خبراء يشار لهم بالبنان الـ «سوشال ميديا» الي مرتبة تصنفها كسلاح استراتيجي للقرن (21)، يوازي تأثيرها إن لم يفوق أسلحة الردع النووي في القرن العشرين، بعد دخولها بالفعل كسلاح مجرّب في حروب بين الدول وداخلها، أطلق خبراء النيتو علي تلك الحروب أسم “الحرب الهجين” التي تجلت في نموذج الصراع بأوكرانيا كأنصع ما يكون، بل ويؤكد الخبراء الآن وجود أكثر من صيغة حرب هجين بين حلف الأطلسي، وروسيا وحلفائها الجدد بالطرف المقابل.
حيث كشفت الإنتخابات الأمريكية الأخيرة، عن شكل من أشكال التدخل الإليكتروني من قبل موسكو، أثر هو بصفة مباشرة، علي التجربة الديمقراطية الأمريكية.
و في سياق التحقيق القضائي البريطاني بشأن شركة “كامبريدج آناليتكا” برزت الكيفية التي يمكن من خلالها جعل شبكات التواصل الإجتماعي، أداة حربية بإمتياز.
إذ تبين أن دراسة أجراها خبراء في علم النفس من جامعة كامبريدج في العام 2013 شملت 58 الف شخص من مستخدمي موقع التواصل الإجتماعي الشهير “فيس بوك”، ساهمت في تحديد ميولهم السياسية عبر تحليل بياناتهم المتاحه علي الموقع.
و تضافر ذلك مع قيام روسيا بشراء إعلانات سياسية، و إنشاء مواقع إخبارية ملتبسة، و حسابات شخصية علي ذات الموقع “فيس بوك” بغرض التأثير علي نتائج الإنتخابات الأمريكية.
مما حدا بوزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون للإعتراف بأن روسيا كسبت جولة من حرب هجين، علي حساب الولايات المتحدة هذه المرة.
الإنهاك البطيء
و هذا النمط من الحرب الهجين لا يبتعد كثيرا عن ما يعرف بحروب الجيل الرابع -أمريكية الصنع- التي تتداخل فيها الخطوط بين الحرب العسكرية والسياسية في آن معاً، و التي تقوم علي إستراتيجية (الإنهاك البطيء )، الذي يهدف هو إلى زعزعة الاستقرار وإشاعة الفوضى في بلاد الخصم وإفشال دولته، دون تدخل عسكري إلا في حالات نادرة، يتلوها فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية بالضرورة.
الفوضي الخلاقة
إذ تلعب الحرب النفسية دورا بارزا في مثل هذه الحروب، من خلال استخدام وسائل الإعلام المختلفة، وعلي رأسها بالطبع مواقع التواصل الإجتماعي بالغة الأثر.
حيث تلجأ الدولة المهاجمة إلى تحريض الشعب في دولة ما، ضد نظام الحكم القائم فيها، أوتسلّط اجهزة هذا النظام نفسه ضد شعبها بطريقة أو بأخري، لتصبح هي أداة لإرهاب المواطنين وقمعهم من أجل إثارة الفوضى في النهاية.
و هي صورة ليست بعيدة عن الواقع المعقد الذي نشهد جانبا منه في بلداننا بهذا الجزء من العالم.
حالة الحرب
و هنا أعلن أمس فقط الرئيس البشير أن حرباً نفسية تشنها الآن جهة ما –لم يسمها- عبر تطبيق التراسل الفوري “واتس آب” وعبر وسائط التواصل الإجتماعي المختلفة، في محاولة لإشاعة روح الإحباط بين الناس.
وضرب البشير مثلاً لهذه الحرب بما يجري حالياً ترويجه من خلال ال”سوشال ميديا” عن حالة و آثار الحمّيات التي ضربت مدينة كسلا مؤخراً، بنشر هذه الوسائط لقوائم باسماء و أعداد من ماتوا بسبب الإصابة بحمي “الشيكونغونيا” التي أشتهرت محلياً بحمي “الكنكشة”، في حين اكد البشير أن منظمة الصحة العالمية قطعت بعدم حدوث حالة وفاة واحدة رصدتها أجهزتها جراء هذا المرض.
سلاح المعركة
وحسب الأرقام المعلنة يقول الكاتب الصحفي بصحيفة “الشرق الأوسط” عثمان ميرغني إن عدد مستخدمي “الوتس آب” بلغ ملياراً و500 مليون شخص حول العالم، يتبادلون 65 مليار رسالة يومياً، و 4 مليارات و500 مليون صورة، و مليار فيديو، وأشار ميرغني الي أن هذه الأرقام تؤكد أهمية “واتس آب” وقدرته البالغة علي التأثير في الرأي العام وتوجهاته، و أكد الكاتب في مقال نشرته الصحيفة اللندنية مؤخراً، أن هذا التطبيق الذي لم يتجاوز عمره تسع سنوات بات الأهم في العالم، بما في ذلك العالم العربي، لتبادل الرسائل متجاوزاً “ماسنجر” و”فيس بوك”.
كرة الثلج
ومضي مقال الكاتب الذي نشر تحت عنوان “الواتساب و الكنكشة” الي أن موضوع حميات كسلا تضخم بسرعة مثل كرة الثلج المتدحرجة، في ظل تداول الناس آلاف المقاطع الصوتية و المصورة، و أكثر من مقالات وتعليقات.
ويقول ميرغني إنتشرت التكهنات وإختلفت الروايات حول حقيقة ما يحدث، ونوع المرض الذي ألم بالناس، و حول عدد المصابين والمتوفين.
فقدان الثقة
وبدا في نظر الكاتب أن “الواتس آب” سلاح ذا حدين رغم أنه ساعد علي تسليط الضوء علي ما يحدث في كسلا ومنعّ محاولات التعتيم من قبل جهات رسمية، لكنه في الوقت ذاته إمتلأ بمداخلات مضللة و معلومات مغلوطة منها معلومات طبية حول التشخيص و العلاج للمرض.
وقال ميرغني أن تطبيق “واتس آب” اصبح مع غيره من وسائل التواصل الإجتماعي ملاذاً للباحثين عن معلومة أوالذين يريدون نقلها للملأ، لأن كثيراً من السودانيين فقدوا الثقة في الروايات الرسمية.
سؤال المرحلة
فهل يكفي الآن أن نضع تطبيق التراسل الفوري “واتس آب” في قفص الإتهام فحسب؟، مع التشكيك بالطبع في نوايا مستخدميه، وأغراضهم وراء هذا الإستخدام الضار ربما؟ أم نذهب لتفسير أبعد هو أقرب لنظرية المؤامرة بالضرورة، لنري شجراً يسير نحونا، من طلائع الحرب الهجين، أوحرب الجيل الرابع إن شئت؟.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا

أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا