السبت , نوفمبر 23 2024
أخبار عاجلة

خمِّسوا لَيْنا معَاكْم !!!

ثالثة الأثافي
د.عبد الماجد عبد القادر
خمِّسوا لَيْنا معَاكْم !!!
مَن منا ذلك الذي لا يعرف معنى “خمِّس لي معاك”.. بمعنى أن تتقاسم معي ما تحمله من أكل أوشرب أو دخان”سجائر أو سعوط”.. على أن التخميسة ارتبطت بالتدخين أكثر من غيره .
قبل يومين طلبت من إحدى الزميلات أن تشرح لي وبالتفصيل كلمة “التخميس” بعد أن ذكرتها في معرض حديثها .. وبالطبع كل ما كانت تعرفه عن “التخميس “هو المقاسمة أو التقاسم أو التوزيع أو المشاركة .. وبالطبع سألتها لماذا يقولون “خمِّس ليْ معاك” ولا يقولون “ربِّع لي” أو “تلِّت لي ” أو “سدِّس لي”.. مثلاً شخصان لديهما سجارة واحدة .. يقول أحدهما للآخر “خمِّس ليْ معاك” مع أن السجارة واحدة وهم اثنان.. وكان من الطبيعي أن يقول له “تني لي معاك ” أو “نصِّف لي معاك” ولهذا رأيت اليوم أن أشرح الظروف والملابسات التي جعلت الناس يصفون التقاسم والتوزيع المتكافئ ويسمونه “بالتخميس”.
وفي اعتقادي أن الأمر يرجع إلى بداية الاستعمار البريطاني وبعد هزيمة جيوش الخليفة عبد الله التعايشي في كرري آلت الأمور إلى الحاكم الإنجليزي ومساعديه في المديريات التسع بالسودان.. وانصبَّ اهتمام الإنجليز في الزراعة والتدريب العسكري والسجون وتوزيع الإعانات والأغذية خاصة وأنهم عندما جاءوا وجدوا أن عهد الخليفة التعايشي كان قد أدخل البلاد في “مجاعة سنة ستة” مما استوجب دعم المديريات بتوزيع الأغذية والتموين فيها.
ويعتقد الإنجليز وحتى الآن أن الرقم خمسة هو أسهل الأرقام من حيث الجمع والضرب والطرح.. وعليه فقد استعملوا “الخمسة ” كوحدة حسابية في كل معاملاتهم تقريباً.. مثلاً في مشروع الجزيرة تجد الحواشة مساحتها خمسة أفدنة.. أو مضاعفاتها.. عشرة.. خمسطاشر.. عشرين.. تلاتين …. وعندهم في الجيش وفي البوليس وكل القوات النظامية تنتظم الصفوف في شكل خمسات.. يعني كل خمسة أفراد في صف ليسهل عدهم وتوزيع المخصصات عليهم.. وعندما يصيح ” الكمندان” قائلاً ” تشكيل خمسات “.. يتجه الجميع إلى الوقوف فى صفوف مكونة من خمسة أفراد.. وكذلك في الشرطة.. وبوليس السجون بل أن الأمر قد انسحب ليتم تطبيقه على المساجين أو المعتقلين حيث يطلب منهم ” الكمندان ” أن يشكلوا “خَمسات”… والمهم في الأمر أن الوحدة المكونة من خمسة أشخاص يتقاسم أعضاؤها كل ما يتوفر من أغذية ومعينات والتي كانوا يسمونها “الجراية” على عهد الحكم التركي. وبالطبع يحرص الكمندان على إفهام المجموعة أن “تخمس” ما لديها من سكر وشاي وسجاير.. ومنذ ذلك التاريخ صارت كلمة “التخميس” تعنى “أقسم لي معاك.”
وبالطبع أهلكم في الأحزاب يطلبون أن “يَخمسوا” مع ناس المؤتمر الوطني.. وبعضهم يقول إن “التَخميسة قصيرة ” “فيزعل ويحرد” ويرجع تاني.. والبعض يهاجر إلى أن توافق الحكومة على منحه “تخميسة طويلة”.. والتخميسة الطويلة قد تمتد لتشمل الأبناء والبنات والأقارب والأحفاد.. والحركات المسلحة هي الأخرى هدفها الرئيس أن “تَخمِّسْ” مع الحكومة .. وكل أربعة أنفار لديهم سيارة تاتتشر دفع رباعي ومدفع يمكنهم أن يطالبوا بـ “التَخميسْ” بوزير أو وزير دولة أو حتى مستشار أو والٍ، ولهذا فنحن لأغراض هذا النوع من ” التخميسْ “نحتاج إلى حكومة “قدر الكتلة” يكون حجمها بحجم السكان أنفسهم …. ويلا خَمسوا كلكم.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا

أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا