بقلم / سعد محمد أحمد
ما نشهده اليوم هو أن لصوص التاريخ إستطالت أيديهم فسرقوا الفقر والماء والكرامة وحولوا فائض الثورة إلى فائض إستنقاع ما إستمرار الثورة ودخولها الشهر الرابع وحولوا فائض الثروة إلى فائض تسول واستجداء فكان الخراب لهذا على محترفى التعميم والتعويم كي يبرأوا أنفسهم من كل ذلك الدم والافقار أن يفضوا الاشتباك بين القبور لان فيها من صدق أهله وكان الدليل الأمين وفيها سعداً ينجوا إذا تواطأ على هلاك أخيه سعيد وهذه سمة التنظيم منذ نشأتها.
إذا كان من كذبوا على ما سطرناه المصارف السودانية.. أين الخلل فى ايلاف فى ديسمبر 2017م يدفعون اليوم ثمن ما غطي عيونهم من قذي وحجب عنهم الحقائق فان من تنكروا لكتاباتنا فى إيلاف الثمن الذى يدفعونه باهظاً لان التاريخ أضاف الى مديوناته الحضارية نسبة من الربي عليه نعيد لكم سفرنا مع أن الوضع تخطي لاكثر شراسة وتوقف المصارف عن أداء دورها وتعاني من الموت السريري في انتظار تشيعها ولم نكن من قارئ الكف أو نملك علم الغيب وإن من دمرها المستحيل أن تعمرها عليكم بالرحيل.
يعد القطاع المصرفى السودانى من ضمن القطاعات التى شهدت تراجعا كبيراً فى دورها المناط بها كما أنه فشل فى إستقطاب مدخرات المواطنين وفقد إكتساب ثقة الناس وكيف له أن تلعب دوراً معافي والسودان يعانى من أزمة إقتصادية طاحنة وعدم الاستقرار السياسى فضلا عن عدم الإستقرار فى السياسات النقدية والمالية التى لا تستقر على حال ولو لمدة أسابيع كما أن العقوبات الاقتصادية والحظر المصرفى التى لعبت دوراً مؤثراً فى قطع حلقة الاتصال الاكثر أهمية مع العالم الخارجى، هذا فى الوقت الذى أضحى القطاع المصرفى معياراً وموشراً هام للحكم على ضعف أو قوة الاقتصاد المحلى علاوة على قابليته لجذب رؤوس الاموال المحلية والخارجية، وتكمن أهمية المصارف فى أنها هي المحفز الرئيسي لبدء الدورة الاقتصادية حيث تبدو بتوفير القروض للشركات ومؤسسات الاقتصاد القومى بغرض تمويل عملية الإنتاج كما أن نفس الدورة تنتهى بسداد ديون مؤسسات الاقتصاد القومى لدى المصارف نفسها، ويمثل البنك المركزى السودانى المحور الرئيسي لهذا القطاع لما يقوم به من دور فى إدارة السياسة النقدية والمصرفية والحفاظ على الاستقرار المالى وبالتالى ارساء أسس نمو إقتصادى قابل للاستمرار. ولكن الهزات العنيفة التى حدثت للإقتصاد السودانى بسبب إستمرار الحروب الأهلية والعقوبات الاقتصادية والحظر المصرفى كانت لها الدور الفعال فى الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها البلاد خاصة قطاع المصارف إلا أن النظام الحاكم للسودان تعاملت معها بالتجاهل فى ظل إيرادات كانت ترد إليه من بيع النفط خلال العشرية النفطية التى تمتع بها السلطة الحاكمة فضلا عن بعض الهدوء التى أعقبت إتفاقية السلام. إن إنفصال الجنوب أخذ معه 75٪ من موارد النفط كشف عريها وآبان أنياب هذه العقوبات الاقتصادية بشكل واضح وكشفت عن حقيقة ضعف القيمة الشرائية للجنيه السودانى وادى بالطبع إلى بداية التراجع والانهيار للجنيه السودانى أمام الدولار وغيره من العملات الاجنبية. وهذا ما أدى إلى خلل كبير فى عجلة الاقتصاد القومى والناتج القومى أدت بالطبع إلى زيادة أزمات للمصارف السودانية فضلا أن الناس سحبت مواردها من المصارف وإحتفظت بمدخراتها فى شكل دولارات فى بيوتها وهناك من أشترت أراضي وعقارات لحفظ مواردها فى أماكن آمنة بالتالى نشطت السوق الموازى والمضاربات الريعى فى الأراضي والعملات. وتوقفت عملية الإنتاج الحقيقية.
كل هذا تتطلب منا ضرورة مناقشة التحديات والفرص للقطاع المصرفى فى السودان العامل بالسوق المحلى ولاسيما بعد رفع عقوبة الحظر المصرفى فاتحا المجال للمصارف للتعامل مع المقاصة الدولية.
تبدأ خريطة أو هيكل القطاع المصرفى فى السودان بالبنك المركزى السودانى الذى ينظم ويحدد السياسات النقدية التى تسير عليها الدولة والبنوك العاملة داخل القطاع المصرفى السودانى حيث يبلغ عدد البنوك 38 مصرفا منها حوالى 9 مصارف أجنبية. إلا أن الشئ اللافت للمراقب الضعف الشديد لرساميل هذه المصارف التى تحتاج إلى تجميع فى مصرفين لتحسين مراكزها المالية حيث أتضح أن رساميل هذه المصارف حوالى 650 مليون دولار تقريبا وإذا إعتمدنا السعر الرسمى للدولار فى 7.9 لا يتعدى 2 مليار دولار تقريبا فى حين أن راسمال البنك التجارى الاثيوبى 600 مليون دولار حسب المعلومة التى أطلعت عليها لعام 2014م فى حين أن أرباح البنك الأهلى المصرى للعام 2016م بلغ حوالى 344 مليون دولار فى الوقت الذى تقول فيه تقرير بنك السودان أن الكتلة النقدية داخل المصارف 70٪ والكتلة النقدية خارج المصارف 30٪ رغم أن الواقع والاقتصاد الموازى يشير خلاف ذلك علما أن التقارير الرسمية تتحدث عن الشمول المالى 6٪ فقط تتعامل مع المصارف فى حين 94٪ خارج المصارف هذا التناقض يفتح أبواب أسئلة يحتاج إلى أجوبة فى ظل غياب الشفافية والحوكمة.
الاختلالات الهيكلية للإقتصادالسودانى زادت مع إستخراج النفط حيث إعتمد الاقتصاد السودانى سياسات ريعيه قائم على ريع النفط منذ بداية انتاجه وفى الوقت نفسه شهدت البلاد إهمال القطاع الزراعى بشقيه النباتى والحيوانى حيث إتجه الجميع للاقتصاد الخدمى ثم الكارثة أنها لم توجه تلك الايرادات والعائدات إلى مشاريع انتاجيه وصناعية بل حولت الاراضي الزراعية ما يسمى سياسة التحسين التى بموجبها تحولت الاراضي الزراعية إلى غابات أسمنتية بل إعتمد السودان على إستيراد حاجياته الضرورية من قمح وخضر وفواكه واسماك ولحوم مجمدة وبصل وفول من الخارج فى فضيحة مجلجلة دون أن ترف جفن للحكومة بعدما دمرت المشاريع الزراعية والانتاجية والثروة الحيوانية وفرض رسوم وجبايات تزيد من كلفة الانتاج حتى هربت الناس من هذه القطاعات الحيوبة المهمة بالرغم من امكانيات القطاع الزراعى الغنى بتربته ومياهه والموارد البشرية والقطاع الحيوانى الذى لم يجد سوى الإهمال حتى إحتلت دول أخرى أسواق السودان وتدنى الصادر بل توقفت فى كثير من الحالات. رغم فرص النمو فى القطاعين بالسودان أكبر من امكانات الدول التى إحتلت اماكن أسواق السودان خاصة أن الاقتصاد السودانى عانى وتعرض فى السنوات الاخيرة لعدد كبير من الازمات سياسية وإقتصادية وإجتماعية وبل ثقافية نتيجة للحروب الأهلية الدائرة التى تمتص اكثر من 75٪ من موارد البلاد لبلد أصبح إقتصاده يعتمد على الاقراض والديون والمنح.
يحتاج السودان إلى مقومات للنهوض من عثرتها ومن التحديات التى تواجهه والتى سببت شلل كلى لجميع الاذرع الانتاجية في حاجة إلى إيقاف الحرب الأهلية والصراعات القبلية والجهوية والعشائرية وتوفير الأمن الأجواء السليمة لبناء مؤسسات الدولة سواء المدنية أو العسكرية بشكل سليم وواضح لتحقيق الأهداف الاستراتيجية التى تجب أن تتبناها الدولة لخدمة وتقدم القطاع الاقتصادى القومى لتبنى خطة تنموية شاملة طموحة للحصول على نمو إقتصادى متميز مبنية على طريقة طبيعية المجتمع السودانى، تعتمد على الامكانات السودانية الغنية بمواردها المتوفرة فيه من موارد بشرية ومادية تستهدف خلق قاعدة زراعية متينة وصناعية لهذا المنتوج وقيمة مضافة قادرة على إنتاج سلع منافسة وخلق قطاع زراعى متطور بادخال المكننة والتقنية يوفر الخدمات الاساسية لافراد المجتمع وتخلق قاعدة صادرات عريضة متميزة.
بما أن هذا القطاع بشقيه كان يعتمد عليه السودان فى موازنة ايراداته كانت الجنيه السودانى سيدة نفسها على مر التاريخ. إذن لابد من العودة اليه من زيادة الرقعة الانتاجية واستصلاح الاراضي الزراعية والتصنيع ثم الاهتمام بالقطاع الحيوانى واقامة مسالخ حديثة لتشكل قيمة إضافية لصادر الحيوان ويساهم فى خلق وظائف ويحافظ على الثروة وعائدات مجزية.
فى ظل هذا الوضع المأزوم هناك تحديات تواجه القطاع المصرفى السودانى ليقود القطاع المصرفى الدور التنموى والتمويلى الجيد فى السوق السودانى لابد أن يتجاوز تحديات رئيسية تستطيع من خلالها رسم ملامح قطاع مصرفى أكثر تاثيراً فى السوق وفى مقدمة التحديات لابد من معالجة الضعف الشديد فى رساميل هذه المصارف وإلا أنها لا تمثل أي مصرف حقيقى ثم بالرجوع إلى دور المصارف السودانية نشاهد ونلمس إنخفاض معدل التغطية المصرفية فى السوق السودانية مقارنة بعدد السكان حسب ما افاد به أحد الخبراء لا تتعدى هذه النسبة عن 3٪ حاليا مقابل 70٪ فى المتوسط عالميا ولا تزيد الحسابات المصرفية فى كافة المصارف على نسبة لا تتجاوز عن 2٪ تقريبا تشمل حسابات الافراد والشركات بل الهيئات العامة من يحق أو يجب أن يكون لديهم حسابات مصرفية، ثم تفتقد المصارف السودانية تطوير سياسات الانتشار الجغرافى والوصول إلى هذه الاماكن وكذلك العمل على إجتذاب مزيد من العملاء للتعامل عبر الجهاز المصرفى فى إطار خطط مدروسة للتحول إلى المجتمع اللانقدى حيث لا تزال عمليات التبادل السلعى عبر «الكاش» هي السائدة فى السوق السودانية بيعا وشراء فى الوقت الذى تتراجع فيه عمليات «الكاش» فى كل بلاد العالم ثم أن سياسات التركيز الائتمانى وصاحب هذا التركيز الائتمانى على صعيد المقترضين تركز مماثل على صعيد القطاعات الاقتصادية ومن ثم يصبح من الضرورى اعادة النظر فى السياسات الائتمانية المتبعة، بحيث تكون أكثر عدالة وانحيازه إلى التنوع الاقتصادى فى مجالاته المختلفة فضلا عن حجم السيولة الكبيرة خارج الاطار الرسمى لوجود إقتصاد مواز بحجم كبير يقدره البعض بنسبة تتجاوز 70٪ من الكتلة النقدية عكس ما يذهب اليه البنك المركزى فى ظل عدم توفر معلومات صحيحة وغياب شفافية وحجم التداول فى الاسواق وخزن الغرف فى البيوت يصبح المواطن فى حيرة من حال البلاد.
ظلت هذه الكتلة النقدية لسنوات ولا تزال خارج النطاق الرسمى لعمل المصارف وظلت انشطة هذا الاقتصاد الموازى لا تعتمد على المصارف سواء فى التمويل أو إيداع المتحصلات الناتجة عنه ومن ثم حرم الجهاز المصرفى من كمية سيولة هائلة تسرب معظمها فى عمليات استهلاكية أو تجميد نسبة لا بأس بها فى عقارات واراضي وذهب ومن ثم لم يستفيد منها الاقتصاد الانتاجى والبلاد.
بالرغم من ضعف الراساميل التى تعانى منها المصارف السودانية إلا أن هناك ضرورة مساندة القطاع المصرفى للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر باعتبارها بوابة التشغيل والتوظيف فى مجتمع يعانى من نسبة بطالة مرتفعة، فهذه المشروعات ليست كفيلة فقط بامتصاص جانب من العمالة العاطلة وشباب الخريجين بل أن لها دوراً مسانداً للنمو من خلال امداد المشروعات الأكبر حجما بالمواد الخام والسلع الوسيطة أو نصف المصنعة إلى جانب خدمات لوجستية أخرى مثل أنشطة النقل والتعبئة والتغليف والانشطة الفرعية أو مقاولات الباطن التى لا تستغنى عنها الشركات الكبيرة وهى خدمات لا تستطيع سوى الشركات الصغيرة تقديمها إلى جانب المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر تتيح سلع وخدمات تلبى إحتياجات شرائح واسعة من السكان لاسيما سكان المناطق الريفية والفقيرة والعشوائية والمدن الريفية الصغيرة، نظراً لانخفاض اسعار هذه السلع.
أن قيام المصارف بتوفير تمويل جيد لهذه المشروعات بعيداً عن التعقيدات الادارية واللجوء إلى مؤسسات التمويل الوسيطة مثل الشركات والجمعيات بهدف الوصول إلى أكبر عدد من العملاء المحتاجين لهذه التمويل والراغبين فى إقامة مشروعات صغيرة أو التوسع فى مشروعات قائمة هو أمر مطلوب وبشدة مع ضرورة لجوء المصارف إلى مزيد من الجهد الخلاق والمبدع فى إبتكار آليات عمل فى مجالات التوظيف والتشغيل وتوليد الارباح نتيجة عمليات حقيقية مفيدة لبقية أطراف السوق هذا الامر يجعل الناس أن تتجه للمصارف لايداع مدخراتها والاستفادة منها ويخارج البنوك من أزمتها ونشاطها المختصر فى الايداع والسحب فقط.
الوظيفة الاساسية للبنوك هي الاقراض للافراد والشركات، إلا أن خطط التنمية السليمة تستطيع أن تجعل للبنوك أدواراً أخرى تمكنها من تملك دور أكبر فى التنمية داخل القطاع الاقتصادى للبلاد. وتكون الممول الرئيسي للنشاط الاقتصادى وتحقيق كامل أهداف التنمية ومن المفترض أن يساهم القطاع المصرفى من خلال الاصول والودائع فى منح الائتمان العام والخاص للأفراد والمؤسسات الراغبة فى الاقتراض لادارة عجلة الاقتصاد القومى إلا أن الاصول المجمعة للقطاع المصرفى السودانى تشكل هاجس كبير لضعفها الشديد فضلا عن تراجع الطب على الائتمان من قبل الافراد والشركات نتيجة للحذر الشديد الذى يسيطر على المستثمرين نتيجة للوضع الاقتصادى والسياسي وعدم الاستقرار للسياسات النقدية والمالية التى تصدرها البنك المركزى الذى يتحمل وزرها لتخبطه فى إصدار سياسات مالية ونقدية على سبيل المثال التحويلات التى تتم من الخارج تطرح من الاستفسارات والتساؤلات الكثير فى ظل إدارات مصارف تدفن رؤوسها فى الرمل كالنعام ويهامسون فى الجلسات الخاصة عن سوء السياسات النقدية والمالية التى تصدرها البنك المركزى ويعتبرونها مسكنات وإن هذه المسكنات لها أعراض جانبية خطيرة ربما تسبب شلل وسرطانات للإقتصاد الوطنى مع الاستغلال الخاطئ للموارد المالية فى غير موضعها إلا أن الحاضر الغائب هو غياب موارد حقيقية هذا ما يسكت عنه البنك المركزى ثم غياب المعلومة وعدم الشفافية عن حجم الاحتياطي النقدى بالبنك المركزى.
13 ديسمبر 2017
شاهد أيضاً
نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا
أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …