الاصلاح المؤسسي لقطاع البيئة في السودان
لا شك، أن ثورة ديسمبر تختلف عن سابقتيها في 1964 و1985 من نواحي طبيعة النظام السابق وتطاول بقائه على سدة الحكم، وتدهور مؤسسات الخدمة المدنية خلال ذلك النظام، وطبيعة المعارضة السياسية المدنية والعسكرية، وطول أمد الحراك الجماهيري، والمشاركة النوعية للشباب والنساء ومضامين شعارات الثوار، ودرجة ومدى تعقيد عملية انتقال السلطة وترتيبات الانتقال، في سياق ظروف داخلية واقليمية ودولية بالغة الاختلاف، مما يجعل امال وطموحات الشعب متعلقة بحكومة مدنية توفر العيش الكريم في كافة مناحي الحياة من خلال نظام مؤسسي وهيكل فاعل للدولة لكل القطاعات دون تحيز.
البيئة في ثورة ديسمبر 2018 وفي الحكومة الانتقالية :
• تنص الفقرة 8 من مهام الحكومة الانتقالية في إعلان الحرية والتغيير يناير 2019 على التزام الدولة في تحقيق رعاية اجتماعية مستدامة مع ضمان حماية البيئة وحق الاجيال.
• تنص الفقرة 14 في الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لعام 2019 على العمل على المحافظة على بيئة طبيعية ونظيفة مع الحفاظ على التنوع الحيوي في البلاد ورعايته وتطويره بما يضمن حق الاجيال..
• حكومة الثورة لم تهتم للشأن البيئي ولم تخصص وزارة للبيئة في الحكومة للانتقالية بينما ورد برنامج اسعافي متكامل للبيئة في البرنامج الاسعافي للدولة الذي قدمه قحت.
• اوضح السيد وزير الزراعة (مفوضا من السيد وزير رئاسة مجلس الوزراء) لوفد العاملين في قطاع البيئة لمناقشة مذكرات كان قد رفعت لرئيس مجلس الوزراء للمطالبة بمفوضية لإدارة شئون البيئة في الحكومة الانتقالية، أوضح ان امر البيئة يمكن ان يدار من داخل المؤسسات و القطاعات الاخرى الشيء الذي لا يحقق الادارة الكلية والنظرة الشاملة للبيئة بمكوناتها.
• تخوف وفد العاملين الذي التقى السيد وزير الزراعة ان يوكل الدور الرقابي للبيئة للجمعيات الطوعية وان استفحل التدهور البيئي قد يصل إلى شكاوى عدلية وقد لا يمكن تدارك هذا التدهور حينها خصوصا ان كان قد وصل حد التأثير على صحة الانسان او موته. وهذا يزيد ايضا من مخاوفهم في تجاهل الحكومة الانتقالية لادارة الشأن البيئي على مستوى هيكل الدولة.
لماذا مفوضية للبيئة في الحكومة الانتقالية؟
أولا: البيئة بعناصرها المختلفة وحدة لا تقبل التجزئية وهي كل متجانس يسير وفق نظام متوازن يوثر ويتأثر بالبشرية، واي اختلال في النشاط البشري يؤدي إلى خلل في توازن هذا النظام، مما يستوجب ان تكون النظرة كلية للبيئة ومكوناتها لتحديد المسارات البيئية للانشطة البشرية ومراقبتها. فان إدارة ورقابة البيئة ومكوناتها من خلال القطاعات الانتاجية والخدمية لا يفي بالتوازن البيئي الكلي المطلوب في الماء والهواء والتربة والتنوع الإحيائي، ولا يحقق استدامة تجدد الموارد الطبيعية المتجددة بشكل كلي دون اجهاد، ولا يحدد فرضية نسب الاستهلاك من الموارد الطبيعية غير المتجددة وترتيب مواقع انتاجها ومعالجة الاثار البيئية السالبة من جزاء انشطة انتاجها. كل هذا يستوجب ان يكون للبيئة جسم قومي يدير شئونها لضمان استدامة التوازن البيئي وتحقيق العيش الكريم للشعوب.
ثانيا: السودان يجابه تردى غير مسبوق فى الأوضاع البيئيه سواء كان إجهاد (تردى نوعى) او إهدار (تردى كمى)، كما تواجهه تحديات بيئية جسيمة ومستجدات طرأت وتطرأ على المستوى المحلي والإقليمي والدولي في كل المجالات و تؤثر تأثيرا مباشرا على الوضع البيئي في البلاد مما يستوجب ان تضع الحكومة الانتقالية البيئة نصب اعينها في خطتها الاسعافية وتكوين جسم قومي لادارة الشأن البيئي.
ثالثا: نسبة لتعقيدات الوثيقة الدستورية فان الجسم القومي المطلوب لادارة شئون البيئة في الحكومة الانتقالية يمكن ان يكون مفوضية لادارة شئون البيئة والتنمية المستدامة استنادا إلى الفقرة 38 البند 5(ط) -الفصل الثاني عشر “المفوضيات المستقلة” – والذي يعطي لرئيس مجلس الوزراء الحق في تعيين رئيس وأعضاء إي مفوضيات أخرى غير الواردة في الوثيقة الدستورية.
الاهتمام بالبيئة عالميا:
• ينعكس الاهتمام بالبيئة عالميا في عدد من الاتفاقيات والمنظمات والسكرتاريات العالمية التي تدير هذه الاتفاقيات، حيث وقع السودان علي 15 اتفاقية . أهمها: اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة التصحر – الاتفاقية الاطارية لتغير المناخ – اتفاقية التنوع الإحيائي – اتفاقية ميناماتا (بشأن الزئبق) – اتفاقية بازل (نفايات الخطرة) – اتفاقية استكهولم (الملوثات العضوية الثابتة)
• تتداخل البيئة في كل القضايا والفعاليات العالمية للمثال لا للحصر: إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية، ومؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة، ومؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية، وبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ومنهاج عمل بيجين، ومؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
• برنامج الامم المتحدة للبيئة كواحد من ضمن 15 منظمة للامم المتحدة.
• عدد الدول التي بها وزارات لادارة الشأن البيئي 164 دولة من مجموع 195 دولة في العالم اجمع (كان السودان واحد من هذه الدول قبل إلغاء وزارة البيئة في 2018 بقرار من حكومة العهد البائد)
• عدد الوفيات التي تنجم من مخاطر بيئية والتي يبلغ عددها 12.6 مليون شخص بنسبة شخص في كل اربعة وفيات
• 40% من الصراعات داخل الدول في ال60 سنة الماضية لها صلة بالموارد الطبيعية…
الاهتمام بالبيئة اقليميا
• المنظمات الاقليمية واذرعها : مثل منظمة الايقاد لها مهام بيئية متمثلة في مركز التوقعات المناخية لدول الايقاد – هيئة الانذار المبكر للنزاعات وآليات الاستجابة (CEWARM) – مبادرة الايقاد للمرونة ومقاومة كوارث الجفاف والاستدامة (الادريسي)
الوضع المؤسسي حاليا في السودان
الوضع الحالي للبيئة وفق المرسوم الجمهوري 42 لعام 2018:
• المجلس القومي للبيئة
• المجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية.
• المجلس القومي لمكافحة التصحر.
• المجلس القومي للسلامة الإحيائية
• لم يرد في المرسوم الجمهوري 42 لعام 2018 ما يفيد تبعية هذه المجالس للمجلس القومي للبيئة وانما ذكرت كجهات ذات صلة. مما جعل الامانات العامة للمجالس تعمل بدون رئيس في غياب تام للمؤسسية والشفافية وعدم التبعية والرقابة.
• توجد إدارات للبيئة في الوزارات الاتحادية – بما فيها إدارة للحياة البرية في وزارة السياحة والآثار- تعمل وفق قوانين خاصة بها – رغم ضعف هذه القوانين -دون الرجوع إلى وزارة البيئة أو التنسيق معها
• تواجه الإدارة العامة لشئون البيئة بالمجلس القومي للبيئة (وزارة البيئة سابقا) في عملها تضاربا في الاختصاصات مع المجالس المكونة للوزارة رغم ان مهام هذه المجالس تنسيقية.
المطالبات :
• تم التنازل ان تكون للبيئة وزارة في الفترة الانتقالية نسبة للتعقيدات المرتبطة بفتح الوثيقة الدستورية
• المطالبة بقيام مفوضية لإدارة شئون البيئة والتنمية المستدامة استنادا إلى الفقرة 38 البند 5(ط) -الفصل الثاني عشر “المفوضيات المستقلة” – والذي يعطي لرئيس مجلس الوزراء الحق في تعيين رئيس وأعضاء إي مفوضيات أخرى غير الواردة في الوثيقة الدستورية.
• المطالبة بورشة لادارة الشأن البيئي في هيكل الدولة ينظمها مجلس الوزراء.
• النظر بعين الاعتبار للبيئة في الدستور القادم.
شاهد أيضاً
نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا
أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …