قال تقرير بصحيفة نيويورك تايمز إن فيروس كورونا سيهدد بإحداث عدوى مالية في اقتصاد عالمي يعاني من نقاط ضعف مختلفة تماما عمّا كان يعانيه العالم قبيل الأزمة المالية 2008، حيث أضحى العالم مثقلا بالديون بشكل كبير أكثر مما كان عليه الحال حين اندلعت الأزمة المالية الأخيرة.
وأضاف التقرير للكاتب والمستثمر الهندي روتشير شارما “تحولت أضخم الديون وأخطرها من تداعياتها على العائلات والبنوك في الولايات المتحدة التي كانت مقيدة من قبل الجهات التنظيمية بعد الأزمة، لتصل إلى الشركات في مختلف أنحاء العالم”.
وأفاد الكاتب بأنه في الوقت الذي تتعامل فيه الشركات مع احتمال حدوث توقف مفاجئ لتدفقاتها النقدية، سيكون جيل جديد نسبيا من الشركات التي تكافح لسداد القروض المتخلدة بذمتها أشد تأثرا بهذه الأزمة، على غرار شركات “الزومبي” (شركات تعيش على الديون) العاجزة حتى عن دفع أقساط الفائدة على ديونها، فضلا عن التداعيات الخطيرة للمطارات المهجورة والقطارات الفارغة والمطاعم شبه الفارغة على النشاط الاقتصادي.
وأكد الكاتب أنه كلما طالت مدة جائحة كورونا، زاد احتمال حدوث أزمة مالية، ولا سيما في ظل تخلّف شركات “الزومبي” عن سداد ديونها مثلما حدث خلال أزمة الرهن العقاري الخطيرة التي ظهرت عام 2008.
وخلال القرن الماضي، كانت حالات الركود دائما ما تبدأ بفترة متواصلة من ارتفاع أسعار الفائدة، لكن هذه المرة ضرب الوباء الاقتصاد العالمي المثقل بمستويات قياسية من الديون، بحسب الكاتب.
أزمة مالية
وأشار الكاتب إلى أن البنوك المركزية في مختلف أنحاء العالم تواجه خطر تحول أزمة السيولة إلى أزمة مالية، مثلما حدث عام 2008.
وعلى الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي الأميركي ستكون كافية لمنع انتشار حالة الذعر والهلع في الأسواق، فإن لسائل أن يسأل: لماذا يشعر النظام المالي بالضعف الشديد مرة أخرى؟
ويجيب الكاتب قائلا: في الحقيقة ارتفعت الديون بشكل كبير لتصل إلى ذروتها التاريخية بأكثر من ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد العالمي عشية الأزمة المالية عام 2008. وفي ذلك العام انخفض الدين، لكن سرعان ما ساهم انخفاض أسعار الفائدة في موجة جديدة من الاقتراض.
وتابع “كان الهدف من سياسات التيسير النقدي التي اتبعها بنك الاحتياطي الفدرالي، وطبقتها بدورها البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم: الحفاظ على نمو الاقتصادات وتحفيز الانتعاش من الأزمة. وبدلا من ذلك، أُنفق جزء كبير من هذه الأموال في الاقتصاد المالي، بما في ذلك الأسهم والسندات والائتمان الزهيد لشركات غير مربحة”.
وأوضح الكاتب أنه في ظل استمرار التوسع الاقتصادي عاما بعد عام، تزايد التراخي في التعامل مع المقرضين، وتقديم قروض بخسة لشركات ذات تمويل مشكوك فيه.
ويقول “في الوقت الراهن، وصل عبء الديون العالمية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، حيث بلغ مستوى الديون في قطاع الشركات الأميركية 75% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، محطما الرقم القياسي السابق الذي سجل عام 2008.
ولفت الكاتب إلى أن الصناعات التي تضررت بشكل مباشر من فيروس انتشار كورونا شملت كلا من الشركات الكبرى في قطاعات السيارات والفنادق والنقل، في وقت توجد فيه شركات “الزومبي” في سوق ديون الشركات التي تبلغ قيمتها 16 تريليون دولار أميركي.
وأضاف أن الشركة الأميركية المتوسطة تتقيد بديون تساوي ستة أضعاف أرباحها السنوية، وهو ما يعتبر “ضعف المستوى غير المرغوب فيه”.
وأوضح الكاتب أن الضغوط تضاعفت جراء تراكم الديون لدى الصناعات التي تأثرت بفيروس كورونا، بما في ذلك النقل والترفيه وقطاع السيارات، وربما الأسوأ من ذلك كله، تأثر قطاع
ونبه إلى أن ديون الشركات في الصين تضخمت في العقد الماضي أربعة أضعاف، لتصل إلى قيمة أكثر من 20 تريليون دولار، وهو ما يعدّ بمثابة أكبر أزمة حصلت على الإطلاق.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن عُشر هذا الدين يقع على كاهل الشركات التي تعتمد على الإقراض الموجه من الحكومة للبقاء في السوق.
ويؤكد الكاتب أنه في مناطق أخرى من العالم -بما في ذلك الولايات المتحدة- تتزايد الدعوات لتقديم دعم حكومي مماثل لقطاع الشركات الهش.
ويختم بالقول “بغض النظر عما يفعله صانعو السياسة، سيكون الأمر مربوطا بفيروس كورونا ومدى تراجع انتشاره”.
المصدر : نيويورك تايمز