نواكشوط,
خصصت الجمعية الوطنية خلال جلستها العلنية التي عقدتها اليوم اليوم الاثنين برئاسة السيد أحمدي ولد حمادي النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية وذلك الاستماع الى ردود معالي وزير الزراعة السيد ادم بوكار سوكو، على سؤال شفهي وجهه إليه النائب محمد ولد مولود حول واقع واحات النخيل والاجراءات المتخذة لانقاذها .
وقال النائب أن واحات النخيل_ علاوة على كونها من المصادر الأساسية لمنتوجنا الزراعي _ فإنها توفر عشرات الآلاف من فرص العمل وهي الحاضنة والمبرر لوجود الساكنة في مناطق صحراوية قاحلة من ولايتي أدرار وتغانت .
وأضاف أن واحات النخيل ظلت ضحية سنوات الجفاف المتعاقبة التي قضت على جل نخيلها كما حصل في امحيرث بادرار وتجكجة بتغانت.
وبين السيد النائب أن الواحات تواجه كارثة حقيقية تتطلب تدخلا استثنائيا لانقاذ الباقي من النخيل من أجل تثبيت السكان في مناطقهم الأصلية ،مبينا أهمية النخيل في الاقتصاد وصون ثقافة البلد.
وطالب بتنوير الرأي العام الوطني حول حقيقة المشاكل التي تواجهها واحات النخيل في المناطق المذكورة ،متسائلا في نفس السياق عن سياسات القطاع لانقاذ هذه الواحات من الانقراض.
وفي رده على هذه التساؤلات ،شكر معالي وزير الزراعة السيد ادم بوكار سوكو السيد النائب المحترم الذي تعرض في سؤاله لأهمية الزراعة في مناطق الواحات وللدور الهام الذي تلعبه في المساهمة في الامن الغذائي و خلق العديد من فرص العمل ومكافحة الفقر .
واكد أن ترقية وتطوير تنمية المناطق الواحاتية و قطاع الزراعة بشكل عام يكتسي أهمية كبيرة ويمثل موضوعا محوريا في برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وذلك لدوره الاساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد.
واستعرض بعض المعطيات الأساسية التي تساهم في انارة الراي العام على واقع الزراعة في هذه المناطق والناجم في الأساس عن النقص المتزايد في المخزون المائي بسبب ندرة الامطار ، والمناخ الصحراوي الجاف والاستغلال العشوائي لهذا المخزون المحدود اصلا، حيث عانت هذه المناطق من موجة جفاف حاد خلال العقدين المنصرمين كما تقلص موسم الامطار الذي اصبح يتراوح من 20 الى 40 يوم مع معدل اقل من 50 ملم سنويا. و بالإضافة الي هذه الوضعية، ومع قلة منشات للتخزين والتحكم في المياه السطحية، شهدت هذه المنطقة استغلالا مفرطا للبحيرات الجوفية السطحية، التي تبقي المصدر الوحيد لمياه الري المتوفر لدى المزارعين.
وأوضح أنه تم غرس معظم الواحات بصفة عشوائية على حافة الوديان وفق نظام تقليدي بعيدا عن احترام المعايير الفنية لزراعة النخيل ،بهدف استغلال البحيرات الجوفية السطحية التي تعتمد في تغذيتها علي التساقطات المطرية ، ويتم جلب المياه غالبا باستخدام أدوات بدائية وهو ما ادى الي عدم إمكانية استصلاح وإعادة تاهيل الواحات القديمة والنقص المتزايد في إنتاجية ومردودية هذه الواحات والاستدامة في استغلالها.
وأشار في رده على سؤال النائب الى انه قبل التوصل لحلول جذرية للتغلب على مشاكل المياه في مناطق الواحات وخاصة في المناطق الشمالية ، والتي تعكف عليها حاليا وزارة المياه , قام قطاع الزراعة بوضع خطة عمل تعتمد علي استغلال المياه الموجودة بالشقوق النادرة بهذه المناطق , حيث تم التركيز علي استخدام تقنية حديثة للتنقيب عن اكبر مخزون من المياه بجوار الواحات القديمة.
وقد قيم في هذا الاطار بدراسات مكنت مشروع تطوير وتنمية الواحات من الحصول على بيانات كافية عن تحديد تواجد المياه الجوفية وعن تضاريس المناطق الواحاتية .
وأضاف أنه محاكاة للنماذج الناجحة في الدول ذات الخبرة في تنمية المناطق الواحاتية كتونس والمغرب والجزائر والإمارات والسعودية، قامت الحكومة بالتعاون مع شركائنا بالتنمية بتمويل برنامج لتطوير وتنمية الواحات يهدف أساسا الي تحقيق الأهداف التالية:
– إنشاء وحدات إنتاجية تعتمد أساسا علي الاستغلال المستديم للمياه الجوفية العميقة
– تطبيق واحترام المعايير الفنية لزراعة النخيل سبيلا الى زيادة وتحسين الإنتاج
– زيادة منسوب البحيرات الجوفية السطحية والحفاظ عليها خاصة بالأحواض الساكبة
– ولوج الفئات الهشة لأول مرة الي امتلاك النخيل
ويشترط في بلوغ هذه الأهداف انشاء واحات نموذجية جديدة تخضع للمعايير الفنية المتعارف عليها لزراعة النخيل ,ستمكن من زيادة الإنتاجية والرفع من جودة الإنتاج مقارنة مع المردودية المتدنية للواحات القديمة مع تساوي تكاليف الاستثمارفي مجال الري للنمطين القديم والحديث. .
ونبه إلى أن حاجيات البلاد من مادة التمور سنويا تقدر بما يناهز 47000 طن ,ولتغطية هذا الطلب فقد تم إعتماد مشروع تطوير وتنمية الواحات لانجاز وحدات ري جماعية متكاملة تعمل بالطاقة الشمسية تكفي لتغطية حاجة 300 الف نخلة والى أنه بالإمكان توسعته ليشمل ما يناهز مليون نخلة جديدة لتوفير 50.000 الف طن سنويا على المدى المتوسط بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من التمور. وتبقى هذه الأهداف مرهونة باكتشاف مصادر مائية معتبرة كافية لتغطية الحاجيات اليومية من مياه الري تقدر ب 100 الف متر مكعب لليوم.
وبين انه مع البدء في تنفيذ هذا المشروع 2019 شهدت منطقة آدرار وتكانت تسارعا مخيفا في وتيرة الجفاف نتيجة قلة التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة وهو ما أدى الى تضرر كبريات الواحات التي يعتمد عليها في تزويد الأسواق الوطنية من التمور .
ولتغطية الطلب الملح من هذه المادة في الآجال القريبة والمتوسطة ,اصبح من الضروري التدخل لتوفير مياه الري والحفاظ علي اهم واكبر هذه الواحات وذلك بتخصيص جزء من تمويل برنامج إقامة الحقول الجديدة لري جل النخيل في هذه الواحات ضمن برنامج استعجالي هو الآن في مرحلة ابرام الصفقات.
وأشار الى أن هذا البرنامج يرتكز أساسا على استغلال المياه الجوفية النادرة بالشقوق عن طريق حفر وتجهيز 100 بئر أنبوبية عميقة بقرب الواحات المتضررة، بعيدا عن مصادر البحيرات السطحية بهذه الواحات وذلك لإقامة وحدات ري جماعية ستغطي حاجيات 235 ألف نخلة عن حفر وتجهيز 100 بئر أنبوبية تستفيد منها واحات امحيرث وسكليل وتجكجة وكرو.
ونتيجة لضعف منسوب المياه بهذه الشقوق , في المتوسط ما بين 5 الى 12 متر مكعب للساعة، قال وزير الزراعة إنه يبقي توفيرالاحتياجات اليومية من مياه الري معضلة كبرى باعتبار النقص الحاد في مياه الشرب علي مستوي هذه المناطق،كما ان المرحلة الحالية من مشروع تطوير وتنمية الواحات تعتمد أساسا علي انجاز الاتي:
1ـ استصلاح 1250هكتار من المساحات الجديدة ,سوف تمكن من غرس 200000 نخلة جديدة وفقا للمعايير الدولية للإنتاج يتم تخصيص 10 % منها لزراعة الخضروات ،
2ـ مواصلة دعم الواحات القديمة وتحسين انتاجها وتشجيع إعادة استصلاحها من خلال تجهيز 1000 بئر بالطاقات الشمسية من أجل ري 750 هكتار، مع إقامة وحدات للري الجماعي لصالح هذه الواحات القديمة
3ـ وضع طاقم إرشاد زراعي وإدخال أصناف جديدة من النخيل عن طريق انشاء ودعم مختبر الامراض والتقنيات الحيوية لتكثير الفسائل وكذا تثمين المنتوج من خلال دعم وتوسيع أول وحدة لمعالجة التمورالتي هي من إنجاز هذا المشروع في مرحلته السابقة.
4ـ العمل من جهة أخرى على تغذية البحيرات الجوفية من خلال بناء السدود والحواجز المائية على امتداد الوديان.
وأضاف أنه بالاضافه الى البرنامج الاستعجالي المذكور ستعمل الحكومة على تغطية حاجيات الواحات المتضررة والمقدرة بمليون نخلة وذلك عن طريق حفر وتجهيز مئات الابار الانبوبية الاضافية .
وأكد مخاطبا الحضور :” تلكم بعض الإجراءات التي يقوم بها القطاع سعيا الى تسيير معقلن للموارد المائية والى التصدي لكل ما تتعرض له الزراعة في المناطق الواحاتية بسبب التغيرات المناخية او ظهور افات أخرى كسوسة النخيل الحمراء مثلا ، حيث يقوم بالإجراءات الاستباقية اللازمة”.
وريثما تتوفر حلول جذرية لتزويد المناطق الشمالية بالمياه أكد معالي الوزير ان الوزارة ماضية في تنفيذ برنامجها الحالي والذي يعتمد في خطة تنفيذه علي استغلال الشقوق والجيوب المائية مع وجود امال في اكتشاف كميات مهمة تمكن من تغطية بعض الاحتياجات من مياه الري خاصة بعد الاكتشافات الأخيرة بمنطقة ودان والطواز .
ولتعزيز هذه الجهود ضمانا لاستمرار خدمات الري في الواحات مابعد المشروع ،بين الوزير أن الوزارة ،ستعكف ،بالتشاور مع وزارة المياه علي اعداد خطة لضمان استمرارية وصيانة هذه الوحدات عن طريق الاشراف عليها من قبل هيآت مختصة قائمة أو أخرى ستنشأ لهذا الغرض يعهد اليها بتسيير وصيانة هذه المنشآت مما سيضمن إستمرارية خدمة الري في الواحات .
وأوضح أن الامال تبقي معلقة علي المسح المنفذ من طرف وزارة المياه بهذه المناطق من اجل اكتشاف كميات معتبرة من المياه الجوفية تكفي لتوفير مياه الري بهذه المناطق.
وأكد في الأخير ان القطاع يعمل بصفة متوازية على الاستغلال الأمثل للموارد الزراعية وعلى الخصوص المائية منها وذلك في جميع المناطق الواحاتية و أيضا على مستوى شبه القطاعات الأخرى كالزراعة المروية او الزراعة في المناطق المطرية .