الجمعة , مايو 3 2024
أخبار عاجلة

ماذا عن تنشيط السياحة التعليمية في “خريف ظفار”؟

د. رجب بن علي العويسي- خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية في مجلس الدولة

يمثل خريف ظفار السياحي تظاهرة وطنية متعددة الاتجاهات متنوعة الاهتمامات، تستوعب رغبات المجتمع وطموحاته وأولوياته، فلم تعد مسألة السياحة اليوم في ظل اقتصاد السياحة الواعد مفردة ترتبط بالاستجمام الشخصي البدني والترويح العائلي والعيش في قلب الطبيعة واستشعار أنسها وجمالها الرباني فحسب ، بل حملت معها الكثير من المفردات واتسعت فيها الخيارات ، وأصبحت السياحة فرصة للاستجمام العقلي والروحي والفكري والنفسي ومحطة وطنية لقطاعات الدولة المختلفة ومؤسساتها والتفكير الجمعي بروح وطنية ملؤها التفاؤل والايجابية وترقية عامل الوفرة وتعزيز حضور الإرادة نحو إعادة هيكلة قطاعات العمل والإنتاج، والتي تصنع من هذه المواسم محطة انطلاقة وفرصة للتفكير في أفضل البدائل وأحس الخيارات وأنجع الحلول على مختلف جوانب الحياة، بل وفي نوعية البرامج والمشروعات التي يحتاجها الانسان المعاصر.

ولمّا كان قطاع التعليم من أكبر القطاعات المجتمعية في مواردها البشرية بما يحمله من تفاصيل كثيرة وأجندة متعددة، وحجم الداخلين في هذه المنظومة مقارنة بالعاملين في قطاعات الدولة الأخرى، ومن منطلق الدور الاستثماري والترويجي للتعليم ، لذلك كان لحضوره في خريف ظفار السياحي أولوية، وله أبعاده السياحية والاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية بالإضافة إلى دوره في تأصيل فقه الإنتاجية في التعليم وتعظيم القيمة المضافة عبر الاستثمار التعليمي في خريف ظفار السياحة ، والتي تبدأ بالتفكير في تبني سياسات تعليمية داعمة لهذا التوجه وإنتاج محطات لتعزيز الحضور التعليمي المتكافئ مع مختلف منظومات الدولة وقطاعاتها المختلفة في تقييم مخرجات خريف ظفار على الاقتصاد الوطني والاستثمارات وصناعة الفرص لنمو السياحة ومدى إسهام هذه القطاعات في رفع سقف المشاركة في تحقيق هذا الهدف، لذلك كان التركيز على أهمية الاقتناع بتنشيط حركة السياحة التعليمية، وتعزيز حضورها الاستثنائي ممثلة في جملة البرامج والفعاليات والاستراتيجيات والتفاعلات التي تمارسها مؤسسات التعليم بمختلف مستوياتها المدرسي والعالي وأنواع التعليم الأخرى بشكل جمعي أو منفرد في سبيل تعظيم الاستفادة العلمية والتدريبية والفكرية والبحثية من وجود خريف ظفار السياحي.

وبالتالي كيف يمكن توظيف هذه الفرص الخريفية في صناعة سياحة تعليمية تحمل في ذاتها عوامل قوتها ونجاحها ، وتفتح المسارات لإنجازات تعليمية قادمة تشهدها منظومة التعليم كنتاج لهذا التلاقح الفكري والتعايش المعرفي والتفاعل في توظيف مشتركات العمل في ظل ما يحمله من فرص للبحث والاستكشاف ومحطات للتدريب وبناء القدرات، بحيث تشهد مواقع الخريف تظاهرة تعليمية كبرى على شكل برامج وفعاليات تربوية وتعليمية وتثقيفية وتدريبية وندوات ومتابعات ميدانية ، وأفواج الطلبة لاستكشاف ما تحمله بيئة المحافظة من فرص وجود أنواع من الأعشاب والاشجار المستخدمة في الصناعات الدوائية والعلاجية ومستحضرات التجميل ، واكتشاف البيئات الاحيائية والحيوية وما فيها من أنواع الحيوانات والطيور والزواحف، أو كذلك في تسيير الافواج العلمية لاكتشاف الكهوف والمغارات الجبلية وما تحمله في بطونها من نقوش ونحوت صخرية وغيرها من الفرص والاكتشافات العلمية التي تشكل محطة تعليمية نوعية في حياة مجتمع الطلبة عامة والطلبة المشاركين في هذه الجولات العلمية بشكل خاص، بما تضيفه من طابع الاستجمام والترويح والترفيه، وفي الوقت نفسه ما تتيحه لهم من فرص التفكير والبحث العلمي وإنتاج المواهب وكيفية توظيف هذه الفرص في تحقيق براءات اختراع وطنية قادمة، هذا الامر يتيح ايضا وجود مختبرات للتدريب والعمل معا بما تستوعبه من خبرات عالمية متخصصة في مجالات التدريب والإدارة وغيرها سواء كان على مستوى مؤسسات التعليم ، أو ما تنفذه مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة من برامج تدريبية متخصصة في مجالها لموظفيها ليجد الجميع في هذه الممارسات المبتكرة فرص كبيرة لمزيد من اللقاء والتواصل وخلق بيئة تدريب وتعليم وعمل نموذجية تضمن تعريضها لمواقف حياتية متجددة ومغامرات استكشافية ممتعة.

إننا اليوم أمام فرصة وطنية تستوجب العمل من أجل اثبات حضور التعليم فيها، حضور الفعل والانجاز، حضور الممارسة وصناعة الفرص، بما من شأنه رفع التوقعات نحو هذه الصورة النموذجية من العمل الوطني نحو اثراء الخريف وتأصيل اختبار الممارسة العملية في مواقعه، تتيح للتعليم ومؤسساته فرص اكبر لصناعة بيئة تعلم وتعليم ونمط تدريبي آخر في ظل أجواء خريفية رائعة الجمال، بحيث يتم نقل البرامج الصيفية إلى محافظة ظفار لمزيد من الاستفادة من الحضور الجماهيري في المحافظة، هذه الامر ينطبق علي التعليم كما ينطبق أيضا على السياحات الاخرى الرياضية وسياحة المغامرات الجبلية والصحراوية ، والسياحة الطبية أو الدوائية، الامر الذي يسهم في تنشيط حركة السياحة العلمية والتعليمية والتدريبية، بما يتيح لهذه المؤسسات توظيف ما لديها من مراكز للبحث العلمي والاكتشافات الطبية والدوائية وغيرها في مقابل تعزيز اهتمام الطلبة والباحثين بإيفادهم إلى المحافظة لمزيد من البحوث العلمية والاستكشافات، بما يصنع من الخريف محطة من العمل الجاد في بناء القدرات وإنتاج المواهب وصناعة القدوات واختبار الأدوات وتقييم التجارب وتعزيز حضور أصحاب الفكر والمبادرات التعليمية الجادة في تنوعها وعمق فلسفتها في أحضان بيئة الخريف وحكاياتها على تراقص شلالات عين اثوم وعين كور ودربات.

إن من شأن ذلك تقديم مؤشرات إيجابية حول حجم التفاعل الوطني مع مفردة الخريف، ويعكس دخول التعليم كشريك إستراتيجي في التطوير بما يوفره من فرص لنمو البرامج والفرص التعليمية والتدريبية، هذا الامر أيضا يؤسس لدور الشركات الطلابية التي يمكن أن تعرض منتوجاتها واكتشافاتها العلمية والطبية والصحية أو غيرها في معارض دورية تنفيذ وفق خارطة طريق واضحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وشركات الإنتاج الطلابي لتكون فرصة للقادمين للمحافظة في استغلال زيارتهم لها بالاطلاع على هذه المبادرات والفعاليات والتظاهرات والنماذج العملية التي استطاع الطلبة تحقيقها عبر اكتشافاتهم وتطوير منتجاتهم، الأمر الذي سيكون له مردوده الايجابي حول القيمة المضافة للسياحة التعليمية في تعزيز الاستثمار الاقتصادي للتعليم وتعزيز حضور مكوناته في واقع الخيارات التعليمية والتدريبية والاستكشافية والعلمية التي يصنعها التعليم في أجندته وبرامجه.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

مدير “الفاو” يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة

الرباط وكالات ايكوسودان.نت من الرباط، لم يتوان شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا