د. عبدالحليم عيسى تيمان
يعرقل الوضع السياسي الحالي بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ في السودان فرص حصول البلاد على التمويلات الأجنبية حسب التعهدات المعلنة في مؤتمر باريس وكذلك يعطل الاستثمارات المتوقعة،بينما يزداد الضغط على الموازنة العامة التي تشكو من عجز قياسي.
ومن اجل المحافظة على التصخم واستقرار سعر الصرف تبنت الحكومة سياسة مالية انكماشية حادة من خلال زيادة الضرائب والرسوم والجبايات المختلفة وتقليل الانفاق الحكومي.
وبما ان الاقتصاد يعاني من تراجع في الطلب وضعف في الاستهلاك وتراجع في النمو وازدياد البطالة ، لا يكون من المناسب انتهاج سياسية مالية انكماشية .
قد تنجح السياسة المالية الانكماشية الحالية في السيطرة على التضخم واستقرار سعر الصرف لفترة محدودة وتسويق الأمر في اطار الدعاية السياسية. لان خفض الانفاق الحكومي على الصحة والتعليم والإنفاقات على البنية التحتية وغيرها، وانخفاض الواردات بسبب تراجع الطلب، سيقلل الطلب على الدولار وبالتالي يحافظ على استقرار سعر الصرف . كما تساهم سياسة تقليل المعروض النقدي الحالية في استقرار التضخم.
لكن من المؤكد ان آثار هذه السياسيات ستكون كارثية على الاقتصاد ومعيشة المواطن لأنها ستؤدي إلى انخفاض المبيعات وتراجع التنمية الاقتصادية التي سوف تجبر الشركات واصحاب الاعمال على تخفيض العمالة أو الأجور ، الأمر الذي سيضع ضغطاً على الطلب يقود إلى ركود متواصل. كما سيقل العرض ايضا حيث أن المصانع ومقدمي الخدمات سيلجأون إلى تقليل ساعات العمل. وسوف يشمل الركود قطاعات إضافية (مثل العمال ، واصحاب المهن الهامشية وسائقي وسائل النقل، وعمال الورش وتجار التجزئة …الخ).وهذا يضع ضغطا كبيرا على الذين يتحصلون على قوتهم بشكل يومي.
بشكل عام ، نقدر أن التدابير الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة الانقلابية للتخفيف من الآثار السياسية للأزمة الاقتصادية ستؤدي إلى تقليل الناتج القومي الإجمالي، كما سوف تؤثر بالتاكيد على القطاع المصرفي بسبب الانهيار الحاد في الطلب المحلي والأجنبي.
ومن المتوقع كذلك ان تعاني الفئات الأكثر تضررًا من الإصلاحات الاقتصادية من عدم القدرة على تلبية احتياجاتها من السلع الضرورية وذلك بسبب توقف برنامج “ثمرات” والذي كان يهدف لحماية الشرائح الضعيفة من خلال برامج الدعم النقدي المباشر والذي توقف بسبب رفض المجتمع الدولي التعامل المباشر مع حكومة الانقلاب وبالتالي تركت الشرائح الضعيفة بدون حماية من الآثار الصعبة للإصلاحات الاقتصادية.