الأربعاء , يونيو 26 2024
أخبار عاجلة
تاريخ موجز لنشأة وتطور إدارة الغابات في السودان 1
غابات السودان الأشجار

كرة القدم: للسلم وللحرب

بمناسبة اليوم الدولي لكرة القدم

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم، 25 مايو ٢٠٢٤، الذي يصادف الذكرى المئوية الأولى لأول بطولة دولية في التاريخ لكرة القدم، يوماً عالمياً للعبة يحتفل به كل عام.
لقد ظلت الرياضة منذ العام 776 قبل الميلاد، أول تأريخ مسجل للألعاب الأولمبية. تقوم على فلسفة الفضيلة. وقد ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت أن حواراً دار بين بعض الجنود اليونانيين وقادة الفرس بعد معركة “ثيرموبيلاي” عام ٤٨١ قبل الميلاد، حيث قال الجنود اليونانيون جرت العادة عندنا على إقامة منافسات رياضية في مدينة أولمبيا فسألهم ملك الفرس: وما جائزة الفائز؟ أجاب اليونانيون: تاج مصنوع من أغصان الزيتون. فرد أحد حكماء الفرس: مع مَنْ مِن الرجال أتوا بنا لكي نحاربهم، إنهم رجال لا يحاربون من أجل الجاه بل من أجل الفضيلة.

استمرت الرياضة منذ ذلك التاريخ الباكر على ذات النهج أداة لتعزيز فرص السلام والإدماج الاجتماعي، وتعزيز الوحدة وقيم التسامح والاحترام بين الأفراد ذوي الخلفيات المختلفة. وفي السودان كان آخر حدث رياضي مهم قبل اندلاع الحرب هو لقاء العملاقين، المريخ والهلال في الجنينة عاصمة غرب دارفور، على كاس السلام في ذلك المهرجان الذي حمل مسمى السلام.
فكرة القدم أو المجنونة كما يسمونها، أداة طيِّعة في الاستخدام إن للسلام فسلم إن خلصت النوايا، وإن مقدمة لحرب فحرب في النهاية، وإن إيقاف حرب أو إشعالها فتاريخها شاهد على ذلك.

حكى أنه في يوم عيد الميلاد من عام ٨1914م خرج بعض الجنود الألمان من خنادقهم أثناء الحرب العالمية الأولى لدفن الجثث التي كانت متناثرة في أرجاء المكان حينما فوجئوا بعدد من الجنود البريطانيين يتقدمون صوبهم. وبعد حديث قصير بين الجانبين، اختفى اثنان من المحاربين الإنجليز في خندقهما وعادا بكرةٍ. وجرت إثر ذلك وقائع مباراة حامية الوطيس بين العدوين. وكان النصر حليف الألمان كالعادة، فطالب الجنود الإنجليز بمباراة ثأرية حدد لها اليوم التالي إلا أن القائد الألماني قام بتحريك جنوده إلى موقع آخر بعد أن أفزعته احتمالات تقارب جنوده مع الأعداء. هكذا تسببت كرة القدم في إيقاف حرب عالمية في إحدى الجبهات ليوم واحد.
كما نسب لكرة القدم شرف إيقاف حرب نسب إليها أيضاً إشعال أخرى سميت باسمها (حرب كرة القدم) وذلك في عام 1969م حين كان على السلفادور وهندوراس أن تلعبا ثلاثة مباريات فاصلة لتحديد المتأهل منهما لنهائيات كأس العالم 1970م. فكما تروي المصادر، أقيمت المباراة الأولى بالهندوراس. وفي الليلة السابقة للمباراة أحاط المشجعون الهندوراسيون بالفندق الذي يقيم فيه الفريق السلفادوري وأخذوا يرشقون نوافذه بالحجارة، ويطرقون الصفائح الفارغة ويضغطون على أبواق السيارات ويطلقون المفرقعات النارية محدثين ضجيجاً وصخباً لا يطاق في محيط الفندق الذي حلَّ به الفريق الضيف. في اليوم التالي جرت المباراة وانهزم السلفادوريون المنهكون بهدف دون مقابل.
شاهد الجمهور السلفادوري هزيمة فريقه الوطني من على شاشات التلفزيون، ولم تحتمل الفتاة أميليا بولانيوس ذات الثمانية عشرة ربيعا المشهد فأخذت مسدس والدها وأطلقت على نفسها النار. شيعت أميليا في جنازة رسمية، ولف نعشها بعلم السلفادور وسارت خلفه جموع السلفادوريون يتقدمهم رئيس الجمهورية والوزراء والفريق القومي المهزوم. وبعد خمسة أيام أقيمت المباراة الثانية في السلفادور. ودارت الدائرة هذه المرة على الفريق الهندوراسي وتجرع من ذات الكأس التي سقى منها خصمه، وقضى ليلته السابقة للمباراة مجهداً مسهداً ليخسر في اليوم التالي بثلاثة أهداف دون مقابل. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل تعرض العلم والنشيد الوطني الهندوراسي إلى الإهانة والمشجعون الهندوراسيون إلى الركل والضرب وقتل منهم مشجعان.
في اليوم التالي قصف سلاح الجو السلفادوري الأراضي الهندوراسية وشنت القوات البرية هجوماً كاسحاً على الهندوراس واخترقت حدودها بعمق ثمانية كيلومترات. ولم تقف القوات الهندوراسية مكتوفة الأيدي بطبيعة الحال. فسرعان ما تصدت للسلفادوريين وأوقفت تقدمهم بعد أن دمرت معظم قواتهم الجوية وقطعت خطوط إمداداتهم؛ ولم تتوقف الحرب إلا عندما خسرها كلا الجانبين وبعد أن تقاسما خسائرها في الأرواح والجرحى.
لم تكن كرة القدم أو الجمهور المتحمس للعبة هو سبب هذه الحرب الدامية بالطبع، بل كانت هناك أسباب أخرى للحرب متوفرة قبلاً، لم تكن تنتظر سوى الشرارة التي توقدها. ففي هندوراس كانت الحالة الاقتصادية متردية للغاية. وكانت الصراعات العمالية قد أحدثت اضطرابات سياسية واجتماعية خطيرة للغاية. وبحثت الحكومة الهندوراسية عن مخرج لها ولم تجده سوى لدى جموع الفلاحين السلفادوريين المقيمين بالبلاد بطريقة غير شرعية، فأنحت عليهم بلائمة تدهور الأوضاع بالبلاد. فقامت بنزع الأراضي الزراعية التي كانوا يتملكونها وطردتهم بعد أن ساوت بين وجودهم والغزو الخارجي.
بالمقابل أدى عجز الحكومة السلفادورية عن الوفاء بالاحتياجات الاقتصادية لمواطنيها العائدين، علاوة على مخاوف السلفادوريين الأثرياء من أن تؤدي العودة المفاجئة لجموع الفلاحين لتدعيم الحركات المطالبة بإصلاحات في نظم حيازة الاراضي، ومخاوف القادة العسكريين من أن تؤدي عدم الاستجابة لمطالب الحركات الإصلاحية إلى قيام حركات تمرد مسلح، أدت كل هذه الظروف مجتمعة لتصاعد وتيرة التوتر السياسي بين البلدين ليبلغ ذروته في يونيو 1969م حيث كان مقررا على فريقي كرة القدم بالبلدين أن يلتقيا في التصفيات المؤهلة لنهائي كأس العالم 1970، فكانت الشرارة التي أشعلت نار تلك الحرب.
هكذا هو حال المجنونة، فكما سبق القول فهي لما استخدمت له، إن كان حرباً فحرب، وإن كان سلاماً فسلامة، وعلى ذمة “الجزيرة نت” استؤجرت مجموعة من المجرمين للتخلص من سياسي مكسيكي يدعى “فيكتور كوينتانا”، وبعد أن خطفوه وأبرحوه ضربًا قرروا أن يخلدوا قليلاً للراحة قبل الإجهاز عليه، وفي الأثناء دار حديث حول كرة القدم، كان فيكتور على علم ببعضه إذ كان قد قرأه في إحدى الكتب فشاركهم في الحديث عله يضيف بضع دقائق لعمره الموشك على الانتهاء، فدار الكلام وتشعب وطال فقام المجرمون في النهاية بإطلاق سراحه بفضل ذلك الكتاب، كتاب “كرة القدم بين الشمس والظل”، فمن يعثر علي هذا الكتاب هذه الأيام فليقرأه فهو مفيد.
أوصي كذلك بالحرص على ممارسة كرة القدم كما فعلنا نحن في الهيئة القومية للغابات، فقد جمعنا فيها بين التفوق والتميز والانجاز، فنلنا فيها كأس البطولة الأولى للكرة الشاطئية التي نظمها الاتحاد العام السوداني لكرة القدم، وكأس بطولة يوم الغذاء العالمي، وكأس الفريق المثالي لبطولة الاتحاد السوداني للرياضة بالوزارات والهيئات والشركات والبنوك، كما نلنا أيضا شرف تبليغ الرسالة، رسالة الغابات، نشر الخضرة في ربوع البلاد، فهذه المجنونة تصلح لكل شيء حتى التسويق والترويج.

تضرعاتي بحسن الخلاص؛ وتحياتي.

عبد العظيم ميرغني

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

نحنا دايرين رئيس/ة وزراء الكتروني/ة

عنقاء النيل رندا عطية صحفية سبرانية عايز اقول لك.. ولا سيبك اقري احسن.. في الجريدة.. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا