الأحد , أكتوبر 13 2024
أخبار عاجلة
تاريخ موجز لنشأة وتطور إدارة الغابات في السودان
الضحك

شخصيات سودانية لها تاريخ

صنفت مجلة تايم الأميركية كتاب الروائي العالمي أليكس هيلي صاحب كتاب الجذور عن السيرة الذاتية لمالكوم اكس (1925 – 1965م)، الزعيم الأميركي الأسود المسلم الأكثر تأثيراً في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية والأكثر شعبية بين الأفارقة الأمريكان، صنفته أحد أهم عشرة كتب في الأدب الواقعي في القرن العشرين.
كان من بين الشخصيات البارزة ذات التأثير في حياة مالكولم اكس التي وردت في الكتاب شخصية الشيخ أحمد حسون الذي كان قد التقاه مالكوم اكس بالأراضي المقدسة حين زارها لأداء فريضة الحج قبل مقتله بعدة أشهر، والتي وردت في صفحة 459 من الكتاب، حيث حكى أليكس هيلي عن الحيرة التي كان يعانيها المسلمون الأمريكان نتيجة جهلهم بتعاليم دينهم بشأن كيفية غسل وتجهيز الجثمان.
يقول أليكس هيلي بينما كانت جموع المعزين تتقاطر من كل حدب وصوب لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان زعيمهم المسجى بإحدى مقار تشييع الجنائز بحي هارلم بنيويورك، إذا بمجموعة من الرجال تقتحم المكان. وكان أبرز من في المجموعة رجل مهيب مسن ذو لحية بيضاء تتدلى حتى صدره، يرتدى عباءة داكنة ويضع على رأسه عمامة بيضاء، ويحمل في يده عصاة ذات شعب. كان ذلك الرجل هو الشيخ أحمد حسون، سوداني الجنسية، عضو في الجماعة السنية، كان قد التقاه مالكولم اكس في مكة حين جاءها حاجاً عام 1964م، ثم ما لبث أن لحق بمالكولم في الولايات المتحدة الأمريكية تلبية لدعوة مالكولم له للعمل كمفتي للجماعة ومستشار روحي خاص به.
قام شيخ حسون بغسل الجثمان وتكفينه بحيث لم يظهر منه سوى الوجه بشاربه الأحمر ولحيته الصغيرة. ثم قرأ بضع آيات من القرآن الكريم وانصرف في معية مرافقيه، لتعاود الجموع المصطفة معاينتها للجثمان من جديد. بعد أن انضم إليها الكثيرون ممن كانوا قد ألقوا النظرة على الجثمان من قبل وذلك بعد أن شاع خبر تجهيز الجثمان وفق الطريقة الإسلامية. وقد بلغ عدد الذين ألقوا النظرة الأخيرة على الجثمان في ذلك اليوم وحده اثنان وعشرين ألف شخص.
كنت ما إن فرغت من قراءة سيرة مالكولم اكس أو الحاج مالك شباز حتى تفاجأت بشخصية الشيخ أحمد حسون تطل عليَّ من جديد من بين سطور ورقة أعدها الدكتور كامل شوقي نيابة عن “المنظمة الوطنية لدعم الوحدة الطوعية مع الجنوب. كانت الورقة تتحدث في بعض جوانبها عن أسباب اختلال العلاقات السودانية الشمالية الجنوبية والإحتراب الذي أدى لمرحلة تقرير المصير. وقد وضعت الورقة الاستعمار على رأس تلك الأسباب، ذلك من خلال تبنيه إجراءات التفرقة العنصرية التي فرضها بقوانين المناطق المقفولة، والتي كانت لا تسمح لجنوبي بالسفر للشمال إلا نادراً جداً وبكفالة مخدمه. كما كانت لا تسمح لشمالي بدخول الجنوب إلا بتأشيرة وأحياناً إلا بعد “تزيينه” من الرأس إلى القدم لإزالة كل شعرة فى جسمه، بدعوى محاربة القمل ووباء الحمى الراجعة. وقد علمت من خلال التفاصيل الذي زودني بها الدكتور كامل شوقي أن الشيخ حسون كان من كبار المناوئين لتلك التدابير الاستعمارية التي كانت تهدف إلى توسيع الشقة بين شطري البلاد.
ولد الشيخ أحمد حسون في تسعينات القرن قبل الماضي، وتخرج في كلية غردون التذكارية، وعمل عقب تخرجه وكيلاً للبريد مما أتاح له التنقل في شتى نواحي السودان. كان الشيخ من حفظة للقرآن الكريم، زار الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، وهناك تعرف على الدعوة الوهابية، فالتزم بها وأخذ يبشر بها عقب عودته إلى السودان، في شماله وجنوبه، ساعده على ذلك حذقه للغتين العربية والإنجليزية، وإجادته للعديد من لهجات أهالي السودان المحلية، جنوبيها وشماليها. والشيخ حسون هو المؤسس لجماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان.
هاجر الشيخ حسون بعيد تقاعده للمعاش إلى الأراضي المقدسة حيث عمل في وظيفة “المرشد الواعظ بالمسجد الحرام وما يليه”، ثم صار عضواً في جماعات “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وابتعث أثناء عمله هناك في مهمات وعظية وإرشادية إلى مناحي مختلفة من العالم، قبل أن يرتحل إلى أمريكا تلبية لدعوة الزعيم الإسلامي مالكولم اكس.
كان للشيخ أحمد حسون دور عظيم في تبليغ الدعوة الإسلامية كما يقول الشيخ صادق عبد الله عبدالواجد. وكان شديد الالتزام بتعاليمها. ويذكر الشيخ صادق أن الشيخ حسون حينما التحق بمالكوم اكس لتعليمه مبادئ واسس الدين القويم، بدأه بتعليم الصلاة، فوجد مالكولم اكس صعوبة في تطبيق ما أرشده إليه في كيفية الجلوس الصحيح بسبب عيب في التركيبة العضوية لرجله، فنصحه الشيخ حسون بضرورة إجراء عملية جراحية لإصلاح عيب رجله حتى يتمكن من الجلوس الصحيح في الصلاة. وقد عمل الزعيم مالكولم اكس بنصيحته. عرف عن الشيخ أيضاً حبه للفكاهة وسرعة البديهة. حكي أن بعض مناظريه نعى عليه مهاجمته للشيوخ وأصحاب الاعتقادات الصوفية في حين أنه كان يقيم في منزل أخيه “على حسون” الذي كان من كبار محبي ومريدي الطرق الصوفية، فكان رده: “ألم يربى موسى في كنف فرعون”.
والشيخ حسون من أسرة عريقة وذات إسهامات بارزة في الحياة السودانية كما فصلت ذلك في كتابي “الكنوز (الماتوكية): الجذور- التاريخ والثقافة”. فزوجه السيدة زينب حسن عبد الجليل، من أولى المعلمات السودانيات اللائي عملن في تدريس اللغة العربية والإنجليزية في مدارس البنات. ومن أبنائه الشيخ حسون يوسف الذي كان يعمل بديوان المراجع العام واستشهد بالجنوب. وعصام الذي عمل عميداً لمعهد بخت الرضا في عصره الذهبي أيام كنا طلاباً في مدارسه، وحسين الحائز على عدة جوائز عالمية ومحلية في أدب الأطفال، واللواء معاش سعود الذي كان ناطقاً رسمياً للقوات المسلحة. ومصطفى خبير الغابات السابق وتوحيد مهندس الجيولوجيا المغترب بألمانيا، وللشيخ ثلاث بنات هن نعمات وبتول وسميرة. ومن أخوان الشيخ حسون “على” الملقب بأمير البر والبحر لأنه كان مسؤولا عن البواخر القادمة من دنقلا والقطارات بين كريمة والخرطوم. ونور الدين الذي كان يعمل مأموراً بدنقلا العرضي، وعثمان حسون سر تجار كريمة في وقت سابق. توفي الشيخ –عليه رحمة الله- عام 1976م بعد عمر مديد قضاه في الدعوة إلى الله.

تضرعاتي بحسن الخلاص؛ وتحياتي.

عبد العظيم ميرغني

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

أشهر ثلاث شجرات في السودان ..!!

صديق السيد البشير siddigelbashir3@gmail.com (1) ٭… ويلتقي الشاعر اسحاق الحلنقي مع الموسيقار بشير عباس والزهرات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا