الخميس , مارس 13 2025
أخبار عاجلة

أثر الحرب على قطاع الثروة الحيوانية

بقلم: د. عصام علي حسين

كغيره من القطاعات الاقتصادية (الخدمية والإنتاجية) واجهة قطاع الثروة الحيوانية في السودان بسبب الصراع المندلع بين الجيش والدعم السريع منذ منتصف ابريل 2023م ، تحديات بالغة التعقيد تنذر بانهيار هذا القطاع الذي ظل يلعب دورا محوريا في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير سبل كسب العيش لأكثر من 26 مليون مواطن سوداني ترتبط معيشتهم بشكل مباشر أو غير مباشر بتربية وتسويق الحيوان، فضلا عن أنه ظل يوفر عائدات من النقد الأجنبي لخزينة الدولة والتي بلغت (رغم ظروف الحرب) 715 مليون دولار في العام 2023م.
تسببت حرب ابريل الكارثية في خسائر باهظة للمربين وقد أظهر تقرير منظمة الزراعة والأغذية ( الفاو) ان 71% من تجار مدخلات الإنتاج واجهوا صدمات اقتصادية شديدة بسبب الحرب، حيث أفاد 45% منهم بارتفاع غير مسبوق في تكاليف الوقود والنقل وأشار 23% منهم الي زيادة أسعار الأعلاف، بينما تأثر 21% بقيود الحركة المفروضة علي التجارة، وأدت هذه التغيرات الي ضغوطات علي المنتجين ورفعت تكاليف الإنتاج مما أثر سلبا علي استدامة العمليات الإنتاجية في ظل تفلص مساحة المراعي الطبيعية بنسبة 65% وتلوثها جراء القذائف والانفجارات وزراعة الألغام التي أجبرت الرعاة علي تغيير حركة الحيوانات من مساراتها المعروفة الممتدة شمالا وجنوبا وبالتالي دخول الحيوانات في بيئات جديدة تتصف بشح مياه الشرب وقلة الكلأ.
لقد ادي الصراع المسلح في مناطق الإنتاج الي توقف الخدمة المدنية وتعطيل دولاب العمل والذي أسفر عنه التراجع في تقديم الخدمات البيطرية بنسبة 64% حيث توقف مشروع تطعيم القطيع القومي وصحة الحيوان ومكافحة الأوبئة وخدمات الإرشاد وتأهيل المراعي وفتح المسارات وصيانة الحفائر ومصادر المياه وبالتالي نتج عن ذلك انتشار الأمراض الوبائية في المناطق ذات النزاع المحتدم والموصوفة تاريخيا بالإنتاج الوفير.
لقد ألحقت الحرب العبثية أضراراً بالغة في البنية التحتية لقطاع الثروة الحيوانية وفي مقدمتها المعمل المركزي الذي ينتج اللقاحات والامصال و تأثرت المحاجر البيطرية والمستشفيات بعمليات السلب والنهب، وتوقفت العمليات الفنية بسبب انعدام الأمن وزادت الأعباء علي المحاجر الآمنة في مدن كسلا، القضارف وبورتسودان كما انهارت أيضا البنية التحتية لمسالخ الصادر في ولاية الخرطوم وإنهار قطاع الألبان والدواجن نسبة لفقدانها اهم مقومات الإنتاج فضلاً عن فقدان سلالات نادرة من الحيوانات، ونفوق مئات الرؤوس منها والجزء الأكبر من المتبقي بدأ يتسرب الي دول الجوار خاصة تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان لعجز المربيين علي إيصالها الي الخرطوم أو المعابر الحدودية والموانئ البحرية في ظل استمرار القتال وفقدان الأمن.
كما واجهه المربيين صعوبات كبيرة في تسويق مواشيهم بسبب إغلاق الأسواق وغياب المشتريين وتعذر عليهم الوصول إلي مناطق الاستهلاك بالإضافة إلي تفاقم عمليات السرقة والنهب في ظل انهيار المنظومة الأمنية في البلاد الأمر الذي أدي إلي توقف حركة نقل الماشية بين الأسواق الولائية.
علي مستوي الكادر البشري ساهمت الحرب في هجرة معظم الكوادر الفنية المؤهلة واضطر من تبقي منهم للنزوح الي الولايات الآمنة نسبيا الي جانب أن معظم الرعاة والكوادر المدربة علي التعامل مع الحيوان تخلوا عن مهنتهم بانضمامهم الي صفوف المقاتلين واختلف شكل حياتهم ومن غير المرجح عودتهم مستقبلا لمهنة الرعي.
إنّ الأضرار الجسيمة التي لحقت بقطاع الزراعة والثروة الحيوانية نتيجة النزاع المسلح بالبلاد أدّت إلى ظهور تهديدات إيكولوجية مقلقة للغاية، مع تزايد الخوف والتوجس من إطالة أمدها واتساع رقعتها الجغرافية إذ أصبحت صحة الماشية والمحاصيل على حدٍّ سواء الآن في خطر وتنبئ هذه الأمور بعواقب وخيمة على إمكانية الحصول على الأغذية.

عن المحرر العام

موقع ايكوسودان نت موسسة السموءل حسن بشري بدوي موقع لخدمة الإعلام التنموي والاقتصاد الرقمي

شاهد أيضاً

من مشاتل المنزل إلى الغابات: هدى عبد القادر ورؤية بيئية مستدامة

بقلم طلعت دفع الله عبد الماجد التحية للإنسانة الهميمة هدي عبد القادر، التي قدمت نموذجًا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

البيئة بيتنا