ثالثة الاثافى
د.عبد الماجد عبدالقادر
الحلاوة انواع … منها الحلويات الرخوة أو الناعمة soft sweets وهذه تشمل الحلويات الطرية ذات الملمس الناعم وبعضها اقرب الى السوائل أو يحتوى على السوائل .. وهناك الحلويات القاسية hard sweets وهذه تشمل كل انواع الحبوب “drops ” والاشكال الهندسية المختلفة للحلويات على ان مايميزها هو الخشونة الظاهرة …
ولكن هناك نوع من الحلويات غريبة الشكل والملمس من ابتكارات اهلكم فى الصين على انها عرفت حتى فى غرب افريقيا وهى نوع من الالياف المغزولة فى شكل خيوط مثل القطن وتأخذ الواناً مختلفة … على ان مايميزها هو انها قابلة للذوبان السريع … تراها ” منفوخة” و “ضخمة” ولكنها “فاضية ساكت” … وبإضافة قطرة من الماء تذوب كل هذه “الهيصة” … وحلاوة قطن أقرب شبهاً بالمعاملات المالية التى ينتهجها النظام الرأسمالى العالمى … والذى كان يسميه “كارل ماركس” الشيوعى برأس المال الوهمى….
ولتقريب المفهوم لرأس المال الوهمى يضربون المثل بالقصة المعروفة فى أحدى القرى التى كانت تمتاز بأنها قرية صغيرة وجميع اهلها فقراء ويكاد كلهم أن يكون غارقاً فى الديون ويعيشون على الاقتراض …
ويتصادف ان يزور هذه القرية رجل سائح غنى يحتاج الى أن يقضى ليلة فى تلك القرية السياحية ويدفع للمسؤول عن الفندق مبلغ مائة دولار”100 دولار” فى قسم الاستقبال لكنه يشترط أن يقوم بنفسه بمعاينة الغرف ويختار افضلها ترتيباً واحسنها مظهراً … ويذهب السائح الغنى برفقة موظف الاستقبال باحثاً فى كل الطوابق … وفى هذا الاثناء فأن مالك الفندق استغل هذه الفرصة واخذ المائة دولار وجرى مسرعاً للجزار ليدفع الدين الخاص بشراء اللحوم لليلة الماضية … والجزار هو الآخر كان سعيداً جداً وفرح كثيراً بالمائة دولار واسرع بها لتاجر الماشية الذى كان يطالبه بقيمة المتبقى عليه من ثمن الماشية التى اشتراها … ثم ان تاجر الماشية بدوره اخذ المائة دولار وذهب بها الى تاج الاعلاف ليسدد هو الآخر بعض الديون المتراكمة عليه… وتاجر العلف ايضاً فرح بالمائة دولار واخذها وهو يجرى نحو سائق الشاحنة الذى احضر العلف من تلك البلدة البعيدة وبقيت عليه متأخرات بهذا المبلغ … وسائق الشاحنة ياخذ المائة دولار وهو سعيد وفرحان ويجرى بها نحو الفندق لكى يقوم بسداد الديون التى عليه مقابل الايام التى قضاها بالفندق عن زيارته الاخيرة …. ومالك الفندق يستلم المائة دولار ويضعها مرة أخرى فى مكانها على “الكاونتر” قبل ان يكمل السائح معاينته للغرف المختلفة وقبل ان ينتهى من جولته التفقدية …
واخونا السائح لم يعجبه مستوى تجهيز الغرف بالفندق ولهذا قرر أن ياخذ المائة دولار التى وضعها فى الاستقبال ويرحل عن القرية ….
والخلاصة ان هناك مائة دولار قامت بالاتى :-
– سداد 100 دولار ايجار فندق .
– سداد 100 دولار قيمة لحوم .
– سداد 100 دولار قيمة ماشية .
– سداد 100 دولار قيمة اعلاف .
– سداد 100 دولار قيمة ترحيل .
– سداد 100 دولار اقامة بفندق .
– سداد 100 دولار رجعت لصاحبها .
وعليه تكون الجملة سبعمائة دولار ولم يكسب اى رجل من سكان القرية دولاراً واحداً ولكنهم كلهم سددوا ديونهم … وكان حجم التعامل النقدى الذى “خلقته” هذه “الحركة” قد وصل الى سبعمائة دولار بينما رجعت المائة دولار الى صاحبها ….
ذلك هو راس المال الوهمى … والذى يديره النظام الرأسمالى كل الاقتصاد العالمى تقريباًً … تماماً مثل حلاوة قطن … المنفوشة ومنفوخة ولكنها تختفى مع أول قطرة ماء أو لعاب سائل ……