ثالثة الأثافي
د. عبد الماجد عبد القادر
فى بعض مؤسسات القطاع العام والخاص بند يسمى (بدل اللبس) وكان زميلي أحمد المصطفى كاتب العمود المقروء تحت مسمى( استفهامات )وعلى الرغم من انه “متعنكل ” فى ناس القطن وناس مشروع الجزيرة والصحة والموية ولكنه اهتم ذات مرة بقصة (بدل اللبس) الخاص بكبار الموظفين في الدولة الذي يمنح عادة في بداية العام، وقال إنه وصل عند بعضهم او عند احدهم تسعين مليون جنيه بالقديم ، ولا أعرف إن كان أخونا أحمد المصطفى من النوع الذي (يغير هدومو) في العيد الكبير أم أنه من النوع الذي يشتري ملابس جديدة كل كم شهر أو أنه من الذين يتلقون الهدايا من المغتربين في شكل قمصان وجلاليب بعد أن اكتفت البلاد والحمد لله من حاجات المغتربين مثل المواد الغذائية والهدوم وتوقف المغتربون عن إحضار اللبن والسكر والشاي والصابون والسجائر والروائح العطرية بما فيها الصندل والضفرة والمحلب والاقمشة والجلالليب والبناطلين وهلم جرا.
ولا بد أن أخانا أحمد المصطفى يعرف أن اللبس (خشم بيوت) فليس كل قميص ولا كل جلابية يمكن أن تكون طبق الأصل من الأخرى وما يلبسه رجل الأعمال (حمدان الرِمّة) يختلف عما يلبسه الموظف (حمدان الكحيان) وما يلبسه تاجر الدولار (حسنين ود العاجبة) يختلف من حيث النوعية والتكلفة عن ما يلبسه الموظف (جادين الحفيان).
وأخونا أحمد المصطفى كان قد اقترح إنشاء مصنع متخصص بالسودان أو وحدة حكومية لإنتاج الملابس على غرار مؤسسة كسوة الكعبة في المملكة العربية السعودية. والفكرة مقبولة شكلاً لكنها غير واقعية عمليا.. يعني يا عم أحمد المصطفى أنت تعلم أنه إذا كان بدل اللبس مرتب ثلاثة شهور فربما أن ناس “كسوة الوزراء” أو مؤسسة (التلبيس) المقترحة قد تكتفي بمنحي ملابس بما يعادل شهر واحد بس وأكون (مخموم) في مرتب شهرين.. ثانياً من المؤكد أن مؤسسة (التلبيس) هذه ربما يتلاعب العاملون فيها بنوعية القماش ولون القماش ومقاس القماش ويتحول موضوع (التلبيس) إلى (مشكلة) يحتاج حلها إلى لجان أساسية ولجان فرعية ولجان منبثقة عن اللجان الفرعية وربما يدعو الأمر إلى الذهاب إلى المحاكم لتقديم بلاغات بخصوص إدارات (التلبيس) نظراً لتوقع عمليات الغش والتزوير في حجم ولون ونوع الأقمشة وقد يدعو الأمر إلى إنشاء نيابة خاصة أو نيابة متخصصة اسمها (نيابة التلبيس).. وعلى كل حال يبدو أن اقتراح الأستاذ أحمد المصطفى بخصوص إنشاء مؤسسة (التلبيس) أو الإلباس قد يكون قابلاً للتعديل بحيث تقوم الحكومة بصرف القماش لموظفيها عيناً.. والاتفاق مع ترزي درجة أولى لإكمال عمليات الحياكة و(الخياطة) وهنا ربما أن النساء من موظفات الحكومة قد لا يقبلن بالقماش ولا بالخياطة ولا (الترزي).
ونذكر الأستاذ أحمد المصطفى بأن فستان الزواج الذي تم إلباسه للأميرة كاترين دوقة أدنبرة في زواجها كان ثمنه أكثر من مليون دولار. وبالطبع فإن فستان (البت دي) تعادل قيمته كل قيمة المنتجات والمزروعات والأصول الثابتة والمتحركة في حلة (ناس أحمد). وقد كلف زواج الأميرة من الأمير ثلاثة مليارات جنيه إسترليني أي حوالي ما يقارب خمسة مليارات دولار تقريباً وهي تعادل عشرة أضعاف كل صادراتنا من السلع غير البترولية ولمدة عام كامل.
وأخيراً نقول لأخينا أحمد المصطفى بأن هناك كتاباً اسمه (تلبيس إبليس) وهو يتحدث عن المداخل الشيطانية في كل فئات المجتمع ومن بينها فئة العلماء والعامة والحكام وأهل الملل والنحل.. ومؤلف الكتاب الإمام ابن الجوزي والتلبيس هنا معناها الخلط وليس لها أي علاقة بالتلبيس الخاص بموظفي الحكومة ولا بدل الملابس الذي قد يصل إلى تسعين مليون جنيه لبعض الفئات. وأخيراً جداً نقول لأحمد المصطفى أن لبسة الفنان مايكل جاكسون التي ظهر بها في آخر حفلاته وقبل انتحاره كانت قيمتها مليون ونصف المليون دولار ويتم لبسها مرة واحدة فقط في العُمر وهذا هو حقاً تلبيس إبليس.