:
صرخة نملة/ د. أمجد عبد السلام:
إن الدكتاتورية التي يتوشح بها البرهان وحميدتي وشرزمتهما صوَّرت لهم مشاهد زائفة جعلتهم يتسلطوا على السلطة متغافلين لإرادة الشعب التي تيقظهم من أوهامهم وسكرتهم التي فيها يعمهون؛ فمارسوا كل مناهج الإستبداد وأساليب القمع وإنتهكوا الأعراف والقوانين بغرض كسرة شوكة الحراك السلمي الرافض للإنقلاب، والمتمسك بوطن حر معافى كي ننتقل إلى مناخ ديمقراطي خالي من شوائب التغول على السلطة وإستكبار العسكر الذين يقفذون فوق أسوار مهامهم المناطة بهم.
إن الإنقلابيين إرتكبوا جرائم ضد إنسان السودان ولعلى أبرز تلك الجرائم القتل خارج القانون، والإعتقال الغير مشروع والإختفاء القسري، بحيث لم نتمكن من الحصول على إحصائية دقيقة للمعتقلين تعسفيا والمختفين قسرياً لأسباب عديدة منها: القيان بالإعتقال خارج الإطار القانوني, تعدد أمكنة الإعتقال فمنها معلوم مثل سجن سوبا وسجن أمدرمان ومنها معتقلات غير معلومة, تعدد الجهات التي تنفذ الإعتقال بالرغم من عدم إختصاصها فتارة يكون من قبل القوات المسلحة وتارة من مليشيات الدعم السريع وتارة من جهاز المخابرات العامة وتارة من الشرطة وكلها أدوات إنقلابية، وفي أحيان كثيرة يكون الإعتقال بواسطة أشخاص يرتدون أزياء مدنية لا تعرف هويتهم أو الجهة التي يتبعون لها، وجميعهم في الغالب الأعم يقودون سيارات تخلو من اللوحات؛ علاوة على ذلك فإن السلطة القضائية والنيابة العامة تلتزم الصمت الذي يجعل من إختصاصاتها خارج حيزها التنفيذي خوفا وتخازلا.
في الأيام الماضية تسارعت وتيرة الحراك الثوري والقانوني ضد الإعتقال الغير مشروع بسجن سوبا والمودع به أكثر من مائة معتقل تعسفياً، فقد إرتدنا كل المنابر الإعلامية وتم تقديم المذكرات القانونية للنائب العام والمفوض السامي لحقوق الإنسان بالإضافة إلى المواكب والوقفات الإحتجاجية لنبيِّن مدى إجرام الإنقلابيين ونكون لهم بالمرصاد ونصبُ عليهم الثقل الثوري لنجردهم من الأكاذيب التي يبعثونها؛ وأخر تلك الأكاذيب والتمويه الدال على أنهم يقتبسون إجرامهم من كتب الغباء؛ حيث قاموا بإطلاق سراح عدد من معتقلي سوبا لم يتجاوزا ربع المعتقلين بذلك السجن تحديدا ولا يشكلوا أدنى نسبة مئوية من المختفين قسريا، وتم توزيع المطلق سراحهم على ثلاثة أقسام للشرطة في كل من قسم الخرطوم شمال وقسم الأوسط أمدرمان وقسم المدينة بحري ليفرج عنهم بالتعهد الشخصي في بلاغات كيدية؛ وقد تزامن إطلاق سراح المعتقلين مع قدوم المبعوث الأممي لحقوق الإنسان (إداما ديينق) إلى السودان ليستقبلوه بفرش الأكاذيب له ترحيبا وخشية من المجتمع الدولي؛ إلا أن منظمات المجتمع المدني والكيانات القانونية بالإضافة إلى مليونية الأمس (مليونية21فبراير) التي حملت مسمى –كسر القيد- فقد فضحت ألاعيبهم وبيَّنت إنتهاكهم لحقوق الإنسان، ولا يفوتني أن أشير إلى تصريحات حميدتي الذي يتجول في أسواق المأجورين ليشتري لنفسه شخصية، فقد ذكر قبل يومين بأنه سيطلق سراح المعتقلين بسجن سوبا ليتجلى من هو الجاني على المعتقلين في دليل قاطع لمواجهته فمن إمتلك حق إطلاق السراح كان ممتلكا للقيام بالإعتقال؛ فسيتواصل حراكنا الثوري المتنوع الأنماط إلى أن نطلق سراح بقية المعتقلين والوطن، والجدير بالذكر أن سلسلة الإعتقالات مازالت متواصلة حتى مساء أمس في كل من السامراب بحري وكذلك إختفاء طفلة تبلغ من العمر 14 عاما، وهناك تقارير وإحصائيات أخرى تم كشفها إعلاميا ولجهات الإختصاص الداخلي والدولي؛ وسنوجه الأضواء إلى بؤرة العتمة التي يمارسون فيها إستبدادهم وطغيانهم وهم يستترون خوفاً خلف أفكار تدل على جهلهم.