السبت , أكتوبر 5 2024
أخبار عاجلة
تاريخ موجز لنشأة وتطور إدارة الغابات في السودان
الضحك

اليوم العالمي للتعاونيات 6 يوليو من كل عام

قديما اعترض الفيلسوف الإغريقي أفلاطون على فكرة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بدعوى أن الأفراد من عامة الناس يتصرفون وفقا لنزاعاتهم الهابطة ومن ثم فإنهم يحكِّمون في الشعب المحسوبية والجهالة والتحيز. ولا زال هناك الكثيرون ممن يحملون ذات الأفكار حتى الآن بالطبع ولكن حكمة الشعب السوداني التي تبدت في ترسخ قيمة القرار الجماعي على مستوى المجتمعات الريفية أبطلت هذا الزعم.
في العام 1975 شكل مجلس الشعب القومي لجنة لتقييم أداء شركة الصمغ العربي التي كانت قد أنشئت بموجب نظام امتياز تجارة الصمغ في العام 1969. وقد أوصت اللجنة المشكلة بموجب قرار المجلس (رقم 60/1975) بضرورة تنظيم منتجي الصمغ في اتحادات وجمعيات.
في العام 1983 أنشأت مصلحة الغابات (الهيئة القومية للغابات حالياً) بالتعاون مع شركة الصمغ العربي (شركة الامتياز حينذاك) جمعية تعاونية لصغار منتجي الصمغ العربي بولاية شمال كردفان بمسمى “جمعية زاكي الدين” بقرية “أم صميمة”. وفي العام 1989 أنشئت جمعية ثانية يمسمى “التبنة ورهود النبق”، ـأي من الجمعيتين لم يحالفها التوفيق بسبب افتقارهما للتمويل.
بحلول العام 1992م كانت هناك سبعة عشرة جمعية كونتها الهيئة القومية للغابات بولاية شمال كردفان وبضعة جمعيات أخرى بجنوب دارفور. وفي أبريل 2002م، نظمت الهيئة القومية للغابات سمناراً بغرض تقييم أداء تلك الجمعيات، فتمت التوصية بتعميم التجربة على كافة الولايات الأخرى المنتجة للصمغ، في هيئة جمعيات تعاونية فاق عددها حالياً 4000 جمعية تعاونية.
كان الهدف من تعميم التجربة إحداث نقلة نوعية في قطاع الصمغ العربي، بترقيته من قطاع تقليدي بدائي إلى قطاع حديث ومنظم، تقنن فيه حيازات المنتجين لتأمين الاستثمارات طويلة المدى، وتأمين الاستخدام المستدام للمورد الشجري المنتج للصمغ. وتمكين الجمعيات من تقديم الخدمات ذاتياً لمجتمعاتها وتحسين ظروفها المعيشية. بالإضافة إلى المشاركة في إدارة موارد الغابات بما يسهم في حمايتها وتنميتها مجتمعياً وخفض تكاليف إدارتها حكوميا.
استخدمت الهيئة في بادئ الأمر مواردها الذاتية في تعميم التجربة، وفي تأهيل قيادات الجمعيات لتمكينهم من إدارة شؤونهم بأنفسهم. وقد أسهمت بعض شركات القطاع الخاص في هذا الجهد، مثل شركة الخرطوم لتصنيع الصمغ العربي وشركة دار سافنا وأعمال الخرطوم للصمغ العربي وكردفان العالمية للأصماغ الطبيعية. هذا قبل أن تتجه الهيئة لاستقطاب العون الأجنبي. وقد كانت البداية بمنظمة الفاو، ثم كانت المساهمة الكبرى من مجموعة الدول المانحة والصندوق الدولي لتنمية الزراعة (إيفاد) بتوفير منحة قدرها عشرة ملايين دولار.
تمكنت الهيئة القزمية للغابات من خلال ذلك الدعم من إقامة نموذج شمل مائتي جمعية تعاونية في خمسة ولايات منتجة للصمغ، وذلك بغرض تعميمه مستقبلاً على بقية الجمعيات المنتشرة بالولايات الأخرى. وقد أثبت هذا النموذج نجاحاً منقطع النظير، حيث حقق هدف زيادة انتاج الجمعيات من الصمغ بنسبة 65% مما كان عليه الحال قبل قيام النموذج. وزيادة في العائدات النقدية من نسبة 15% الي 50% من سعر الصادر. كما اشتمل النموذج على نظام منح مالية على أساس تشاركي مكنت الجمعيات من تنفيذ 46 مشروعاً لإنشاء بنيات تحتية (محطات مياه وحفائر وخزانات مياه أسمنتية وجرارات، الخ). وقد أسهم النموذج في تمويل هذه المشروعات بتوفير 80% من التكلفة الكلية بينما أسهمت الجمعيات بنسبة الـ 20 % المتبقية.
استفاد من هذا النموذج عدد 11346 أسرة، تعادل نسبة النساء فيها 25% من جملة المستفيدين. وفي العام 2013م أفلحت الهيئة لأول مرة من استقطاب دعم مالي من الوكالة الدولية للتنمية الفرنسية لقطاع الصمغ بالسودان، وذلك من خلال مشروع بمسمى هيكلة قطاع الصمغ العربي. ثم تبعه مشروع آخر بمسمى مشروع دعم سلسلة القيمة للصمغ العربي، وتبعه مشروع ثالث من بعض المانحين الآخرين، له صلة بقضايا التأقلم والمرونة تجاه التغيرات المناخية.
واجهت التجربة الكثير من التحديات، في مقدمتها الإسهام المحدود لحكومات الولايات والذي لم يتعد حد المؤازرة المعنوية بينما كان الأجدر بها أن تتبنى التجربة كنموذج ضمن برامج التنمية الريفية الولائية. كذلك كان من أهداف نظام الجمعيات تقنين حيازات جنائن وشاقات الصمغ، وهذا لم يحدث إلا جزئياً بولاية النيل الأزرق. ومن الثغرات التي لا زالت تواجه الجمعيات وينتظر من ادارات التعاون التابعة لوزارة التجارة الإسهام فيها عمليات التدريب والمراجعة والتقييم والتقويم. وعملية التسويق التعاوني الذي كان الحلقة الأضعف في سلسلة حلقات تجربة الجمعيات.
تمثلت الثغرة الكبرى في بداية التجربة في الخزلان المبين للتجربة من خلال الأدوار التي لعبها بعض قادة اتحادات هذه الجمعيات الذين اغترفوا عياناً بياناً نهاراً جهاراً تجاوزات ترقى لدرجة المساءلة الجنائية. يضاف إلى ذلك الحرب التي شنها البعض ممن رأى في نجاح التجربة تهديدا مباشراً لمصالحه، أو حسب تعبير بعضهم “من يربي غولاً ليأكله”. وهناك من عارض الفكرة من حيث المبدأ لاعتقاده أن تجربة الجمعيات لا تعدو إلا أن تكون ضربا من الفوضى أو هي الفوضى بعينها. وكان بعض من هؤلاء إذا مروا على ذكرى الجمعيات مروا متغامزين تهكما وسخرية ويطلقون عليها “جمعيات عبد العظيم”.
تجيء احتفالات اليوم الدولي للتعاونيات هذا العام تحت شعار “التعاونيات تبني مستقبلاً أفضل للجميع”. والجدير بالذكر أن أكثر من 12% من سكان العالم ينتمون إلى واحدة من جملة 3 ملايين مؤسسة تعاونية على مستوى العالم. وأن إجمالي مبيعات أكبر 300 مؤسسة تعاونية بلغ 2,409.41 مليار دولار أمريكي. وأن التعاونيات تسهم في توفير 10% من مجموع فرص العمل على مستوى العالم، حسبما جاء في صفحة احتفال الأمم المتحدة بهذه المناسبة.
تضرعاتي بحسن الخلاص؛ وتحياتي.

عبد العظيم ميرغني

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

اللجنة الفنية لانجاح الموسم الزراعى بولاية القضارف تواصل عقد اجتماعاتها

تشهد معظم المناطق الزراعية بولاية القضارف خلال الفترة الحالية حركة دؤوبة من قبل المزارعين في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا