كتب هذا المقال في يوم تسعة يونيو ولأهمية الموضوع ومجريات الأحداث فايكوسودان تعيد نشر
الكاتب عبدالحليم عيسي تيمان
٩يونيو ٢٠١٩
من الواضح أن الذي يجري في السودان وراءه جهات داخليه وخارجيه تعمل من أجل أهداف مشتركه . تحركت هذه الأطراف بسبب ظهور الضعف الواضح علي دوله الإنقاذ ،مع توقعات إنهيارها في أي لحظه علي خلفيه الحروب الطرفيه التي انهكت الدوله ودمرت الاقتصاد بفعل الصرف علي هذه الحروب من ناحيه، وبسبب تدمير الخارطة الإنتاجيه من ناحيه أخري . ومن الملاحظ – حسب إعتقادي- أن هذه الجهات رتبت أمرها ونسقت لتنفيذ هذه المهمه عبر مراحل :
المرحله الأولي :
سعت هذه المجموعه لإستغلال الثوره الشعبيه من أجل إجبار البشير علي التنحي ومسايرة المزاج الشعبي وإستغلاله، من أجل إحتلال الخرطوم بواسطه قوات الدعم السريع “الذراع العسكري لهذه المجموعه “والإنقلاب علي الكل و الإستيلاء علي السلطه بالقوه ومحاوله فرض الأمر الواقع بالقوه من خلال الإعتقالات والقتل والإرهاب .كذلك يكون الإستفاده من قوات الدعم السريع من أجل التصدي لأي محاولات تحرك عسكري مضاد من كتائب الدوله العميقه في هذه المرحله.
المرحله الثانيه :
إستغلال الدوله العميقه وأجهزتها- الأمن والكتائب- التي آثر أفرادها التعاون مع المجلس العسكري، كسلم لضرب وحده المعارضه والتعرف علي قيادات الثوره الإجتماعيه من الشباب وإعتقالهم والتخلص من كل الرموز التي لديها تاثير علي الجماهير من أجل إضعاف الثوره الشعبيه مع إشاعه الفوضي ونشر ألاكاذيب بوجود جماعات إرهابيه وربمايكون الهدف من وراء ذلك توفير غطاء للعنف القادم.
المرحله الثالثه:
وهنا يكون الهدف الاساسي: وهو حمله القضاء علي دوله الأخوان في السودان مع السماح لظهور إسلاميين آخرين أكثر تسامحا وسوف يكون الأمر سريعا.
المرحله الرابعه:
وهنا تأتي فرضيه التخلص من “حميدتي ” -ربما بإعطائه دورا ثانويا أو محاوله دمج قواته في القوات المسلحه- .وذلك بعد الإستفاده منه في تثبيت الإنقلاب، وسوف يحاول الجيش تولي المهام العسكريه في هذه المرحله. ومن أجل إكتساب الشرعيه اللازمه، سيحاول المجلس العسكري بشكله الجديد البحث عن تحالفات سياسيه . لكن محاوله التخلص من حميدتي باعتباره متهم بقتل الثوار وبأنه صار منبوذا إجتماعيا، لن يكون أمراً سهلا، خاصه مع تيقن الجميع أن فض الإعتصام تم بتشكيلات عسكريه مشتركه، وأن هناك من اتخذ المناسبه لتحميل كل المسئوليه للدعم السريع دون سواه من القوي العسكريه وسيجعل الإحساس بالإستهداف الإنتقائي أمراً واردا لدي حميدتي – خاصه مع ظهور النعرات العنصريه والجهويه ضده- وربما ينتج عن هذه المحاوله -التخلص من حميدتي – إصطفاف إجتماعي في شكل تحالف بينه وحركات الهامش المسلحه.أو ان يرتكب حماقه المواجهه المفتوحه.
النتيجه المحتمله:
أعتقد أن رد الفعل المحلي تجاه البطش والإذلال هو قيام كل فئات الشعب السوداني بالتمسك والمشاركه في الثوره مهما تدخل المجلس العسكري باستخدام العنف والاعلام الرسمي في التضليل وخلق رأي ضد الثوره، وسوف تفشل هذه الوسائل في النهايه في قمع الثوره أو القضاء عليها.
كما أن رد فعل المجتمع الدولي سوف يكون إجمالا مناهضا للإنقلاب ومؤيدا للثوره، وستستمر المطالبه بنقل السلطه سريعا الي القوي المدنيه.
مهما يكن من أمر، فاننا سوف لن نشهد إستقرارا سريعا، نظرا لأن الواقع يشير إلي أن الهامش كله صار مسلحا، وأن الواقع السياسي والإجتماعي ليس كما في السابق، وبالتالي إنتهت هيبه الدوله المركزيه التقليديه التي تامر وتحكم بالقلم والورقه، وحل محلها تمرد إجتماعي كامل علي تراكمات الظلم والتهميش -وبالسلاح هذه المره. وعليه وحتي اذا تم تسليم السلطه الي حكومه مدنيه فليس من المستبعد أن تتمرد عليها حركات الهامش والقوي السياسيه الحديثه، بحجه أنها تركت خارج الأسوار كما أن بقيه المهنيين و الفئويين من أهل السودان والذين يشكلون الاغلبيه – المزارعين والرعاه وصغار التجار والسائقين – لايجدون سببا لعدم تمثيلهم في تجمع المهنيين .