قد دارات الايام وكذا لكل دور اذاما تم ينقلب والسنن الكونية ماضية وعلي الباغي تدور الدوائر ، ولكنه لم يكن الجزاء من نفس العمل ولم تكن المعاملة بالمثل أو كما أغترفت يداهم ، ولولا شعبنا الراقي ونفسه العالية وفطرته السليمة لكان وقع عليهم كما فعل أبو عبد الله السفاح بالأمويين ، أذ جعل عاليها واطيها ولم يترك علي ظهرها أمويا فنكل بكبيرهم ولم ينجو صغيرهم ، بل إمتدت يده الي داخل القبور فأذاقهم موت علي موت ، ولكن إبن سليل الفراديس المتصالح مع نفسه النابع من جينات بعانخي أصل الحضارة وعماد الانسانية ورسول السلام ، فنادي في ثورته حين هب من غفوته حرية، سلام وعدالة، فوجد غندور وجوده ولم يتم التعامل معه هو والذين كانوا في رهطه وفق جريرتهم ويكفي انهم أساءوا للسودان وقسموه نصفان ، ثم يأتي ويقول أنه ضد تسيس القضاء ومع محاكمة أي فاسد ، ونقول له لو كان القضاء مسيسا لسبق السيف العزل ، ولما نطق كوزا ببنت شفه ولساقوهم للمشانق زمرا فكم قتلتم صاحب حق في حقه فما حدث لمجدي عصي علي النسيان وكذا جرجس ضحية الزمان وهل كانت في دارفور طيور ترمي وفي جنوب كردفان حجار تصاد وشهداء كجبار وديسمبر وكل الأماكن وجميع الشهور لم تكن حديث يفتري ، ثم تقول انك مع محاكمة الفاسدين وقد سرت في ركبهم عدد سنين ، فعليك ان تنظر حال من كان معك قبل ثلاث عقود من الزمان ثم ارجع البصر كرتين ، فتري إنهم أمتلكوا الشاهقات وأمتطوا الفارهات وتنقلوا بين الزيجات ، خزائنهم تقول هل من مزيد وجيوبهم مقدودة واياديهم ممدودة، ففاقوا قارون ثراء ، وما كنزوا لو طلبوه من ليلة القدر التي خير من ألف شهر لقالت لهم هذا كثير يا سيدي، ولقد كنت فيهم من الشاهدين ، بربك كيف كان حالهم يغني عن سؤالهم ، كانوا يدعون المسكنة ويلبسون جلد الحرباء ويتلونون صباح مساء ، ثم في غفلة الزمان كان ما كان تمكينا دون مؤهل ونهبا دون وازع وضربا دون رحمة ، فسكت القطار وأجدبت الديار وشكت قلة الجرذان ، وسكن المطار حينما انكسر جناح سودانير ، وصمتت المحالج وانكسرت دوارق أبحاث بركات ورحلت الطيور حزينة من مشروع الجزيرة حين نزعت سكك حديدها وبكي خزان مكوار ، فهرب المزارع حين اثقلتم كاهله بضرائب وأتوات ما أنزل الله بها من سلطان ، وبكي علي الأطلال من بكي ، وشكي الحال من شكي ، وأنت والذين معك في وادي الشهوات، وشعبنا مكسور الجناح في وادي البلوات ، فدخلت ومن معك وادي الحور والقيان وجعلتم للشعب وادي ويل مسكنا ومربعا ، فكم بيت رحل أهله وكم أسرة نجع وحيدها أو هرب عائلها ، فحدث علي بلادنا ملا يخطر علي عقل بشر ، دمار مدروس وخراب ممنهج تحيرت فيه الفئران ، والذي فطرني لو حكم السودان فأرا لما أوصله لما أوصلتموه إليه ، فقد فعلتم في أهل السودان الأفاعيل فكم شردتم وكم دمرتم ، ثم تتحدث عن الاقصاء وحزب منسجم وقد كال علينا السجم وأسكننا الرماد عدد سنين ، كان حريا بك يا غندور والأسامي المتشابة من مندور وفرفور وزرزور ، أن تجلسوا في محراب عاكفين مستغفرين ، ولو تستغفروا في اليوم سبعين ألف مرة لكان خير لكم وعسي ان يغفر لكم ورحمته وسعت كل شئ ، ومن رحمته ان أذننا إرتاحت من ساقط القول وبذئ الكلم ، ثم تتحدث عن حزبك وعضويته صاحبة الملايين ، لم ينكر أحد بأن في خزائنهم الذهب والفضة والقناطير المقنطرة والأنعام والحرث ، ستكوي بها جباههم وجنوبهم ، فقد كانت صحة عضدهم من لبن الرضيع مسروقة ، وكمال أجسادهم من مرض الأهالي وجوعها ، ثم تتحدث عن عضوية الملايين فأين هم، يوم أن قال الشعب للظلم لا ، أين هم ، يوم أن قال الشعب للقهر لا ، أين هم يوم أن زغردة الكنداكة وجانا هتاف من عند الشارع ، فقد دخلوا الجحور وبلغت قلوبهم الحناجر ، ولكننا نحن أهل سلم وسلام فقلنا لهم أذهبوا فأنتم الطلقاء ، فإن شعارنا حرية سلام وعدالة ولم نجبل بالإنتقام ولم تكن نفوسنا مريضة وليس لنا معرفة بالحقد ولا نحمل الضغائن ، ولو كنتم في غير السودان من بلاد لكنت أنت ومن معك في خبر كان وضاق بكم المكان ، ثم تقول وتطلق الكلم علي علاته أنكم مستعدون للعب أدوار تتطبها المرحلة ، عجبا !! لقد كان الملعب لكم لاعبا وجمهورا زهاء ثلاثون عاما فمادا كان ، فإن صاحب الفطرة السليمة لا يلدغ من جحر مرتين ، فلا مكان لكم في عالم الإنسانية ولا وجود للخفافيش في شعاع الشمس .
محمد عثمان المبارك