الخرطوم: سارة إبراهيم
قبل ٢٧ عامًا قدم السودان طلبًا للانضمام لمنظمة التجارة العالمية وفي الاول من أكتوبر العام 1994م، تم عقد أول اجتماع لفريق العمل في 2003م، وشهدت مسيرة الانضمام تذبذبات وتجاذبات أدت إلى تعطيلها في معظم الأحيان لأسباب سياسية إبان نظام المخلوع عمر البشير .
تطور القوانين والتشريعات
في الفترة الأخيرة بعد سقوط الإنقاذ وثورة ديسمبر ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بدأ الشروع في إعفاء ديون السودان، وشهد الملف تطورًا ملحوظًا في جانب القوانين والتشريعات المنظمة للعمل التجاري المحلى والعالمي وهوما أكده الناطق الرسمي باسم وزاره التجارة والتموين حسن أبوعوف بأن الوزارة ماضية في طريق الإصلاح القانوني بما يواكب المستجدات على الصعيد الداخلي ومتطلبات التجارة العالمية، وقال إن الإصلاح القانوني يشمل تشكيل عدد من اللجان الفنية لإعادة صياغة قانون تنظيم التجارة للعام 2021م وقانون الحركة التعاونية وسجل المصدرين والمستوردين، وأشار إلى تشديد وزير التجارة جدو آدم، على ضروره الإصلاح القانوني ليواكب متطلبات المرحلة الانتقالية في الاستقرار الاقتصادي وفرض هيبة الدولة من خلال القوانين والتشريعات المنظمة للعمل التجاري بالبلاد على صعيد آخر فقد طالب الوزير ولاة الولايات بضروره التنسيق وسن القوانين المنظمة للأسواق الداخلية وأسواق الماشية والبورصات السلعية بما يحقق مصلحة المنتجين ويوفر خدمات المصدرين ويتماشى مع التشريعات الاتحادية.. وأكد الوزير عزم وزارته في تحقيق الإصلاح القانوني الشامل بما يضمن تحقيق المصالح الاقتصادية وفرض هيبة الدولة واحترام القانون.
دعم دولي
أبدت دول أفريقية وعربية وغربية دعمها لخطوات انضمام السودان إلى منظمة التجارة العالمية، في خطوة لإحياء الطلب المقدم منذ 27 عامًا خلال الاجتماع الافتراضي غير الرسمي لفريق عمل انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية، برئاسة نائب المندوب الدائم لبعثة اليابان، السفير كاتسورو ناجاي، بحضور نائب مدير منظمة التجارة العالمية، وعدد من الدول الأعضاء بالمنظمة.
وبحسب بيان وزارة الخارجية السودانية، فإن الاجتماع عقد بمشاركة وزير التجارة السوداني علي جدو، والسفير علي بن أبي طالب عبد الرحمن المندوب الدائم لبعثة الخرطوم بجنيف. ووفق البيان، فإن الاجتماع تناول استعدادات السودان لاستئناف عملية الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، من خلال تحديث الوثائق ومواءمة التشريعات المحلية مع القوانين العالمية المنظمة للنظام التجاري العالمي، واستعرض الاجتماع رؤية السودان حول الجدول الزمني المقترح لاستكمال انضمامه لمنظمة التجارة العالمية.
موقف السودان
نهاية الأسبوع المنصرم، عقد اجتماع مع فريق عمل انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية، وهدف الاجتماع للوقوف على موقف السودان من خلال الاستمرار في إجراءات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية وتحديث وثائق الانضمام. وأوضح وزير التجارة والتموين والمفاوض القومي علي جدو آدم، حرص السودان للإيفاء بالتزاماته نحو الدول في التجارة الخارجية، وإكمال الترتيبات المتعلقة وتحديث وثائق ومستندات الانضمام ومتطلبات المساعدات الفنية والدعم من أجل التجارة، وأكد ضرورة قيام السودان بوضع استراتيجية وطنية لتنفيذ الاتفاقية فيما يتعلق بقواعد المنشأ للسلع والملكية الفكرية إلى جانب فرص التدريب على التجارة في الخدمات بالتوازي مع تقديم العروض الجمركية وإجراء التشاورات الوطنية والإقليمية من أجل تمكين السودان من تحرير تجارته بالنسبة المطلوبة، مشيرًا الى الفوائد المرجوة من انضمام السودان لمنطقة التجارة الحرة الأفريقية التابعة لمفوضية الاتحاد الأفريقي.
مراجعة الخطة
ومن ناحية أخرى، فإن الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، زار السودان مؤخراً للوقوف على الخطط والبرامج التي وضعتها حكومة الفتره الانتقالية لإنعاش الاقتصاد السوداني في صورته الكلية رغم التحديات والتأكيد على الآثار الإيجابية في دعم جهود السودان في الاندماج في التكتلات الإقليمية والقارية والعالمية.
وفي سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي د. حسين جبريل القوني، إن محاولات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية بدأت منذ زمن طويل، ولكن بسبب الظروف التي تمر بها البلاد والحظر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بسبب السياسات التي اتبعها النظام البائد، تسببت في حرمان البلاد من الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، مشيراً إلى التحولات الإيجابية التي شهدتها البلاد بعد ثورة ديسمبر المجيدة وعودتها للمنظومة العالمية بعد رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولفت إلى الفوائد والمكاسب التي يجنيها السودان من الانضمام وحصرها في حرية التنقل والتعامل التجاري والمالى مع الدول الصديقة، فضلاً عن أنها تمكن من زيادة الصادرات السودانية المختلفة على رأسها المنتجات الزراعية والمعادن والثروة الحيوانية ومنتجاتها، وأضاف: هذا من شأنه أن يحسن من صورة الصادرات ويدعم ميزانية النقد الأجنبي ويؤدي إلى نشاط متزايد في حركة الأنشطة التجارية وخفض الطلب على النقد الأجنبي، ورفع قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وخفض معدلات التضخم والبطالة وتحسين مستوى معيشة المواطن.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي إنه بإمكان السودان وبما يمتلكه من موارد طبيعية وبشرية وخبرات زراعية، تجارية، اقتصادية، تعينه في الوفاء بمتطلبات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، ولكن حيثيات الانضمام سياسية بحتة، وهنالك العديد من الصادرات يمكن التوسع فيها منها الخضروات (البصل، الشمام، الفاصوليا، الفلفلية الخضراء، الطماطم، الشطة، البطاطس، وغيرها)، الفاكهة بأنواعها (الليمون، مانجو، التمور الجافة)، حيث هناك العديد من الخيارات المطروحة لتطوير الصادرات منها الارتقاء بنوعية الصادر مع الحرص على ضبط الجودة، مشيرًا إلى توفير الحل لمشاكل التعبئة، وعلاج المشاكل الملازمة لآثار المبيدات وعلاج إشكاليات النقل الجوي.
تسريع الخطى
وأوضح فتحي في حديثه لـ(الصيحة)، أن عملية استيفاء شروط الانضمام إلى المنظمة كانت تمضي بصورة جيدة في السابق والآن يمكن أن تكون الخطوات أسرع في أعقاب الانفراج الكبير في علاقات السودان الخارجية، خاصة وأن السودان تجاوز العقبات الفنية منذ أكثر من خمس سنوات، ولكن لابد أن يقوم حالياً بتهيئة السوق الداخلية للتعامل مع الأسواق العالمية، وعلى الحكومة أن تسعى لتعزيز التعاون مع المنظمات الاقتصادية الدولية للاستفادة من الفرص الواسعة التي ستتاح عقب انضمام السودان إلى منظمة التجارة العالمية. وقال: السودان من أوائل الدول التي سعت ومنذ وقت مبكر إلى الانضمام إلى المنظمة، لكن حالت بعض العقبات دون تحقيق ذلك، وقد أصبحت الظروف الآن مواتية لنيل العضوية الكاملة في المنظمة، بعد أن أكدت المجموعات الاقتصادية الكبرى في المنظمة الدولية تأييدها لانضمام السودان.
مناخ إيجابي
وفي ذات السياق، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين الخبير د. محمد الناير، إن إسراع الخطى للانضمام لمنظمة التجارة العالمية خطوة جيدة، ولكن كان من المفترض أن تكون البلاد انضمت منذ إنشاء المنظمة، وقال إن الجهات المسؤولة وقتها لم تحسن التعامل مع هذا الملف وتعرضت لكثير من الضغوط معظمها كانت لرؤية المجتمع الدولي للنظام السابق باعتبار أن السودان لم يستوف كل الشروط سواء كان إعفاء الديون الخارجية وفقاً لمبادرة “الهيبك” أو الدول النامية المثقلة بالديون، وأضاف أن المناخ الآن أصبح إيجابياً ومواتياً، وهذا يفيد الاقتصاد السوداني بصورة كبيرة من جهة يكون ضمن المنظومة العالمية باعتبار أنه حين تكتمل عضوية الدول للمنظمة وتبدأ عملها بصورة فعلية من خلال وضع الضوابط اللازمة لإزالة الحواجز بين حركة السلع والخدمات لكل دول العالم.
قوانين أضرت بالاقتصاد
ولفت الناير، إلى الوضع الاقتصادي السوداني مشددًا على أهمية إعادة ترتيب الأوضاع بشكل جيد، منادياً بضرورة السعي لإكمال الإجراءات والانضمام للمنظمة، وقال: لابد من تهيئة البيت من الداخل باعتبار أن المنافسة ستكون قوية جداً على المستوى الإقليمي والدولي، وهذا يتطلب أن تكون لدينا منتجات بأعلى جودة وأقل تكلفة، هذه المعايير تجعل الدول تتقدم لهذه المنظمة، إما أن تستفيد أو تتراجع، وأضاف أن السودان ظل يحمي الصناعات الوطنيه طيلة العقود الماضية بوسائل حماية تقليدية بمعنى بدلاً من دعمها لتجويد الأداء كان يلجأ إلى فرض ضرائب ورسوم وجمارك على السلع القادمة من الخارج بغرض حماية المنتج الوطني، وهذه أضرت بالاقتصاد، ونوه إلى أهمية استعداد القطاع الصناعي والزراعي وبقية القطاعات الأخرى المكونة للناتج المحلي الإجمالي لهذه المرحلة، وأن تعمل على استخدام التكنولوجيا المتطورة في الإنتاج وتصنيع السلع ويكون الإنتاج بأعلى جودة وأقل تكلفة، وهذا من شأنه أن يساعد في المنافسة على المستوى الإقليمي والدولي، لأن السوق تكون مفتوحة لكل دول العالم، وستزال الحواجز الجمركية بين الدول، وهناك حرية وانسياب حركة السلع والخدمات، لذلك ما نخشاه أن يكون القطاع الخاص السوداني خاصة القطاعات الإنتاجية غير قادرة على المنافسة في المرحلة القادمة، لأن الوضع الراهن غير قادر على المنافسةأ وهذا يظهر جلياً في الميزان التجاري، وفي العام الماضي ٢٠٢٠م سجل عجزاً مع كل الشركاء التجاريين على سبيل المثال والسودان مع دول الكوميسا نجده سجل عجزاً كبيراً، وكان من المفترض أن يتم ترتيب الداخل وتقوية الصناعات الوطنية وجعلها قادرة عللا المنافسة وهذا لا يعطل مسعي الإنضمام وهو سوف يستمر مع الاستمرار في ترتيب الأوضاع الداخلية بصورة جيدة، وتمكين القطاعات الإنتاجية في المرحلة القادمة.