كلمة دولة رئيس مجلس الوزراء رئيس الدورة الحالية للإيقاد خلال مشاركته بجوبا في ورشة صناعة الدستور الدائم لدولة جنوب السودان بتاريخ ٢٥ مايو ٢٠٢١م
فخامة الرئيس سلفا كير ميارديت،،،
أصحاب المعالي الأفاضل .. السيدات والسادة ،،،
إنه لشرف عظيم أن أشارك في ورشة العمل هذه ممثلاً للإيقاد، والتي تنعقد في سياق بناء عمليات صناعة الدستور الدائم لدولة جنوب السودان الشقيقة.
أعتقد أنه ومنذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بدولة جنوب السودان منذ أقل من ثلاثة أعوام، وبالنظر لما قد تم إنجازه خلال هذه الفترة لأمر يدعوا لأن تكونوا سعداء بالنجاحات التي تحققت، إن عملية تشكيل الحكومة في وقتها تُعتبر خطوة في الاتجاه السليم، فضلاً عن الالتزام النهائي بعدم الرجوع إلى الحرب هو ما نود أن نسمعه ونراه في هذا المنطقة، في القرن الافريقي ومنطقة الإيقاد، وكل القارة، خصوصاً وأن شعار دورة هذا العام بالاتحاد الافريقي هو “عام اسكات البنادق” بالقارة الافريقية، وبذلك فإنني أعبِّر عن شكري لتقديمكم ذلك الالتزام.
أعتقد أن الاتفاق على عدد الولايات بدولة جنوب السودان، وهي عملية قد قمت بمتابعتها عن كثب في سياق ترؤس السودان لدورة الإيقاد الحالية، وهي عملية لم تكن سهلة، ولكنكم قد انجزتموها، بالإضافة لتعيين حكام الولايات والذي كان من أبرز الانجازات في طريق السلام هذا، ومؤخراً إعادة تشكيل المجلس التشريعي، وكلها استحقاقات تطبيق اتفاق السلام بجنوب السودان.
ونحن في السودان نودّ أن نضيف لما سردته من إنجازات قمتم بها، وهو انجاز السلام الذي أتى لبلدنا السودان، وهو ما نُطلق عليه المرحلة الأولى من السلام في بلدنا السودان، ذلك تحقق باستضافتكم لمباحثات السلام، نحن هنا اليوم لحضور ورشة العمل هذه، وفي ذات الوقت سنشرع غداً في المرحلة الثانية من عملية السلام، ومرة أخرى تقوم جوبا باستضافتنا فلكم الشكر الجزيل. إن رمزية العلاقة بين السودان وجنوب السودان ضاربة جداً في العمق وشديدة الخصوصية سنظل نرى أنفسنا كأمة واحدة في دولتين.
بالطبع ستتفقون معي أيضاً على حقيقة أن عمليات الانتقال دائماً ما تكون مضطربة ومُعقدة ولا تسير في خط مستقيم، والخطوات خلال فترات الانتقال عادةً ما تتأرجح ما بين التقدم والتقهقر في مختلف القضايا، ولكننا نظل نفتخر بأننا على المسار الصحيح.
مع كل ذلك، فإننا لا نغفل وجود بعض التحديات المتبقية في تطبيق اتفاق سلام جنوب السودان، فهناك تحديات متعلقة بمسألة ترتيبات القطاع الأمني وإعادة هيكلته وإعادة تقييمه، ومسألة تدريب منسوبي القوات النظامية، كلها مسائل أنا متأكد بأن الايقاد وكل الشركاء سيقومون بتقديم العون فيها للتقدم في هذا الملف. كما أعتقد أننا سنستمر معكم لمعالجة عملية بناء الثقة داخل حكومة الوحدة الوطنية، هذا أمر بإمكاننا المساعدة فيه، وقد قبلت مقترح مبعوث الايقاد باستضافة حكومة الوحدة الوطنية في الخرطوم لعقد “مُعتزَل لقادة حكومة الوحدة الوطنية” ونحن سعداء جداً وسنقوم بترتيب ذلك.
التحدي الكبير الآخر الذي يواجهنا هو مسألة صناعة وكتابة الدستور الدائم، لذلك فإن ورشة عمل اليوم وثيقة الصلة وتأتي في وقتها تماماً لمساعدتنا في التعامل مع ملف صناعة الدستور الدائم. اسمحوا لي أن أشارككم بخمسة ملاحظات رئيسية تتعلق بمسألة صناعة الدستور الدائم:
أولاً: أعتقد أنه في عالم اليوم يمكنك أن تذهب إلى الانترنت وتقوم بتنزيل أفضل الدساتير في العالم، ولكن سيظل السؤال قائماً “أفضل دستور لمن؟” “ولماذا؟ وكيف؟ ومن؟”…الخ.
ثانياً: وهذه الملاحظة مرتبطة بالنقطة الأولى، وهي تتعلق بأهمية السياق، إن سياق الأمم مهماً جداً، فالدستور يجب أن يعالج مسائل مهمة مثل التاريخ والثقافة والملكية.
ثالثاً: الأمر الأكثر أهمية أنه لابد للدستور أن يُخاطب طموحات المواطنين، طموحات شعب جنوب السودان؛ مثل الوحدة، التنمية، فضلاً عن ذلك السعي لبناء وتأسيس دولة حديثة تجعل كل شعب السودان وخصوصاً شعب جنوب السودان فخوراً بها.
رابعاً: إن عملية صناعة الدستور الدائم بجنوب السودان ذات نفسها لها أهمية قصوى، بحيث يجب القيام بإجراء مشاورات واسعة في كل أنحاء البلاد، واضعين في الاعتبار كل الآراء، بما فيها أراء النسوة المزارعات في الريف، هؤلاء النسوة يجب وضع آرائهن في الاعتبار، كما يجب أيضاً إتقان فن المساومة وصناعة التوافق، فالدستور يجب أن يُعين على بناء الإجماع الوطني وأن يُعبر عن الإرادة الجماعية لشعب جنوب السودان.
خامساً وأخيراً: مسألة إدارة التنوع: إن الدستور؛ والتشريعات والقوانين المترتبة عليه بصورة أكبر والمرتبطة بالدستور، هي ما يجب أن تساعد في معالجة قضايا مثل التنوع، مثل قضايا الانتخابات وكيف تكون هناك انتخابات تُعالج قضية التمثيل والمشاركة.
أختم بهذه الملاحظات المقتضبة وأتمني لكم مشاورات ناجحة في ورشة العمل هذه، وأنا فخور جداً بالاتجاه الذي تسيرون فيه، وأعتقد أن تجربة الانتقال التي تمر بها بلادنا السودان يمكن أن تستفيد كثيراً من تجربة الانتقال التي تمرون بها.