صرخة نملة/ د. أمجد عبد السلام:إن الإنقلابيين يقفون على خشبة الإستبداد ويخرجون سناريوهات دكتاتورية يمثلونها على مسرح الإجرام، ويسدلون الستار على النصوص القانونية ليصوروا بها مشاهد هزيلة تثير البغضاء لدى أي قانوني ينظر لها بمنظار العدالة التي نبتغيها ركناً تستند عليه دولة السودان؛ فلزاماً علينا وإنطلاقا من مسئوليتنا الوطنية وواجبنا المهني أن نتطرق للإعتقال الغير مشروع الذي يمارس على المواطنين في سجن سوبا، ويرتقي هذا الفعل إلى أن يشكل جريمة ضد الإنسانية في مواجهة الإنقلابيين، كما سنبيِّن التواطؤ الذي تمارسه النيابة العامة والقضائية في عدم التصدي لهذه الإنتهاكات؛ ويتجلى ذلك من خلال التتبع للنقاط التالية:أولاً: بتاريخ 25 أكتوبر 2021 أعلن البرهان حالة الطوارئ عبر بيان الإنقلاب في الفقرة (أولاً) مدعيا وجود مهددات سياسية وإقتصادية؛ مما يعتبر هذا الإجراء باطلا دستورياً وقانونياً، ونستند في تقرير بطلان إعلان حالة الطوارئ إلى:نصت المادة (40) من الوثيقة الدستورية على جواز إعلان حالة الطوارئ من قبل مجلس السيادة بعد طلب من مجلس الوزراء ويشترط أن يصادق المجلس التشريعي عليه بعد أن يعرض عليه خلال خمسة عشر يوما، مع إستصحاب أن بيان الإنقلاب قد تمسك بالوثيقة الدستورية في الفقرة )ثانياً منه، وبالرجوع إلى بيان الإنقلاب الذي أعلنت من خلاله حالة الطوارئ نجد أن البرهان قد مارس دكتاتوريته بأبشع صورها وتخبط دستوري واضح وإتخذ قرار الإعلان بمفرده دون أن يتبع الإجراءات التي نصت عليها المادة (40) من الوثيقة الدستورية، والجدير بالذكر أنه قام بحل مجلس السيادة ومجلس الوزراء في الفقرتين (رابعاً, خامساً) من البيان؛ مما يتقرر بطلان إعلان حالة الطوارئ دستورياً.نصت المادة (4) من قانون الطوارئ والسلامة العامة لسنة 1997م على جواز إعلان الطوارئ من قبل رئيس الجمهورية، ويعرض الإعلان على المجلس التشريعي خلال 30 يوماً ونجد أن البرهان قد تغول على سلطة رئيس الجمهورية التي أسندت إلى رئيس مجلس الوزراء بموجب المادة (74) من الوثيقة الدستورية، ومن جانب أخر لم يعرض الإعلان على المجلس التشريعي، مما يتقرر بطلانه قانوناً. نصت المادة (8/د) من قانون القوات المسلحة لسنة 2007 تعديل 2019م على إختصاص القائد الأعلى في إعلان حالة الطوارئ وفق الدستور والقانون، فمن خلال ما ذكرناه آنفاً نجد أن البرهان قد خالف هذه المادة أيضاً ولم يلتزم بالدستور ولا القانون.ثانياً: أصدر البرهان أمر طوارئ بالرقم (3) مقروء مع المادة (5) من قانون الطوارئ والسلامة العامة لسنة 1997م، فوَّض من خلاله القوات النظامية سلطات القبض والتفتيش ودخول الأماكن والإعتقال، وهذا الأمر يستند على إجراءات باطلة كما أسلفنا، إلا أن القوات النظامية تواصل الإنتهاكات بإجراء الإعتقالات وإنزال المعتقلين بسجن سوبا والحراسات المختلفة ثالثاً: إن الإعتقالات التي تمارس ضد المواطنين تعتبر إعتقالات غير مشروعة لأنها مبنية على أسس باطلة، وبالتالي فإن إدارة السجن قد إرتكبت جريمة الإعتقال غير المشروع وفق نص المادة (165) من القانون الجنائي لسنة 1991م حيث قامت بحبس أشخاص في سجن سوبا دون وجه مشروع، كما تجاوزت نص المادة (27/ب) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م التي منحت شرطة السجون سلطة تنفيذ أوامر الحبس التي توكل إليها من المحكمة أو النيابة الجنائية، وهذا الإجراء منتفي أمام معتقلي سجن سوبا؛ بل كان من الواجب على الضابط المسئول إبلاغ وكيل النيابة أو القاضي بحالات القبض التي تقع في دائرة إختصاصه إستنادا للمادة (77) من قانون الإجراءات الجنائيةرابعاً: ما يقوم به الإنقلابيون في هذا الصدد بصورة ممنهجة وواسعة النطاق موجهة ضد السكان المدنيين يعتبر جرائم ضد الإنسانية إستناداً لنص المادة (186/هـ) من القانون الجنائي لسنة 1991م والتي نصت على صور الجرائم ضد الإنسانية ومن بينها من “يسجن شخص أو أكثر أو يحرمه حرمانا شديداً من الحرية البدنية بأي صورة أخرى بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني”، وهذا جانب من الجوانب التي يسعى من خلالها الإنقلابيون لكسرة شوكة الحراك الثوري وهو وهم يتوهمونه بإرتكابهم للجرائم وخرق الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها السودان، مما يتيح طرق سوح المحاكم الإقليمية والدولية لمجابهة الجرائم ضد الإنسانية.خامساً: إن حالة الطوارئ تسقط إن لم يصادق عليها المجلس التشريعي وتعتبر كأن لم تكن إستناداً لنص المادة (40/4) والتي نصت على “يسقط إعلان حالة الطوارئ إذا لم يصادق عليه المجلس التشريعي، وتسقط جميع التدابير المتخذة بموجبه دون أثر رجعي”سادساً: لو إفترضنا جدلاً صحة إعلان الطوارئ – وهذا لا يتصوره الواقع القانوني- فلا يعطي أي جهة أياً كانت الحق في إنتقاص الحقوق والحريات ومن بينها الحق في المحاكمة العادلة؛ فقد نصت المادة (6) من قانون الطوارئ والسلامة العامة لسنة 1997م على إتباع القانون الجنائي، وهذا القانون الموضوعي ينظمه قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، وليس من ضمنها الإنتهاك الذي يمارس على معتقلي سوبا الذين يزج بهم في السجن دون سند قانوني.سابعاً: نصت المادة (28) من قانون الإجراءات الجنائية على إختصاص القاضي أو وكيل النيابة على حسب دائرته دخول السجن وتفتيشه والوقوف على أحوال النزلاء، إلا أن القضائية والنيابة العامة التين نحسبهما مرتكزاً للعدالة، نجدها في تواطؤ تام مع الإنقلابيين والتواني والتراخي في ممارسة سلطاتها خوفاً أو دعماً.إلا أننا كمحامين لن نتوانى عن ما يمليه علينا واجبنا المهني والعمل الثوري في إرساء مبادئ العدالة إتجاه العشرات من معتقلي سجن سوبا، وسنتبع في سبيل ذلك كافة الإجراءات القانونية على النطاق الداخلي والإقليمي والدولي بمشاركة الشرفاء من المحامين والكيانات المتعددة لمجابهة الإنتهاكات التي تقع على إنسان السودان من قبل شرزمة يهيمنون على السلطة تسلطاً؛ فمهما تستر المجرمون خلف نصوص القانون لتغطية جورهم فإن العدالة ستكشف زيفهم، وقد دنى زمن الحساب، وما يزيدوننا إلا عزيمة وإصراراً لإرساء مقتضيات العدالة وهي العنصر الثالث من عناصر الثورة.#الرحمة_والمغفرة_للشهداء #عاجل_الشفاء_للجرحى #الحرية_للمعتقلين_وللوطن #30يناير2022
شاهد أيضاً
كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي للطفل.
في العام 1954 أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة جميع الدول الأعضاء بتخصيص يوم عالمي للأطفال …