ايكوسودان نت التنمية مستقبلنا
مقالات مشابهة
اعد المادة “الفاتح عبدالله داؤد ،الطيب محمد عبدالله ،ثناء عابدين ،عسجد عبد المطلب ”
تشهد بعض المناطق في السودان، ظاهرة التصحر، التي تقضي على المساحات الخضراء ، وتزيد من مساحة الاراضي التي تغطيها الرمال. نعمل في هذا التقرير، على معرفة مدى تطور هذه الظاهرة على المدى الزمني في مناطق ولايتي القضارف وكسلا، وعلاقتها بالتغير المناخي، وكيف تؤثر على الإنسان اقتصاديا واجتماعيا.
انحسار الغطاء النباتي بالقضارف .. أرقام وحقائق
تقع ولاية القضارف في المجال الجغرافي للسافنا الفقيرة، بين خطي طول وعرض” 14°02′N 35°23′E “، وهي ولاية محاذية للحدود السودانية الإثيوبية
حدود ولاية القضارف
القضارف ولاية غنية بالموارد الزراعية، وتعتبر من الولايات التي تساهم في الناتج المحلي الاجمالي للسودان، وذلك لإنتاجها العديد من المحاصيل. وتبلغ المساحات المزروعة فيها بالذرة إلى (٥,٥) مليون فدان، والسمسم (٩٩٨) ألف فدان، والدخن (٥٨٥) ألف فدان، والفول السودانى (١١٥) ألف فدان، والقطن المطري (١١٠) ألف فدان، وزهرة الشمس (٥٦) ألف فدان، وفول الصويا (٧٣٠٠) فدان، والتسالي (٥٧) ألف فدان. ولكن، ظلت التغيرات المناخية تمثل هاجسا للمزارعين والسلطات، فهي ذات تأثير واضح علي الغطاء النباتي في السودان.
كشف منسق مشروع تكيف سبل العيش والتغيرات المناخية بوزارة الانتاج والموارد الاقتصادية بولاية القضارف، خالد هاشم إبراهيم، أن التغير المناخي أدى إلى تراجع المساحات المخصصة للزراعة وانحسار الغابات في الولاية. وأشار إبراهيم إلى أن التغير المناخي تسبب في موجات متتالية من الجفاف والفيضانات والسيول في القضارف وسهل البطانة، مما أدى إلى إزالة الغطاء النباتي وتراجع الأمطار. وأضاف إبراهيم أن ذلك أدى إلى هجرة سكان المناطق المتضررة إلى مناطق التعدين بحثًا عن سبل العيش. وذكر إبراهيم أن ولاية القضارف أجرت أول دراسة عن تأثير التغير المناخي في عام ٢٠٠٤ حيث حددت الدراسة أن محلية البطانة هي الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي.
1الصور الأول
——–
قطاع المياه والزراعة والثروة الحيوانية
كما لفت خالد، إلى أن الدراسة قد أشارت، إلى اختفاء كثير من النباتات التي تشكل مصدر غذاء للحيوان، مثل “السحي” و “الصفار”، بسبب التغيرات المناخية، مما أثر على قطاع الثروة الحيوانية وجودة المراعي. وكذلك، تراجعت معدلات الأمطار عن المعدلات الطبيعية ، بين “٢٠٠ و٢٥٠” مل في العام، مما أثر في مستقبل القطاع الزراعي والغابي.
_____
الصور رقم 2نبات الصفار
أشارت دراسة بعنوان: “تقلب المناخ وتغيره يؤثران على إنتاجية المحاصيل في ظل الظروف البعلية: دراسة حالة في ولاية القضارف، السودان” إلى أن المستوى السنوي للأمطار في القضارف يتراوح بين ٢٠٠ إلى ٨٠٠ ملم.
التغيير المناخي واختفاء النباتات النوعية
أكد الخبير في مجال التغير المناخي بهيئة البحوث الزراعية، عمار عبدالله سليمان، أن التغير المناخي أدى إلى فقدان التربة لأهم خواصها الغذائية في ولاية القضارف. وأضاف سليمان أنه منذ عام ٢٠٠٢، فقدت الولاية نحو ١٦ نوعًا من النباتات الغذائية، مثل الحنتوت, والتبر, والدرعية, والرزة, والويكة العفريت, وويكة الجمال، بسبب التدخل السالب للإنسان وزيادة أمراض النباتات التي أثرت في صحة الحيوان. وأشار سليمان, إلى أن ذلك أدى إلى تقلص المساحات المزروعة وانحسار الغطاء النباتي في الولاية.
وكشفت دراسة أجريت في العام ٢٠١٤، عن علامات مختلفة لتدهور الأراضي في القضارف، والتي انعكست على التغيرات في الخصائص الكيميائية للتربة.
الوضع الراهن للغابات
رسم هاشم عبدالله، مدير الهيئة الولائية للغابات بالقضارف، صورة قاتمة لأوضاع الغابات الولائية والقومية، التي تستحوذ -بحسب هيئة الزراعة- على مساحة مليوني فدان، من جملة المساحات الزراعية في القضارف. وأضاف هاشم: “هنالك ٥٢ غابة من ضمن هذه المساحات المزروعة، تبلغ جملة مساحتها ٢٨٣ ألف فدان، فيما تبلغ جملة الغابات القومية المسجلة ١٤ غابة قومية، تستحوذ على اكثر من مليون فدان”.
ودق هاشم ناقوس الخطر تجاه الحملة الشرسة، والدمار الممنهج، الذي يتعرض له قطاع الغابات في القضارف، لافتا إلي تورط بعض الاجهزة النظامية -حسب وصفه- في عمليات القطع الجائر بغرض إنتاج الفحم، ووقود الأفران البلدية، بصورة “مدمرة”. وأشار هاشم، إلى التزام الهيئة الولائية للغابات بالعمل المتواصل لاعمار الغطاء النباتي، عبر مشروع الأحزمة الشجرية الذي بدأ في العام ١٩٩٣، بتمويل من شركة سيدني -لم نجد معلومات متوفرة عن الشركة على الانترنت-. لاحقا، تطور المشروع إلى تشريع ولائي، قضى بإلزام المزارعيين بتخصيص مساحة ١٠ بالمئة من كل مشروع زراعي لزراعة أشجار الهشاب والطلح، فيما يتم تمويل المشروع عبر تخصيص رسم مالي بإسم صندوق دعم الأحزمة الشجرية، وذلك بالتزامن مع تجديد المشاريع الزراعية بداية كل عام، إلا أن ضآلة المبلغ، وبيروقراطية وزارة المالية، أصبحت احد اكبر المعوقات التي تهدد مشروع الأحزمة الشجرية.
ولكن، ذكرت الهيئة القومية للغابات، أن المساحة المزروعة في ولاية القضارف تبلغ أكثر من ١٥ مليون فدان، وتبلغ مساحة الغابات في الولاية أكثر من ٣ ملايين فدان، ما يمثل نسبة ٢١ في المئة من المساحة الكلية للولاية البالغة ٧١ مليون فدان.
كما وصف المهندس عبدالحميد العوض مدير هيئة الزراعة الآلية بالقضارف التغيرات المناخية في مجمل تفاصيلها تشمل الأمطار والتبخر والاشعاع الشمسي وسرعة الرياح ودرجات الحرارة، والتي تؤدي في النهاية الي تكوين ظاهرة التغيرات المناخية في فصل الخريف،وهي عملية تكاملية يتأثير بها الغطاء النباتي وفق معدلات الامطار، ودرجات الحرارة وهي العامل الأساسي في عملية التمثيل الضوئي التي تنتهي الي ودرجات الحرارة وانتشار وكثافة الغطاء النباتي.
فيما اشارت مزدلفة عبد الصمد مدير ادارة الأرصاد الجوية ونظم المعلومات الجغرافية بالهيئة الزراعة الآلية بولاية القضارف.
أن الغطاء النباتي هو مصطلح يشير إلى الخصائص النباتية والجغرافية المختلفة،و إلى المدى المكاني الذي يشمل كل ما لديه صلة بالنباتات،حيث يساهم المناخ في نمو الغطاء النباتي عن طريق نقل الحرارة للغلاف الجوي وهذا يعمل على ارتفاع الطبقة الحدودية وهي طبقة الاتومسفير،وهي الطبقة الأخيرة من الغلاف الجوي للأرض والتي تعمل بدورها على استجابة وتعزيز الإشعاع السطحي.
لتحديد العلاقه بين الغطاء النباتي والمناخ.
يؤثر المناخ بشكل كبير على النباتات وجميع المسطحات المائية وبالتالي يكون هناك علاقه متبادله. يساعد بخار الماء الذي يقوم الغطاء النباتي بأطلاق في الهواء في المناخ آكثر وينتج ذالك من خلال التغيرات المناخية التي تحدث في تدفقات الطاقة السطحيه وبالتالي تكون السحب.
*التغييرات المناخية في كسلا*
يميل المناخ في كسلا إلى الصحراوي الاستوائي، الذي يتميز بارتفاع درجات الحرارة خلال النهار وانخفاضها ليلا. فيما تتراوح درجات الحرارة مابين (٣٣ و ٤٧) درجة مئوية، مع انخفاض كبير في درجات الحرارة خلال فصل الشتاء. وفي المقابل، يتكرر اندفاع الحرارة على فترات طويلة، خاصة الرياح الجافة والعواصف الرملية.
وهي كغيرها من اقاليم السودان وبقية دول العالم التي تاثرت بالتغير المناخية، التي اصبحت من التحديات التي تواجه جميع دول العالم، فبعض اجزاء الولاية تاثرت بموجة التصحر التي ضربت المنطقة خلال ثماتينات القرن الماضي، مما احدث تغييرا كبيرا في طبيعتها الجغرافية، أدت إلي انحسار كثافة الغطاء النباتي في بعض الاجزاء، مع تلاشي ملحوظ بسبب تغطية الرمال للتربة بشكل لافت، كما هو الحال في مناطق (قوز رجب) التي تقع بالقرب من نهرعطبرة في غرب مدينة كسلا، وكذلك مناطق شمال الدلتا من منطقة أروما وحتى درديب على حدود ولاية البحر الاحمر.
_______
*صور أقمار صناعية توضح المنطقة بين درديب و أروما*
خرائط توضح الحدود القطاعات
مؤشرات التغيرات المناخية
خلال الثلاثين عام الأخيرة، شهدت ولاية كسلا ارتفاعا كبيرا في مؤشرات درجات الحرارة، عن المعدل الطبيعي، مع زيادة في كمية الامطار عن المعدل الطبيعي في جنوب الولاية، مصحوبا بلنخفاض منسوب المياه الجوفي لنهر القاش، مما أثر سلبا على على منطقة القطاع البستاني “السواقي”، الذي يعتمد على الري بالطلمبات وبالتالي انحسار الغطاء النباتي ومع بروز موجات الزحف الصحراوي في المناطق الشمالية للولاية ،الذي أدي الي اختفاء بعض نباتات المراعي وزيادة امراض الانسان والحيوان .
وأفادت دراسة أعدها مركز الأبحاث الهيدروليكية في العام ٢٠١٧، بوجود اتجاه عام لانخفاض مستوى المياه الجوفية لحوض القاش، بسبب ارتفاع الضخ وسوء إدارة طبقة المياه الجوفية.
ظاهرة الفيضانات الموسمية
يعتبر نهر القاش من المعالم الطبيعية التي تميز ولاية كسلا، وهو نهر موسمي ينبع من الهضاب الاريترية متجها إلى كسلا في السودان، مرورا باثيوبيا، وليس له مصب محدد. يفيض (القاش) في الفترة من يونيو حتي اكتوبر من كل عام ،ومع زيادة معدل الامطار في المرتفعات الاريترية تزيد معدلات المياه في النهر، وبالتالي يزيد معها خطر الفيضان الذي يهدد كثير من القرى شمال الولاية. يتسبب الفيضان في هجرات جماعية لأهل تلك القرى، بالاضافة لفقدانهم الكثير من الممتلكات. وليس بعيدا عن ذلك، فقد ضربت موجة التصحر اجزاء واسعة من الولاية، أدت إلى إحداث تغيرات كبيرة في جغرافيا المنطقة.
_____
أشار د.خضر رمضان، الخبير المتخصص في التأثيرات المناخية، إلى أن الزحف الصحراوي في بعض مناطق الولاية بات يزيد بمعدل سنوي يقدر بنحو ٢ كيلومتر، بسبب نشاط الرياح الشمالية الغربية الذي أدي إلي تنامي زيادة هجرة السكان من مناطقهم والبحث عن المناطق التي تتوفر فيها الزراعة والمرعى .
، بالاضافة إلى تأثير فيضان نهر القاش.
وختاما، نجد أن التغير المناخي يؤثر على الغطاء النباتي في ولايتي القضارف وكسلا، ما يؤثر سلبا في المراعي الطبيعية وتغدية الثروة الحيوانية. أيضا، يؤثر التغير المناخي على مخزون المياه الجوفية لحوض القاش. وعليه، فمن المهم أن تركز الحكومات والفاعلين على توفير الدعم للعمل على التكيف مع هذه الظاهرة، وإيجاد حلول ناجعة، تقي المواطنين هذه التأثيرات.
