السبت , أبريل 12 2025
أخبار عاجلة
فلاحة الأرض عمل وقيمة نعيش عليها

مستقبل الزراعة في السودان بين خداع السياسيين وإحباط الزراعيين(1)

همسات إقتصادية

د. عبد الكريم الهاشمي
لاهمية الموضوع ايكوسودان نت تعيد نشر المثال
لست في حاجة لإبراز أهمية القطاع الزراعي السوداني ودوره في دعم الإقتصاد الوطني إذ أن البيانات الإحصائية المكرورة في التقارير والمراجع والرسائل البحثية تعزز مساهمة هذا القطاع بل إن نسب مساهمته ظلت مكرورة ومحفوظة لكل باحث لا تزيد ولا تنقص حيث يمثل مصدر العمل لأكثر من 70٪ من السكان وتتراوح مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي (GDP) بين 30-40% كما يعتبر القطاع لزراعي القطاع المحرك لعجلة القطاعات الإقتصادية والخدمية الأخرى كالطرق والإتصالات والخدمات البنكية والتجارة والصناعة بل يعد موردا اساسيا للمواد الخام وعليه تقوم العديد من الصناعات التحويلية مثل صناعة السكر و الغزل والنسيج والزيوت النباتية ومنتجات الألبان والصناعات الاخرى. إن الحديث عن القطاع الزراعي لا تستدعي التذكير بأن السودان يتميز بإمكانيات وموارد طبيعية هائلة وتنوع في المناخات ونظم الإنتاج الزراعي أهلته ليرشح في مؤتمر الغذاء العالمي في روما عام 1974م كأحد ثلاثة أقطار مع استراليا وكندا لتكون سلة غذاء العالم ثم جاء تأكيد ذلك في قمة الغذاء التي إنعقدت في روما في العام 2002م. هذه هي صورة القطاع الزراعي السوداني الزاهية والقسيمة المرسومة في الأذهان والمسطورة في الأسفار والتي كان ينبغي لها أن تجعل من السودان أكبر الإقتصادات إقليميا وعالميا حيث لا يعقل أن بلدا يمتلك كل هذه الموارد ولا يتحول لأكبر اقتصاد زراعي في العالم بينما هنالك دولا تتقاصر إمكاناتها ومواردها عن ما يزخر به السودان تتصدر طليعة الدول المصدرة للمنتجات الزراعية فيما يعتبر السودان من الدول الاقل نمواً وفقا لتقارير المنظمات الدولية ليس من حيث تواضع الدخل القومي وارتفاع معدلات البطالة والفقر ولكن ايضا من حيث تدني الانتاجية النسبية للمحاصيل الزراعية وتخلف الخدمات التسويقية والخدمات الزراعية. إن القطاع الزراعي السوداني يعتبر أو هكذا ينبغي أن يكون هو القطاع الرائد في دفع عجلة الاقتصاد الوطني لما يتمتع به من إمكانتات جليلة وموارد مهولة لكن الاستفادة القصوى من ميزاته لا زالت محدودة وتتطلب جهودا كبيرة سيما بعد أن تبين للمسؤولين أن خيار الاعتماد على النفط او الاعتماد على أي من القطاعات الأخرى يعتبر رهانا خاسرا. أسئلة كثيفة ومحيرة وصادمة تبدو أشبه بلغز عصي على الفهم هي تلك التي تتصل بتخلف القطاع الزراعي السوداني وفشله في إشباع الحاجات المتزايدة من المنتجات الغذائية للسكان وتوفير حصيلة جيدة من عائدات الصادرات ليلعب بذلك دوره المحوري في دعم الاقتصاد الوطني إذا ما تمت بعض المعالجات وأزيلت بعض العقبات منها:-

*أولا: ضعف الإهتمام الحكومي بالقطاع الزراعي*
بالرغم من الامكانات الكبيرة التي يتمتع بها القطاع الزراعي السوداني فمازال السودان يستورد المواد الغذائية مثل الزيوت والألبان وعصير الطماطم والسكر والثوم والبطاطا والقمح رغم هذه المساحات المتشاسعة من الأراضي الزراعية التي تمتد إلى نهاية الأفق. كذلك فإن مساهمة القطاع الزراعي في تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية ضعيفة وذلك لما يعانيه من إهمال متعمد من الحكومات المتعاقبة وغياب الإرادة والقناعة لدى الساسة والمسؤلين بجدوى الإهتمام بالقطاع الزراعي حيث ظل الحديث عن هذا القطاع وأهميته مجرد اشواق وأطروحات للإستهلاك السياسي لدى صانعي القرار. بالرغم من البرامج العديدة التي تم الإعلان عنها لنهضة هذا القطاع من الحكومات المتعاقبة والتي كان أهمها برنامج النهضة الزراعية الذي أعلن في بدايات الألفية الثالثة (2008م) والذي حشدت له الحكومة حينئذ الدعم التنفيذي والسياسي ووجهت له كل الطاقات ووفرت له كل الامكانيات بهدف التحول من قطاع زراعي تقليدي يتسم بضعف الكفاءة والانتاج الى قطاع تقني حديث سريع الاستجابة للمتغيرات المحلية والدولية إلا أن هذا البرنامج كان ظاهره جاذبا ومقنعا أما باطنه فمن قبله الإخفاق والفشل فاتسمت خططته بالارتجال من أجل الاستهلاك السياسي وانصب تر كيزها على مشاريع ترفية لا يمكن لها أن تنهض بهذا القطاع مثل الإكتفاء من لحوم الدواجن وزراعة الصدف واللؤلؤ والإستزراع السمكي والإستثمار في البرسيم لذلك لم تبارح النهضة مربع الحقول الإيضاحية وذلك لإنحراف برنامجها فضلا عن هيمنة السياسيين على البرنامح والتدخل المباشر للتحكم في مساره كما كان لممارسات التنفيذيين الذين يشرفون عاى تنفيذ البرنامج والذين غلب عليهم السلوك السياسي النصيب الأكبر في فشل برنامج النهصة بالرغم من بعض النجاحات التي تحققت إلا أنها لا تتناسب مع الدعم المالي والحشد الاعلامي الذي حظي به هذا البرنامج. إن النظرة القاصرة المترعة بالجهل والغطرسة للقطاع الزراعي لدى الساسة وصانعي القرار لن تقود الى نهضة حقيقية في القطاع الزراعي ليكون قاطرة حقيقية للإقتصاد السوداني كما أن الجهود الطموحة التي يبذلها الزراعيين والرامية إلى النهوض بالقطاع الزراعي لن تكون سوى أحلام يقظة تتحقق فيها الرغبات على مستوى الخيال.

*ثانيا: الاستخفاف بالعلوم الزراعية*
إن القطاع الزراعي يكاد يعتمد كليا على البحث والتطوير حيث يتم تطبيق الأبحاث في هذا القطاع عبر التعاون بين المزارعين والباحثين في مجال العلوم الزراعة إلا أن الوضع الذي يعيشه المهندسين الزراعيين ونظرة المجتمع الدونية لخريجي كليات الزراعة لا يبشر بمستقبل مشرف للقطاع الزراعي مما يستوجب العمل على تغير هذا الواقع المزري للمهندسين الزراعيين والخبراء في المجال الزراعي والذي جعل خريجي كليات الزراعة يتوارون خجلا من إنتمائهم الزراعي حيث ينظر للخبير أو المهندس الزراعي وكأنه عامل وليس باحث مما جعل كليات العلوم الزراعية من الكليات الوضيعة Inferiority غير المرغوب فيها فما عادت تمثل خيارا جاذبا يسعى إليه الطلاب بل صار خيارا جبريا يلجأ إليه الطالب حينما يستنفذ كل خياراته فيجد نفسه مضطرا للتقديم لكليات الزراعة التي يتم الإستيعاب لها بنسب ضعيفة (50%) وربما تقل فهل يمكن لخريج تم إستيعابه بهذه النسبة ودرس في مثل هذه البيئة الأكاديمية أن يحقق النهوض المنشود بهذا القطاع. بل الأدهى حتى بهذه النسب المتدنية هنالك كليات كثيرة لا تجد من يتقدمون إليها مما جعل بعض الأصوات تتعالى منادية بتجفيف او تقليل كليات الزراعة المنتشرة والتي من بينها كليات لم تجد الدعم والرعاية من الدولة مما جعلها تفتقر لأساسيات الدراسة من معامل ومزارع إضاحية تطبق من خلالها التقانات الحديثة بل أصبحت كليات تدرس العلوم التطبيقية بصورة نظرية مما يقدح في مخرجاتها وهي تعتبر القاعدة الأساسية والمدخل الرئسي للنهوض بالقطاع الزراعي وهذا قصور تتحمله الدولة التي تجيد الزراعة السياسية ولا تتقن وضع السياسات الزراعية. إن تنمية قطاع الزراعة بما يشمل التوسع والتنوع والتحديث والميكنة في الانتاج وتشجيع الصناعات الغذائية القائمة على المنتج الزراعي يحتاج إلى إرادة قوية وقناعة راسخة بهذا القطاع والعمل الجاد لمعالجة حزمة المعوقات التي أقعدته أما إذا استمر وضع القطاع الزراعي على ما هو عليه من تهميش وإزدراء فلا تستطيع الدولة الخروج من دوامة الفجوات الغذائية المتكررة وستفشل في تأمين مظلة واقية للأمن الغذائي بل ستجد الدولة نفسها على أبواب المجاعات.

*ثالثا: الفجوة بين الزراعيين والمزارعين:*
هنالك فجوة وجفوة كبيرة بين الخبراء والباحثين في الحقل الزراعي وبين المزارعين والممارسين أثرت سلبا على نهضة القطاع الزراعي حيث كان المأمول أن يمثل المهندس الزراعي القنطرة التي تربط بين مراكز البحث العلمي الزراعي والمزارعين والقيام بتعريفهم بالممارسات والأساليب الزراعية الجديدة وبالتقنيات المتطورة الأكثر فاعلية وإنتاجية والمساهمة في تنمية قدراتهم ومهاراتهم وتغيير اتجاهاتهم وتطويرها من خلال نقل المعلومات ونتائج الابحاث فيما يعرف بإستراتيجية تدفق المعرفة من أعلى إلى أسفل Top – down ثم تعرض مشاكل المزارعين مباشرة على العلماء لإيجاد الحلول المناسبة لها فيما يعرف بإستراتيجية من أسفل إلى أعلى Bottom – up. كذلك كان المرتجى من المهندسين الزراعيين العمل على تنظيم جهود المزارعين في جمعيات تعاونية يستطيعوا من خلالها الحصول على مدخلات الانتاج والخدمات الزراعية الضرورية ويسوقون عبرها منتجاتهم مستفيدين من مفاهيم إقتصاديات الحجم Economies of Scale وهذا ما لم يحدث. إن أسباب هذه الفجوة والهوة عديدة منها تركيز الباحثين والخبراء على العمل الإداري (أفندية بإمتياز) كذلك الترفع على الإشراف المباشر على الزراعة في الحقول وهذا أدى إلى ضعف ثقة المزارعين في قدرات الباحثين والخبراء الزراعيين في إحداث التطور والتحديث المطلوب في القطاع الزراعي بل ينظرون إليهم وكأنهم مزارعون مثقفون وليس خبراء في مجال الزراعة الأمر الذي جعلهم يعتمدون على معارفهم التقليدية المحلية الموروثة من الاجداد. كذلك عدم إهتمام الدولة بتأهيل المهندسين الزراعيين وتدريبهم للتعرف على التطور الذي شهدته المجالات الزراعية على مستوى العالم والتعامل معهم كغيرهم من الموظفين أفقدهم القدرة على المبادرة للمساهمة في تطور هذا القطاع. إن تركيز الدولة على تدريب العاملين بكليات الزراعة وهيئة البحوث الزراعية وإغفال منسوبي وزارة الزراعة من المهندسين الزراعيين المنتشرين على نطاق السودان لن يمكنها من تحقيق التحول المنشود من قطاع زراعي تقليدي إلى قطاع زراعي حديث قائم على العلم والحداثة ليمثل رافعة أساسية للإقتصاد السوداني.

*رابعا: بؤس بيئة عمل المهندسين الزراعيين*
إن كادرا يكتنفه الإحباط وتحتضنه بيئة بائسة تفتقر لأبسط معينات العمل كالبيئة التي يعمل فيها المهندسين الزراعيين لا يمكن أن يبدع أو يكون حريصا على تحقيق نهضة القطاع الزراعي وأن يسعى للساهمة في رفع معدلات الإنتاجية وزيادة الإنتاج ونشر ثقافة استخدام التقنيات الحديثة لتقليل تكلفة الإنتاج ويساهم في ارساء قواعد علمنة الزراعة السودانية وأن تكون له المبادرة في مجال تطوير القطاع الزراعي وطرح حلول جديدة خارج اطار فلك الدولة وليس تابعا لواضع السياسات الزراعية في. إن أهداف تطور القطاع الزراعي لا تتحق إلا في ظل وجود كادر مقتدر ومؤهل يعمل في بيئة جاذبة وليس طاردة أو مسيئة ومهينة كالتي يعمل فيها المهندسين الزراعيين. إن النهوض ببيئة عمل الخبراء الزراعيين يحفزهم على الإبداع ويعضد إنتماءهم فهم القاعدة التي يرتكز عليها تطور القطاع الزراعي فإخراجهم من دائرة الإحباط واليأس التي تأسرهم بتحسين أوضاعهم الوظيفية والمالية والمعنوية والإهتمام بتدريبهم وتأهيلهم وإعادة النظر في شروط تعيين المهندسين الزراعيين فهم اللبنة التي تقوم عليها نهضة القطاع الزراعي وعماد وعصب التنمية الزراعية. .

*خامسا: أثر السياسات الكلية على القطاع الزراعي:*
درجت الدوائر التي تضع هذه السياسات على إستبعاد أصحاب المصلحة من المزارعين وإهمال طائفة كبيرة من المهندسين الزراعيين والخبراء المختصين العاملين في مجال الزراعة من المشاركة في وضع السياسات الكلية التي تحكم حركة الاقتصاد مما جعل أثر تلك السياسات ضعيفا أو معدوما هذا إن لم يكن أثرها سالبا على هذا القطاع. إن السياسات الكلية تشمل السياسات الضريبية و الجمركية والتمويلية والائتمانية والانفاق الحكومي علي التنمية والخدمات وبالطبع أن لهذه السياسات آثارا كبيرة على القطاع الزراعي سيما الإنتاج الموجه للصادر الذي يستوجب إزالة كل أو تخفيص الضرائب على صادرات السلع الزراعية في صورتها الخام وتخفيض ضريبة القيمة المضافة في حالتي الانتاج والتسويق. كذلك فإن الجمارك تلعب دوراً مهماً في ترقية القطاع الزراعي وذلك للعلاقة الوطيدة بين الجمارك والتجارة الخارجية إذ لابد أن تنحى السياسات الجمركية إلى تخفيض جمارك الصادرات الزراعية أو إعفاءها لتخفيض تكلفتها مما يحسن وضعها التنافسي في الاسواق العالمية ويشجع الاستثمار فى مجال الإنتاج الزراعى من أجل الصادر.
كذلك إزالة الجمارك على واردات مدخلات الإنتاج الزراعي من آليات ومواد وغيرها تعتبر من الحوافز التي تؤدي لاستقطاب القطاع الخاص الوطني والاجنبي الي الإستثمار في القطاع الزراعي. إلا أن السياسات الضريبية والجمركية ظلت تشهد إضطرابا كبيرا فضلا عن عدم تمييز القطاع الزراعي بسياسات ضريبية وجمركية تهدف الى تنميته وتطويره. أما الإنفاق الحكومي على الخدمات الزراعية يكاد يكون منعدما فلم يكن من أولوية الحكومات مد الطرق المعبدة في المناطق الزراعية ولا شق قنوات الري ولا كهربة المشاريع الزراعية النيلية ولا الإهتمام ببرامج ميكنة الزراعة ولا دعم برامج نقل التقانة. كذلك تعتبر السياسة التمويلية أداة من أدوات السياسات الاقتصادية الكلية فبالرغم من اهتمام هذه الساسة بالقطاع الزراعي ، إلا أنها إعتمدت على السقوف الائتمانية ذات الآجال القصيرة المدى في التمويل الزراعي الأمر الذي أدى إلي ضعف التمويل الممنوح للمزارعين وإقتصاره على الآجال القصيرة. هذه السياسات لن تنجح ما لم تعتمد على مبدأ التحفيز الكفيل بتوجيه ومساعدة القطاع الزراعي وتبني سياسات فاعلة يكون المزارعين وخبراء الزراعة جزاء اصيلا فيها لتحقيق الأهداف المطلوبة للنهوض بالقطاع الزراعي في كافة المجالات.

*سادسا: غياب السياسات الزراعية:*
تعد السياسات الزراعية مجموعة متكاملة من الاجراءات الإدارية والتشريعية والتنفذية تتخذها السلطات العامة في الدولة بغية تحقيق اهداف محددة مثل تشجيع زيادة الانتاج وتحديد نمطه وأنواع المحاصيل التي تزرع لتحقيق الأمن الغذائي وزيادة الصادرات ودعم وتهيئة الخدمات التسويقية وبناء القدرات وتقديم الخدمات الزراعية الأساسية المساعدة للمستفيدين مثل نقل التقانة والإرشاد ووقاية المحاصيل والتمويل والدعم الزراعي وغيرها من الخدمات التي ما زالت تعاني من النقص وعدم التطور بل أصابها تدهور كبير. لم تسعى الدولة لوضع سياسات زراعية تحافظ بها علي الأسواق الخارجية للسلع الزراعية السودانية من خلال إنشاء مراكز للترويج بهدف زيادة نصيب السودان من هذه الأسواق وسهولة النفاذ إليها. لم تهتم الدولة بتنفيذ ومتابعة هذه السياسات حال إصدارها من باب الواجب الروتيني لوزارة الزراعة والتي عادة ما تعاد بنودها وتكرر لأكثر من عام مثل المساحات الزراعية التي ظلت تعلنها وزارة الزراعة كل عام والخاصة بالمساحات المخططة للزراعة بالمحاصيل المختلفة وهي غالبا ما تكون مساحات تقديرية لم تقدم الدولة لزراعتها سوى الاعلان ومن ثم الاستهلاك السياسي لهذه البيانات دون تقديم ما يساهم في نجاح زراعتها إنما يتولى المزارع تمويل مدخلات الانتاج والبحث عنها وتحديد اصنافها وتحديد التركيبه المحصولية الملاءمة مما يدلل أن إصدار هذه السياسات أمر يقتضيه العرف والتقليد وليس أمرا ذا بال لدى الدولة. فالسلع المنتجة ما زالت دون مستوي المواصفات الجيدة وهي نفس المنتجات التي أنتجها أجدادنا القدماء بذات التركيبة المحصولية دون إدخال أصناف جديدة. كذلك لم تهتم السياسات القطاعية بتحديث و تطوير الأسواق المركزية و أسواق الجملة داخل السودان بصورة حديثة تشجع المستثمر من الحصول علي معلومات عن السلعة أو الخدمة التي يرغب في الإستثمار فيها. إن إقرار الدولة لسياسة التحرير من القيود وعدم التمييز بين المنتجات المحلية و المستوردة المنافسة ومكافحة سياسات الإغراق أدت إلى ضعف القدرة التنافسية للمنتجات المحلية ولم تسعى الدولة لوضع أي سياسات تعالج هذا الوضع الذي جعل عصير الطماطم والثوم والبامية وغيرها من المنتجات المستوردة تنافس المنتجات المحلية وتستطيع إخراجها من دائرة التنافس. فشلت الدولة في تقديم الخدمات الزراعية الأساسية المساعدة للمزارعين مثل خدمة وقاية المحاصيل وهذا يتضح جليا في العجز في مكافحة الآفة التي ظلت تصيب محصول السميم لأكثر من عام والتي لم تعرف بعد حيث أدت لخروج السمسم السوداني من التنافس في الاسواق العالمية فضلا عن ارتفاع أسعاره محليا بصورة كبيرة. كذلك ظلت الدزلة عاجزة في مكافحة آفة الماسح التي تصيب الذرة حيث ظلت تقضي على مساحات شاسعة تكبد المزارعين بسبب هذه الآفات خسائر فادحة حيث لم يكن للدولة أي دور في المكافحة بل تركت المزارعين يواجهون هذا الخطر لوحدهم.

🖋️ سيتناول الجزء الثاني من المقال الموضوعات التالية:

*1- الزراعة عن بعد*
*2- راهن التمويل الزراعي*
*3- واقع الإستثمار الزراعي*
*4- التصنيع الزراعي*
*5- استخدام التقنيات المتطورة في القطاع التقليدي* .
6 – *غياب التكامل المعرفي للنهوض بالقطاع الزرعي*

.Krimhashimi5@gmail.com
0912677147

عن المحرر العام

موقع ايكوسودان نت موسسة السموءل حسن بشري بدوي موقع لخدمة الإعلام التنموي والاقتصاد الرقمي

شاهد أيضاً

اللجؤ إلى أثيوبيا.. دروس وعبر (١)

البيئة بيتنا