د. هيثم محمد فتحي
أولًا: طبيعة الاقتصاد السوداني
يعتمد السودان بدرجة كبيرة على استيراد السلع الأساسية، خاصة الغذاء والدواء والمحروقات، إضافة إلى الأجهزة الكهربائية والمواد الخام.
متوسط الدخل منخفض، ما يجعل أي تراجع في قيمة الجنيه ينعكس مباشرة على القوة الشرائية للمواطن.
حجم الصادرات لا يتجاوز نحو 4 مليارات دولار سنويًا، بينما تبلغ الواردات قرابة 9 مليارات دولار، ما يخلق عجزًا تجاريًا هيكليًا.
ثانيًا: انعكاسات تراجع قيمة الجنيه
1. الأسعار والتضخم:
ارتفاع الدولار يؤدي إلى زيادة أسعار السلع المستوردة، وهو ما يرفع تكلفة الإنتاج والخدمات محليًا.
ينتج عن ذلك تضخم مرتفع يضعف القدرة الشرائية للأسر.
2. الموازنة العامة والديون:
تراجع قيمة الجنيه يزيد من عبء خدمة الدين الخارجي والداخلي، الذي يفوق 90% من الناتج المحلي الإجمالي.
قد تضطر وزارة المالية إلى فرض ضرائب جديدة لسد العجز، ما يضاعف الأعباء على الأسر والشركات.
3. القطاع الخاص وسوق العمل:
ارتفاع التكلفة وضعف القدرة التنافسية يعرقل عمل الشركات الوطنية ويهدد استمراريتها.
النتيجة المتوقعة هي تراجع الإنتاج وارتفاع معدلات البطالة.
4. سوق الصرف وثقة المستثمرين:
إقبال المواطنين على تحويل مدخراتهم إلى الدولار يضعف الطلب على الجنيه ويزيد تدهوره.
فقدان الثقة في العملة الوطنية يحد من تدفق الاستثمارات الأجنبية ويقلل تحويلات العاملين بالخارج.
ثالثًا: العوامل المؤثرة الحالية
الحرب الدائرة في البلاد وما تبعها من دمار في البنية التحتية الزراعية والصناعية.
شح الاستثمار الأجنبي المباشر.
استمرار دعم محدود للسلع الأساسية رغم عبئه الكبير على الموازنة.
وفرة عرض الجنيه مع ضعف الطلب عليه بسبب محدودية الصادرات.
رابعًا: السياسات المطلوبة للخروج من الأزمة
زيادة الإنتاج المحلي: دعم القطاعات الزراعية والصناعية وتحسين البنية التحتية.
تمويل المشروعات الصغيرة: تشجيع الشباب على الدخول في أنشطة إنتاجية عبر قروض منخفضة التكلفة.
ضبط الأسواق: تشديد الرقابة على أسعار السلع الأساسية لتخفيف العبء عن المواطنين.
إصلاح السياسة النقدية: تقليص الكتلة النقدية المعروضة، وضبط سوق الصرف بما يحد من المضاربات.
جذب الاستثمارات والتحويلات: عبر تحسين البيئة التشريعية وتوفير ضمانات للمستثمرين.
أخيرا .. فإن استمرار تراجع الجنيه السوداني يمثل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الاقتصادي والمعيشي، في ظل عجز الميزان التجاري وارتفاع الديون والتضخم. ولا سبيل لتخفيف الأزمة دون إصلاحات هيكلية عاجلة تركز على زيادة الإنتاج المحلي، إدارة رشيدة للسياسة النقدية، وتوسيع قاعدة الاستثمارات، بما يحد من الاعتماد على الواردات ويعزز الثقة في الاقتصاد الوطني.
ايكوسودان نت التنمية مستقبلنا