ثالثة الاثافي
د.عبد الماجد عبد القادر
قبل أن أحكي الطرفة، أعتذر لصديقي دكتور فتح العليم عبد الله في أن أعيد التعليق على مقاله الذي كان قد اقترح فيه تغيير العاصمة الخرطوم إلى مكان آخر ربما ود مدني، سنار، الأبيض أو شندي.. ورجوعاً إلى الطرفة أقول إن أحد المصريين كان قد توفي وترك لأولاده الأربعة سيارة تاكسي تعمل بين الإسكندرية والقاهرة.. ولأن الوَرَثة متشاكسون ولا يأتمن بعضهم بعضاً فقد كانوا يصرون على أن يركبوا مع السائق للاطمئنان على الدخل.. واستمر الحال شهوراً عديدة اضطروا بعدها لتقييم الفترة الماضية ودراسة الأمر لمعرفة أسباب الخسارة.. ثم إنهم استعانوا بأحد أقربائهم المستشار الذي يدرس في الولايات المتحدة الأمريكية.. وكانت توصية المستشار أن قام بتمحيص الأمر وإعداد دراسات الجدوى ومشاورة بيوت الخبرة أن أوصى بتغيير السائق حتى يتمكن دولاب العمل من السير وتحقيق الربحية في مشروع التاكسي. ولعلي هنا أوصي بفصل المستشار – أقصد المستشار بتاع التاكسي بتاع المصريين – أما مشروع تغيير العاصمة القومية من الخرطوم إلى الأبيض أو حتى الكاملين أو أي مدينة أخرى.. فتغيير العواصم ليس بجديد لا في أوروبا ولا في أفريقيا.
وعاصمة السودان قبل الميلاد كانت في البركل.. ثم قبيل وبعد ميلاد المسيح كانت في البجراوية – يعني كبوشية – ثم نقلت العاصمة الى سوبا في عهد الدولة المسيحية.. ثم نقلت إلى سنار في عهد دولة الفونج، ثم جاء الأتراك واتخذوا ود مدني عاصمة من عام 1821م وحتى عام 1834م.. ثم الخرطوم ثم أم درمان في عهد المهدية والخرطوم في زمن الإنجليز إلى يومنا هذا.
وتغيير العاصمة الخرطوم تفرضه ظروف كثيرة ليس أقلها اكتظاظها بالسكان، حيث يقال إن عددهم وصل إلى طمنطاشر مليوناً (18,000,000) أي نصف سكان السودان ومعظمهم من الأجانب، فارتفعت أسعار الأراضي لتباع بالمتر والقدم وربما السنتمتر في المستقبل القريب وسعر الأراضي في الخرطوم أغلى من نيويورك وواشنطن دي سي.. وهذا الزحام سبب تكدس الخدمات وضعفها في شبكة الصرف الصحي والمياه والكهرباء.. وهجر الناس الريف نحو العاصمة “فتريَّفت” وصارت قرية كبيرة في سلوكها وأدائها وسحنتها..
وما يفد الينا من الأقطار الأفريقية من أناس ملأوا العاصمة عن بكرة أبيها.. ودافسوا الناس وعافسوهم في أكلهم وشربهم وحتى في “الشحدة” وأفسدوا الحياة.. ومن هؤلاء من يقودون سيارات عامة وهايسات وأمجادات وركشات – زيهم وزي أولاد البلد – وخلقوا المتاعب للعاملين في قطاع الشرطة وخلقوا زحمة في الإيجارات وزحمة في الأكل والشرب والعلاج..
وكما ذكرنا فلابد أولاً من تغيير المستشار – وأنا ما بفسّر وأنت ما تقصِّر – ولابد من تغيير العاصمة الخرطوم اليوم قبل الغد.. وقد سبقنا في ذلك بلاد كثيرة فمثلاً مصر غيرت من الفسطاط إلى الأقصر ومن الأقصر إلى القاهرة.. وأثيوبيا غيرت من قندار إلى أديس ابابا وألمانيا غيرت من بون إلى برلين وأيطاليا غيرت من تورينو إلى روما ونيجيريا غيرت العاصمة من لاغوس إلى أبوجا..
يا جماعة افصلوا المستشار وغيّروا العاصمة ستجدون أن “كل الحاجات” استعدلت.. جد والله يا جماعة لو عايزين الشغلانة “تظبط” افصلوا المستشار وغيّروا العاصمة.
/////////////
شاهد أيضاً
نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا
أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …