ثالثة الاثافي
عندما كنا تلاميذ في المدارس الأولية كان الناظر يجمع كل المدرسة فيما يعرف بيوم النتائج.. ولأن المدرسة تتكون من أربعة فصول فقد كانت هناك أربعة طوابير وكل طابور يمثل أحد الفصول وأمام الطابور يقف (الألفة). وكنا نكره الوقوف في هذه الطوابير خاصة في يوم السبت وهو ما يعرف بيوم النظافة حيث يتم توزيع التلاميذ في مجموعات لنظافة المدرسة من كل الأوساخ والزبالة والأوراق ثم ننتظم جميعا في الطابور ليقوم مشرف المدرسة بالمرور على التلاميذ واحداً تلو الآخر ويتأكد من أن كل تلميذ يلبس ملابس نظيفة خارجية وداخلية وأنه نظيف جداً في جسمه.
وكان الطالب الذي يوجد به أي نوع من التقصير يتعرض للعقاب البدني خمس جلدات بسوط العنج هذا إضافة إلى وضعه في (الطشت) ودلق الماء عليه أمام كل الطلبة وهو عريان.. واعتقد أن كل الطلاب والتلاميذ (زمان) والذين هم اليوم في وظائف ذات شأن عظيم يكرهون يوم السبت بصفة خاصة لأنه بداية الأسبوع ولأنه يوم النظافة، ولا أعرف إن كان هذا النهج الخاص بالنظافة ساري المفعول في مدارسنا حتى الآن أم أنه تقليد عفا عليه الزمن.
وكان أسوأ يوم في الموسم المدرسي هو يوم النتائج الذي يتم فيه الإعلان عن نتائج الامتحانات.. وحيث كنا نقوم (بجلد) الطلاب الأوائل ثم نقوم بزفة (الطيش) وتوصيله إلى دارهم وكان يشترك في هذه الزفة حتى الطلاب في مستوى تاني الطيش.. وكان التلاميذ يصيحون ويهتفون الطيش عند الله بعيش.. ويظل الطيش يحتل هذا الموقع إلى حين إعلان نتائج العام التالي..
وقد أفادت بعض التقارير مؤخرًا أن الإيثانول جاء في المرتبة الثالثة بعد الذهب والثروة الحيوانية ثم يليه الصمغ العربي في قائمة السلع غير البترولية. وبالطبع هذه تقديرات جائرة وظالمة وفي حقيقة الأمر ينسى الكثيرون أن تكلفة إنتاج الصمغ العربي تعتبر (صفرًا) ذلك لأن الصمغ العربي لا يتم ريه ولا يتم زراعته سنوياً ولا تتم نظافته ولا يتم حرث أرضه ولا يتم رعايته ولا يتم تسميده ولا يتم إعطاؤه أي نوع من الاهتمام والرعاية.. وعلى هذا فإن (الحكومة) أو المستثمر يدفع أموالاً ضخمة لكي يحصل على عائد متضائل وبعد مدة طويلة قد تزيد على العام علماً بأن فترة حصاد الصمغ العربي لا تزيد عن أربعة إلى ستة أسابيع.. والأهم من كل ذلك أن عائدات الصمغ العربي لا تنحصر في سلعة الصمغ وحدها بل تتجاوزها إلى مساهمة كل حزام الصمغ العربي المكون من أشجار الطلح والهشاب والذي يغذي البلاد بكل احتياجاتها من فحم النبات والذي يقدر يومياً بستة آلاف طن تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين دولار يومياً وما لا يقل عن مليار دولار في العام هذا إضافة إلى حطب المباني وحطب الحريق الذي يقدر بثمانمائة مليون دولار سنويًا. هذا إضافة إلى أن الحزام يستضيف ثلثي الثروة الحيوانية بالبلاد وتنتج فيه أعلاف ستين في المائة من الثروة الحيوانية نفسها ويوفر كل المواد الخشبية اللازمة للأعراض المختلفة هذا بالإضافة إلى استجلاب الأمطار وتسميد التربة الطبيعي وإمداد العباد بكل احتياجاتهم من العناقريب والبنابر والعكاكيز والأبواب والشبابيك وحتى السبح والفنادك والمفاريك وهلم جرا.. وقد قدرت منظمة الفاو مساهمات حزام الصمغ العربي المذكورة بحوالي مليارين وخمسمائة مليون دولار سنويًا ومع ذلك فهذه المساهمة تعتبر غير ملموسة وغير مدرجة في العائدات السنوية وأخيراً نقول إن الصمغ العربي هو الأول مشترك وليس الرابع مشترك كما ذكرت الصحف التي نقلت الخبر.
////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
شاهد أيضاً
نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا
أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …