كثيرون ينظرون إلى ولاية النيل الأبيض، نظرة أكبر من كونها سلة غذاء السودان وحسب، حيث يؤكد هؤلاء أن الولاية مؤهلة لأن لتحقيق الأمن الغذائي الإفريقي، شريطة أن تجد الاهتمام المطلوب، والإمكانيات اللازمة، والإرادة القادرة على إخراج الزراعة هناك من واقعها المتمثل في عدم استغلال ماهو متاح من موارد، بجانب التدهور الذي أصاب مشاريع الإعاشة “المعروفة” في مقتل، والان لا تتجاوز المساحات المزروعة أكثر من 3 ملايين فدان.
تقرير: إيكو سودان
يبلغ عدد المشاريع الزراعية في ولاية النيل الأبيض، 159 مشروعاً في مساحة مخططة وكلية تبلغ 434 ألف فدان تبدأ بحوالي 100 كلم جنوب خزان جبل أولياء، وتمتد بطول 300 كلم، على ضفتي النيل بدورة زراعية ثلاثية تروى بروافع موضوعة على اطراف بحيرة الخزان، بيد أن وضعية الري أوجدت مشاكل عدة لازمت هذه المشروعات منذ التأسيس منها موسمية الزراعة، فضلاً عن عدم التمكن من التقيد بالمواعيد المناسبة لتأسيس محاصيل العروة الصيفية خاصة في شمال الولاية، وكذلك كثرة أنواع الماكينات الساحبة للطلمبات، وزيادة أعمال الصيانة والتشغيل وقطع الغيار، بجانب أسعار الجازولين، وعدم التمكن من التنوع المحصولي في ظل موسمية الزراعة، وتداخل المحاصيل، الأمر الذي يؤثر على مواقيت محاصيل العروة الشتوية، فيما تتحكم العوامل الطبيعية في الزراعة المطرية، بحيث تشكل التغيرات المناخية أحد المهددات الرئيسة لنجاح العروة الصيفية، وأما الزراعة المروية فهي تقع في مساحات محدودة على النيل، وقد تمت دراسة في عام 1983م لكهربة مشاريع النيل الابيض في 18 مشروعا تقليلا لتكلفة الانتاج وتوفير ري مستديم، ومع ارتفاع تكاليف الإنتاج، ووقتها بلغت المديونية على المشاريع 67 مليون جنيه.
هذا العام زرعت ولاية النيل الأبيض، 3 ملايين فدان بالقطاعين المروي والمطري، وأكد والي النيل الأبيض، أبو القاسم بركة، توفير المدخلات الزراعية والعمالة، وبشر أهل السودان بنجاح الموسم الزراعي مؤكداً الالتزام، بتوفير كافة الآليات الزراعية لمرحلة الحصاد، ووعد الوالي بتوفير احتياجات الموسم الزراعي من الوقود بالتنسيق والمتابعة مع الجهات ذات الصلة بالخرطوم، وشدد على أهمية تأمين المشاريع الزراعية ومعالجة القضايا المتعلقة بالحدود مع ولايات جنوب كردفان و سنار والخرطوم من خلال الجلوس مع ديوان الحكم المحلي لحماية المشاريع الزراعية وايرادات الولاية من التحصيل.
أكد المدير العام لوزارة الزراعة والري والغابات بولاية النيل الأبيض المهندس أحمد محمد يوسف، أن المساحات التي تمت زراعتها حتى الآن في القطاع المطري بلغت ٩٢% من المساحات المستهدفة لهذا الموسم والبالغ قدرها ٢ مليون و ٨٣٦ ألف فدان ، بينما تمت زراعة ٤٠% في المروي.
وقال يوسف في تصريحات صحفية، إن موقف الموسم الزراعي الصيفي مطمئن ويبشر بإنتاجية عالية، وأن احتياجات الولاية للوقود حتى مرحلة الكديب بلغت ١٣٨٣٢ طنا تم توفير ٣٢ % منها . وطالب بضرورة الإسراع في توفير الجازولين لإكمال التحضيرات في القطاع المروي بهدف إكمال زراعة المساحة المستهدفة من أجل زيادة الإنتاج والإنتاجية.
المحلل الاقتصادي، المختص في الشأن الزراعي، السموأل حسن بشرى، اعتبر في حديثه لـ “الأخبار” بأن أكبر تحديات الزراعة بولاية النيل الأبيض تتمثل في توفير التمويل، وإقناع رؤوس الأموال بالاستثمار هناك، وقال إن مدخلات الزراعة أصبحت مكلفة، وبالرغم من أن الدولة لديها أجسام تمويلية للزارعة، لافتاً إلى أنه قبل أربع سنوات، قامت حكومة النيل الأبيض، ممثلة في وزارة الزراعة بتطبيق برنامج الحُلول المُتكاملة، وكان له تأثيراته الايجابية على مستوى رفع الانتاج والانتاجية في المساحات التي زرعت وفقاً للتقانات الحديثة، إلا أن تفاعل الشرائح المستهدفة مع البرنامج ما زال دون المطلوب، دعا المزارعين للتفاعل مع برنامج الحلول المتكاملة لأنه الطريق الأمثل لزيادة الانتاج والانتاجية.
ثمّن السموأل، جهود وزارة الزراعة بالولاية في تطوير المشروعات المروية، بيد أنه يؤكد أنها ما زالت بحاجة إلى سند اتحادي، ورؤوس أموال كبيرة لتحقيق الرؤية التي تمكن من استغلال إمكانيات الولاية الزراعية، وأضاف بدأت وزارة الزراعة خطوات جادة في كهربة المشاريع المروية بتسليم 12 طلمبة لكهربة ستة مشاريع مروية بالولاية، كمرحلة أولى من جملة 20 مشروعاً مستهدفة خلال العام الحالي ضمن برنامج كهربة المشاريع المروية الذي يتبناه البرنامج القومي لتوطين إنتاج القمح بالولاية، مبيناً أن المشروع يأتي بتمويل مشترك بين وزارة المالية الاتحادية والتي تدفع 50% وحكومة الولاية 25% بينما يدفع المزارعون 25 %.