ثالثة الأثافي
د. عبد الماجد عبد القادر
زغردت النساء وسرى الخبر سريان النار في الهشيم في القرية الوداعة.. وسبب “الزغاريد” هو أن مولانا زعيم الحزب “جابولو ولد”.. ولهذا السبب فإن نساء القرية كن يزغردن من الفرح والانبساط.. وعلى الأقل فإن مؤيدي حزب مولانا ووكلاؤه سوف يقيمون الولائم والكرامات فرحاً بهذا المولود الجديد الذي سوف يضيف “بركة” أخرى من بركات هذه العائلة على شعبنا وسوف تنداح هذه البركة لكي تعم كل القرى والمدن السودانية وسكانها وقد علمنا لاحقاً أن أحد كبار السن من أهل القرية ومن أعيانها كان لا يصدق أن مولانا يمكن أن يرزق ولداً بعد كل هذه البركات.. وكان اعتقاد الرجل في شيخه متجذراً وعميقاً بحيث أنه لم يكن يخطر على باله بأن الشيخ يمكن أن يمارس الأعمال التي قد تؤدي إلى الإنجاب.. ولهذا فقد كان معترضاً على الزغاريد وكان يحاول إقناع “الزغراتات” بأن هذا الخبر عار من الصحة لأن الزعيم ما قاعد يعمل كده” وأصلوا مولانا ما قاعد ” يعمل كدة ” .
وإذا كان اقتناع آبائنا وأجدادنا في زعمائهم يصل بهم إلى أن الزعيم لا يمكن أن “يعمل كده” فلا بد أن يذهب اعتقادنا نحن من الجيل الثاني إلى شيء قريب من ذلك على الأٌقل فيما يخص زعامة المرأة.. وحيث كان قد أعلن المرحوم الشيخ حسن الترابي في إحدى المناسبات أنه يقترح أو يوصي أو يتمنى أن يكون خليفته على زعامة حزب المؤتمر الشعبي امرأة ويأمل أن تحذوا الأحزاب الأخرى حزوهم .. على الرغم من أنه لم يوضح إن كانت المرأة متزوجة أم آنسة.. وإذا كان أهلنا الكبار لم يتوقعوا بل فوجئوا ودهشوا عندما سمعوا خبر أن الزعيم “جابولو ولد” وبعضهم انزعج واحتج وأنكر وكذب الخبر.. فنحن على الأقل توقعنا ولا زلنا نتوقع أن تبرز الكثير من مظاهر الدهشة على ولاية المرأة لرئاسة الأحزاب السياسية لأسباب عديدة .. منها مثلاً أننا سنندهش أن نسمع أن السيدة زعيمة الحزب لم تحضر الاجتماعات لأنها “نفست” أو أن السيدة رئيسة الحزب غابت يوم أمس لأن عندها “عذر شرعي”.. أو أنها لن تتمكن من حضور المؤتمر لأن به أوراق عمل تحمل مقاطع وأجزاء من القرآن والسيدة غير “جاهزة” لتمس الآيات أو تقرأها لعذر شرعي برضو.
والكثيرون لا يرضون من زوجها إن قيل لهم أنه لم يتركها تحضر الاجتماعات أو ظل يتابعها على اعتبار أنه المحرم والرفقة المأمونة .. وبالطبع ستكون هناك مشكلة أكبر إذا توفي زوج السيدة زعيمة الحزب لأن هذا سيجعلها “تحبس” على زوجها الميت أربعة أشهر وعشرة أيام ويمنعها من ممارسة أعبائها القيادية.. من بعد الخروج من الحبس فقد ترغب في الزواج الثاني وهذا أيضاً قد يستغرق منها زمناً طويلاً لترتيبات الزيجة الثانية والولادة التي ستمكث فيها أربعين يوماً.. أما إذا كانت المرأة المراد تعيينها رئيسة للحزب غير متزوجة فهناك مشكلة أنه قد “يعرسوها” وهي في هذه الحالة تحتاج إلى فترة شهر كامل للعسل في الفندق ومن بعده يمكن أن “تحمل وتلد”.. وتقوم بالسلامة بعد أن تكون قد شربت مديدة التمر ومديدة الدخن وقامت “سمينة” ما شاء الله لتزاول نشاطها من “أول وجديد”.
ولكل هذه الأسباب مجتمعة نرى أنه ليس من الأوفق أن يكون رئيس الحزب امرأة حتى لو تأكد أن سيادتها “قاعدة ترضع نضيف”..
/////////////////////////////