جنة الشوك
جمال علي حسن
والي سنار.. تدمير بيئي متعمد
تستمر تقاطعات السياسة المركزية والاتحادية للدولة السودانية مع السياسات الولائية وقراراتها المسلوقة وغير المبالية.
فينسى أو يتجاهل مثل والي ولاية سنار كل التزامات السودان الدولية وحديث الرئيس البشير في يوليو الماضي أمام مؤتمر السياج الأفريقي الأخضر بالعاصمة الموريتانية نواكشوط باستمرار التزام السودان بمواجهة التحديات البيئية وتأثيراتها الخطيرة وتحقيق أهداف مبادرة السياج الأخضر الأفريقي.
يتجاهل والي سنار كل هذا وكل الأرقام والإحصائيات والحقائق التي تتحدث عن مخاطر تدمير البيئة في بلادنا ويصر على قرار غريب بإزالة غابات السنط على ضفاف النيل من أجل زراعة الموز !!
هذا القرار الذي يعني بالتأكيد استمرار تدمير ثرواتنا الغابية الطبيعية في السودان في وقت انحسرت فيه مساحة الغابات في السودان أصلا بعد انفصال الجنوب من 36 % إلى 10 % فقط.
وليس صحيحاً ذلك الاعتقاد بأن الحفاظ على الغابات الطبيعية والنيلية في بلادنا سيعطل أو يتقاطع مع توجهات التوسع في الزراعة ومشروعات التنمية الزراعية، لأن العكس تماماً هو الصحيح؛ فالتوسع الصحيح والمخطط والمدروس في الزراعة يشترط لنجاحه عدم المساس أو التعدي على الثروات الغابية وعدم الاعتداء الكارثي غير المكترث على البيئة وتدميرها في وقت يواجه فيه السودان مخاطر زحف صحراوي أدى إلى فقدان نسبة كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة وبالتالي فإن مبدأ الحفاظ على البيئة يعني الحفاظ على الثروة الزراعية نفسها، أما التوسع الزراعي الجائر وغير المحسوب بيئياً فيعني التخبط وقصر النظر للتنمية الزراعيةفي بلادنا.
خبراء البيئة الذين صعق قرار والي سنار تفكيرهم يؤكدون أنه لا جدوى اقتصادية من مشروع زراعة الموز في موقع غابة السنط في ولاية سنار؛ فمن الذي يفكر للسيد والي سنار وما هي مرجعياته الفنية في مثل هذه القرارات؟..!
وكيف يضرب الوالي بكل التزامات السودان الدولية في الحفاظ على البيئة والغطاء النباتي عرض الحائط من أجل إقامة مشروع غير مجدٍ اقتصادياً؟.
ألا يعلم والي سنار أن موقفه المتناقض مع التزامات الدولة السودانية قد يحرم السودان من حصته في مخصصات حماية البيئة عالمياً ويحرج القيادة السياسية ويتقاطع كلياً مع التزاماتها أمام العالم؟..
وطالما أن الحكومة السودانية غير قادرة على تنسيق مواقفها الداخلية ما بين التزامات الحكومة الاتحادية ومؤسساتها وما بين تصرفات أمثال هؤلاء الولاة في ولاياتهم فلا داعي لأن يلتزم السودان أمام العالم بأي موقف أو يقطع وعداً أو حتى يشارك في المؤتمرات والمحافل الدولية.. لا داعي الآن لمشاركة السودان بوفد كبير ـ حسب علمنا ـ في مؤتمر البيئة العالمي الذي سيقام الشهر المقبل في بولندا، بل لا داعي لوجود مجالس بيئية مهمشة في الولايات بلا سلطة أو صلاحية أو دور في إيقاف مثل هذا التدمير البيئي الذي يمارسه السياسيون في الولايات.
متى يتوحد لسان الحكومة وينتفي مثل هذا الإفساد لمواقفها والتزاماتها بمثل هذا النوع من التصرفات؟.. العالم غير معني بالتقسيم الإداري الداخلي للحكم في السودان، هو يتعامل مع دولة واحدة ويعتمد بالتالي موقفاً رسمياً واحداً لهذه الدولة تجاه كل القضايا والملفات المشتركة بيننا وبين الآخرين..
ننتظر من السيد رئيس الوزراء القومي أن يتدخل لإيقاف هذا القرار ومثل هذه القرارات والتصرفات التي تضرب موقف السودان الخارجي وقبل ذلك هي تضر ببلادنا وتتسبب في تدمير ثرواتها وتهزم بالتالي كل طموحات النهضة والتنمية المخطط لها.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
شاهد أيضاً
نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا
أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …