الجمعة , نوفمبر 22 2024
أخبار عاجلة

القضائية تتربص بمشروع المفوضية العدلية

صرخة نملة/ د. أمجد عبدالسلام:

إن النظام البائد خلَّف قاذورات تعترض مسيرة الثورة المجيدة، تناثرت في كل الأمكنة وهي تنفث خبثها بحسب الفترة الزمنية التي مكثتها في مضايقة الشعب السوداني، وكانت عاملاً أساسياً في الدمار طاردة لكل من إتصف بالعفة والأمانة؛ لذا كان الحرص على أن تُطَهَر الدولة ومؤسساتها من دنس الكوزنة والتمكين وفي كافة المستويات وفي شتى المجالات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية بما في ذلك إعادة بناء المنظومة العدلية، بغرض السعي الجاد لإنزال شعارات الثورة أرض الواقع.
جاءت الوثيقة الدستورية بمهام من الواجب إنفاذها حتى يتحقق التغيير المنشود، ومن تلك المهام الإصلاح القانوني وإعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية، ولفظ الإصلاح يؤخذ بمعناه الواسع الذي يشمل الإصلاح التشريعي والمؤسسي وهذا كما ورد في فحو المادة (8/5) من الوثيقة الدستورية لسنة 2019م، ولا يتأتى ذلك إلا من خلال تفكيك بنية التمكين وبناء دولة القانون والمؤسسات، لذا بهذا الصدد كان الشروع في إنشاء مفوضية تحقق ذلك الغرض وكان تقديم مشروع قانون مفوضية إعادة بناء المنظومة العدلية والحقوقية التي تشمل القضائية والنيابة العامة ووزارة العدل والمحاماة وكليات القانون لما جرى في دهاليزها من عبث وتدمير وتمكين لشرزمة النظام البائد، مع الوضع في الإعتبار بأن كل من تربع على عرش هذه الأجهزة العدلية يوقن بضرورة ذلك الإصلاح.
جلس مشروع قانون مفوضية إعادة بناء المنظومة الحقوقية والعدلية على أرجوحة الممكن والمستحيل، وواجهته رياح القضائية التي أبدت تعنتها بإنفاذ هذا القانون لتعديه على إستقلالية السلطة القضائية بينما أيدته بقية منتسبي المنظومة العدلية والحقوقية؛ فكان السعي الجاد من كافة الأطراف لإحداث توافق على هذا القانون، فمنهم من تمسك بالقانون كما هو ومنهم من رفضه بإطلاقه ومنهم من قيَّد طبيعة ما تصدره المفوضية وإعتبرها مجرد توصية للجهاز العدلي المعيَّن، بينما جاءت القضائية مؤخراً بنص ناسف لمشروع قانون المفوضية في عملية إنتحارية وسط كل القانونيين لإفراغ القانون من محتواه، حيث إشترط إدراج نص يقضي بمراعاة القوانين الخاصة بالأجهزة العدلية.
في إعتقادي المتواضع –بالرغم من تحفظي على مشروع المفوضيية كما ورد في مقالي بعنوان : سكب وقود القانون على نيران المنظومة العدلية- فإن إشتراط هذا النص يعد بمثابة إستصغار فكري لمن يتمسك بإنشاء المفوضية لأنه يعتبر هادماً للفلسفة القانونية التي جاء بها مشروع قانون المفوضية، وطاعناً لأسس التشريع من ظهرها، نسبة إلى أنه سيكون في صراع دائم مع قانون مفوضية الخدمة القضائية أو مجلس القضاء العالي على وجه التحديد، وفي نطاق أوسع ستكون قراراته هباء تزروها رياح القوانين الأخرى، وبالتالي تكون القضائية قد تربصت بمشروع قانون إعادة بناء المنظومة العدلية.
إن هذا اللقط الدائر يجعلنا أمام إطروحات عديدة أجلها تغول السلطة القضائية على إختصاصات وزير العدل وسلطاته الواردة في المادة (4/د) من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 2017م التي تعني بدراسة وصياغة مشروعات القوانين وسائر التدابير التشريعية في الدولة عندما زجت بنفسها في الإطار التشريعي، وفي صعيد أخر تدور التساؤلات التي ترسم الحيرة في وجوه الجميع: كيف يتم الإصلاح من قبل من يراد إصلاحهم؟ وما الذي يدور في ثنايا السلطة القضائية لتتمسك بهذا الإعتراض؟؛ فحقاً نحن أمام صراع فكري وتنافر مؤسسي ستقع عاقبته على من يبغي العدالة، ويؤكد بأن الوقوف على الساقين أصعب من السقوط في الهاوية، مع تمنيات ألا نصل إلى مرحلة بتر الساقين.
#إصلاح_المنظومة_العدلية_24ابريل2020م.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا

أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا