السبت , نوفمبر 23 2024
أخبار عاجلة

رقام جديدة تُضاف للدفتر الصيني ديون السودان.. العُقْدَة في المِنْشَار

ايكوسودان. نت
رغم أن نسبة الديون المُعْفاة لا تُساوي شيئاً أمام الحجم الكلي للديون، إلا أن ذلك لم يَمنع ارتفاع مؤشرات التفاؤل لدى الحكومة السودانية، بعد أن وافقت الصين “آخيراً” على إِعفاء جُزء “يسير” من ديونها على السودان، مع جدولة المتبقي، والأهَم من ذلك عودة الشركات الصينية “مرة أخرى” بعد أن “تمنَعت واستَعْصمت” بسبب تراكُم ديونها على الحكومة، لا سيما تلك العاملة في قطاع النفط، ومهما يكن إلا أنه يمكن الركون إلى القول بإن تفاؤل الحكومة مرَدَّه التوقيت الذي جاءت فيه مكرمة “بكين” حيث تعيش “الخرطوم” أسوأ أزماتها الاقتصادية، والتي تبدت مظاهرها في الضائقة المعيشية التي تشتد مع كل صباح.

الخرطوم/ محمود النور

بعد انتهاء أعمال المنتدى الأفريقي الصيني، ببكين، الأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة عن تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة، من خلال المباحثات التجارية والاستثمارية الناجحة مع الصين، والتي أجراها وزراء المالية والنفط والتعدين والزراعة، خلال مشاركتهم في المنتدى، بقيادة الرئيس السوداني، عمر البشير، وكأن أبرز ما نجح فيه وفد السودان، هو إقناع الصين بإعفاء نسبة لم تتجاوز الـ 10% من إجمالي ديونها على البلاد، بجانب منح الصين للسودان 600 مليون يوان “90 مليون دولار” منها 200 مليون يوان، في شكل قرض بدون فوائد، لتمويل مشروعات متفق عليها.
تلك المكاسب اعتبرها المحسوبون على الحكومة “فتحاً جديداً” في علاقة “الخرطوم” و”بكين” في عهد نظام الإنقاذ، فيما رأى آخرون أنها تمثل تحولاً جديداً في العلاقات، ينبغي التعامل مع بنوع من الحكمة، لا سيما فيما يتعلق بالاستثمارات الصينية في مجال النفط، حيث طالبوا بعدم فتح الباب أمام الشركات الصينية على حساب الشركاء الاخرين، أو أن يتسبب ذلك في صرف النظر عن استجلاب التقنيات الغربية “أمريكا على سبيل المثال” والتي تعتبر هي الأفضل والأجدى في مجال الاستكشاف وزيادة الانتاج النفطي.
على أي حال، ما يهم الخرطوم حقاً من جولة الصين هو الانفراج في ملف الديون، فبشكلٍ أو بآخر، أصبحت الدين الخارجي للبلاد، هاجساً يؤرق الجميع، لا سيما الديون التي لـ “بكين” حيث تعد هي الدائن الأكبر للخرطوم، حيث أقرت الحكومة في وقتٍ سابق، أن الديون الصينية بلغت ملياري دولار، بعد أن استدان السودان حصة الصين النفطية من دون تسديد قيمتها عقب انفصال دولة الجنوب في عام 2011، فيما تقدر جهات غير رسمية تلك الديون بـ 7 مليارات دولار، إلا أن الجميع يتفقون على أن تراكم الديون الصينية تسبب في خروج معظم الشركات العاملة في المجال، قبل أن تعود لاحقاً، وعلى رأسها الشركة الصينية الوطنية التي زادت أعمالها النفطية في البلاد، بعد توقيع اتفاقية بين الخرطوم وجوبا في يونيو الماضي، لإعادة تشغيل حقول النفط في جنوب السودان المتوقفة منذ خمس سنوات، لإنتاج 20 ألف برميل يوميا، ترتفع إلى 360 ألف برميل في اليوم خلال 3 سنوات.
ويرى الخبير الاقتصادي، د. هيثم محمد فتحي، أن السودان لم يستطع أن يلتزم باتفاق تأجيل سداد مديونيته على الصين منذ العام 2012، مُشيراً الى أن استمرار الحرب بجنوب السودان أثر على تلك الاتفاقيات، بعد أن أدى الاقتتال الذي لم تنجُ منه مناطق البترول إلى تراجع الإنتاج النفطي، إلا أن هيثم يؤكد أن بإمكان السودان التوصل إلى تفاهمات بشأن تلك الديون بطرح مشاريع زراعية تستثمر فيها الصين، أو دخول الصين في مجال التعدين بالبلاد، لافتاً إلى أن الحكومة سبق وأن طرحت عدداً من مربعات الذهب للشركات الراغبة في االستثمار في المجال، وأشار في حديثه لـ “الأخبار” إلى أن السودان استفاد من عددٍ من القروض التفضيلية التي قدّمتها الصين في الأعوام الماضية، إلا أنه لم يتمكن من الالتزام ببرنامح السداد وهو ما أدى لتوقف القروض، وقال إن إعادة برمجة سداد الديون السابقة، وإعادة القروض المتوقفة سيؤدي لحدوث دفعة اقتصادية، وبالتالي تحقيق نوع من الاستقرار.
وكان الرئيس الصيني، شي جين بينغ، قد وعد بأن بلاده ستفكر في موقف إيجابي حول تمديد فترة السماح للديون الصينية على السودان وإزالة العقبات وتهيئة الظروف المواتية للتعاون من خلال توظيف آلية التعاون المشترك بين البلدين، وجاء ذلك استجابة لطلب سوداني، لإعفاء بعض الديون الصينية على الخرطوم وإعادة جدولة البعض الآخر.
ومهما يكن من أمرٍ، فقد أصبحت الدين الخارجي السوداني، هاجساً يؤرق الجميع، ففي أبريل الماضي، أكد البنك الدولي أن السودان ما يزال يعاني من ضغوط الديون الخارجية، والتي بلغت 54 مليار دولار، 85% منها عبارة عن متأخرات، وتضم قائمة دائني السودان مؤسسات متعددة الأطراف بنسبة 15%، ونادي باريس 37% بجانب 36% لأطراف أخرى، بجانب 14% للقطاع الخاص.
وكشف البنك في تقرير مشترك مع وزارة المالية، أن المتأخرات المستحقة للمؤسسة الدولية للتنمية بلغت 700 مليون دولار، بينما بلغت المستحقات لصندوق النقد الدولي ملياري دولار، وطبقاً للتقرير التقييمي للاستراتيجية المرحلية لخفض الفقر، فإن نسب الديون الخارجية بلغت 166% من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بالحد البالغ 36%، وأكد التقرير وجود تدهور في جميع المؤشرات بعد التراجع الكبير في إجمالي الناتج المحلي والإيرادات الحكومية، وشدد البنك على ضرورة إيجاد آليات لتخفيف الديون للحد من الفقر.
في الأثناء، أكد الخبير الاقتصادي، بروفيسور ميرغني أبنعوف، أن مديونية السودان الخارجية أكبر من حجم الاقتصاد الكلي، وأن الديون ستتراكم بصورة مستمرة ما لم تُسدد، متهماً الدولة بعدم الجدية في سداد المديونية، وإلا لكانت سددتها من أموال البترول أو واردات الذهب، مبيناً أن الحكومة تضع اشتراطات للجهات الدائنة، وهذه مماطلة واضحة، منوهاً إلى أن أحد الأضرار الكبيرة للدين الخارجي، أن السودان لا يستطيع بسببه أن يستفيد من عروض القروض، كغيره من الدول، وبسبب ذلك يفقد كثيراً من الاستثمارات الضخمة.
ويلجأ السودان إلى الاقتراض من دولة الصين باعتبارها منفذاً اقتصادياً متاحاً للسودان، ولكن للقروض الصينية عيب، ويعرّفها الخبير الاقتصادي ميرغني أبنعوف بالقروض (كاملة الدسم) وأن للصين شروطاً قاسية في هذه القروض، حيث تشترط جلب العمالة والمواد وتسليم المشاريع جاهزة، وهذا ما يحرم السودان من الاستفادة من القرض بشكل أوسع، وقطع بأن سوء الإدارة وتماطل الحكومة وعدم رغبتها في حل الدين الخارجي سيقلل من فرص حل مشكلة الدين الخارجي.
ولأسباب عديدة، ظلت الحكومة السودانية غير قادرة على الاستفادة من مبادرة الدول الأكثر مديونية (الهبيك) والتي تتعلق بتخفيض ثقل الديون على الأداء الاقتصادي في الدول النامية، لها شروط أساسية يمكن تلخيصها في أن على هذه الدول النامية أن تحسن من أدائها الاقتصادي، وتقلل من إنفاقها العسكري كشروط ضرورية من أجل إعفاء الديون.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا

أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا