الجمعة , نوفمبر 22 2024
أخبار عاجلة

فيما يتهاوي عرش “صاحبة الجلالة” الخرطوم لا زالت تقرأ، تشتهي الورق وعطر الحبر

فيما يتهاوي عرش “صاحبة الجلالة”
الخرطوم لا زالت تقرأ، تشتهي الورق وعطر الحبر
تقرير:ايكوسودان الجميل الفاضل
لو إستيقظ نابليون بونابرت من مرقده اليوم، هل سيجد في صحف كهذه تذروها رياح العصر الرقمي، ما وجده في صحف ذات أوراق قبل مائة عام و نيف، هزت عرشه، وأضطرته للإعتراف قائلاً: (أخاف من ثلاث صحف أكثر مما أخاف من مئات الآلاف من الطعنات بالرمح).
إن خوف الملوك والحكام والأباطرة في مشارق الأرض ومغاربها، من سطوة ونفوذ صحافة القرن العشرين خلع عليها لقب “صاحبة الجلالة”، وصعد بها الي مصاف “سلطة رابعة”، من واقع تأثيرها علي الناس، وتشكيل أرائهم وتوجهاتهم العامة.
لكن مع التقدم التكنولوجي الهائل الذي شهدت بداياته نهايات القرن الماضي، و مطالع الألفية الجديدة، تقهقرت الصحافة الورقية، وأضمحل دورها، بعد أن تقاصرت خطاها عن مواكبة إيقاع سرعة حياة هذا العصر، فتراجعت مبيعاتها، وكسدت تجارتها، وهرب الإعلأن الي سوق سواها، ماعدا القليل من الصحف العريقة التي مازالت تكافح من أجل البقاء.
إن تطورات مذهلة، سريعة ومتلاحقة، يتهاوي الآن تحت وطأتها عرش الصحافة الورقية، ليفسح المجال واسعاً أمام الصحافة الإلكترونية التي سيمتد تأثيرها لا محالة إلى الإعلام المرئي أيضا.
ورغم أن التحول إلى الإعلام الإلكتروني أو الأعلام الجديد، أصبح حتميا لكن يظل للقلم عشق، وللحبر عطر، وللورق شهوة لا تقاوم.
إنطفاء “الأنوار” البيروتية

شمعة بيروتية أخري، هي صحيفة “الأنوار”
امس إ نطفةء شمعة بيروتية أخري، هي صحيفة “الأنوار” التي أعلنت دار الصيّاد المالكة لها ولعدد من المجلات الأخري، طي صفحة الورق والتوقف عن الصدور بدءاً من اليوم الاثنين، في خطوة تأتي بعد سلسلة قرارات مماثلة اتخذتها صحف أخرى في لبنان جراء أزمات مالية.
وأوردت صحيفة “الأنوار” في إطار نشرتها على الصفحة الأولى من عددها الجمعة الماضي “قررت دار الصياد أن تتوقف الأنوار عن الصدور اعتباراً من الاثنين المقبل، إضافة إلى توقف جميع المجلات الصادرة عن الدار”.
وبررت الصحيفة التي تأسّست في العام 1959 القرار بـ”الخسائر المادية” التي قالت إن “كل من يتابع أوضاع الصحف الحرة المستقلة يعلمها.
و من قبل كانت الأكشاك في بيروت فقدت أبرز صحفها الورقية التي اعتاد عليها القراء منذ الأزل، حيث اختارت هذه الصحف أن تودع الورق والمطابع لتتجه نحو الحواسيب والهواتف وتختار المنهج الالكتروني.
ومن أولى الصحف اللبنانية التي اتخذت قرارا بمغادرة الفضاء الورقي إلى العالم الافتراضي صحيفة “السفير”.
ثم جريدة “النهار”   التي قررت التخلي نهائياً عن النسخة الورقية وتعويضها بأخري الإلكترونية.
لكن أزمة الصحافة الورقية لا تقتصر بالطبع على
الصحف العربية فحسب.
صحف غربية تتهاوي
فالوضع ذاته ينطبق على الصحف الورقية  الغربية التي لم تصمد كثيرا أمام مثل هذه الصعوبات، ففي خطوة مفاجئة قررت صحيفة “الإندبندنت” أعرق الصحف البريطانية التوقف عن الصدور اليومي والأسبوعي.
الخبر أثار حينها ارتباكا شديدا في الصحافة العالمية لأن “الإندبندنت” صحيفة عمرها 30 عاماً وهي تعد من الصحف الرائدة في بريطانيا.
و كذلك عندما توقفت صحيفة “كريستان ساينس مونيتور” التي تعد من الصحف الشهيرة في الولايات المتحدة وكان هذا التوقف في عام 2009، أي منذ (9) سنوات تقريبا، وتصور المراقبون لأوضاع الصحافة في ذلك الوقت أن الأمر لا يعدو كونه حالة فردية، وأنه لن يمثل ظاهرة على الأقل في المدى القريب، لكن بعد توقف “الإندبندنت” أضحي الأمر لا يتوقف عند توصيف الحالات الفردية ولكنه بات يتحول إلى ظاهرة.

Editions of the British newspaper Independent are presented on a table in London, Britain, 12 February 2016. Britain’s The Independent and The Independent on Sunday newspapers will close their print editions in March, owners ESI Media said on 12 February 2016. Both will have online-only editions. The Independent, which was launched in 1986, will become ‘the first national newspaper title to move to a digital-only future,’ ESI said. The Independent on Sunday will go online on March 20, and The Independent on March 26, the Press Association reported. EPA/TERESA DAPP
حيث أغلقت منذ بداية 2009 حوالي 200 صحيفة محلية، من بينهم صحيفة ” ذي لندن بيبير” التي كانت توزع أكثر من نصف مليون نسخة يوميا في مركز العاصمة البريطانية ومحطات القطارات.
الصحافة الأمريكية هي الأخرى تأثرت بالأزمة الاقتصادية حيث أعلنت  في أكتوبر 2008 صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” عن إلغاء طبعتها الورقية والاكتفاء بالنسخة الالكترونية بعد قرن كامل من الصدور، و في العام (2013) تحولت المجلة الأمريكية الشهيرة “نيوزويك ” من ورقية إلى الكترونية .
كما توقفت صحيفة “فرانس سوار” عن الصدور منذ شهر 2011 لتكتفي بنسختها على الانترنت.
واقع الصحافة العربية
و الي ذلك قامت جامعة نورث ويسترن  الأمريكية في سنة (2016) بدراسة حول واقع الصحف اليومية الورقية في العالم العربي خلال الفترة الممتدة ما بين (2010- و2015)  توصلت فيها إلى جملة من الإحصائيات حول واقع الصحافة المكتوبة في العالم العربي، حيث أكدت أن الصحف المصرية هي الأكثر توزيعا في العالم العربي بنسبة 37 بالمائة، تليها الجزائرية بنسبة 21 بالمائة، ثم تأتي الصحف السعودية في المرتبة الثالثة ب13 بالمائة، والإماراتية ب12 بالمائة.
وأضافت ذات الدراسة أنه توجد 16.6 مليون صحيفة تباع يوميا في العالم العربي، وأن توزيع الصحف ارتفع في الدول العربية بنسبة 1.4 بالمائة، في حين زاد في قارة آسيا بنسبة 32.7بالمائة،  وانخفض في أمريكا الشمالية بنسبة 8.7 بالمائة.
ذات الدراسة تشير إلى أن ميزانية الإعلانات في العالم العربي تراجعت من 2.284 مليار دولار سنة (2010) إلى 1.772 مليار دولار سنة (2015)، وقد تراجع  نصيب الصحف الورقية اليومية من  45 بالمائة  إلى 32 بالمائة سنة 2015، واختارت شركات الاعلانات المهاجرة إلى عالم الحواسيب والمواقع الإلكترونية الأكثر تصفحا.
الخرطوم لا زالت تقرأ
ورغم الصعوبات التي تمر بها الصحف الورقية العربية والعالمية، إلا أن أغلب الصحف في السودان ظلت علي حالها تقاوم عوامل التوقف الكلي، أو اتجاهات التحول الي صحافة الكترونية بالكامل، رغم تراجع كميات المطبوع من اعدادها، وكذا حجم توزيعها و إنتشارها، مع إتساع نطاق التعامل مع المواقع الإلكترونية كمصادر للأخبار في السودان، فضلاً عن تزايد اعداد رواد مواقع التواصل الإجتماعي، وتأثير ذلك سلبا علي مبيعات الصحف في كل مكان، إلا أن صحف الخرطوم الورقية، لا زالت تلعب دورا هاما في تشكيل الرأي العام وتحديد توجهاته.
فالخرطوم عاصمة لا زالت تقرأ، لكن علي طريقتها، تبدأ طقوس قراءتها اليومية بانماط من التصفح، لخطوط الصحف العريضة علي نوافذ العرض و البيع، مبسوطة علي الارض، أو معلقة في الواجهات، مسموعة علي أثير الإذاعات، أو مبثوثة علي مواقع “السوشيال ميديا” واسعة التداول و الإنتشار، قبل أن يستأجر المغرمون بقراءة تتجاوز تلك العناوين، نسخاً مستردة، نظيرأجر زهيد.

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا

أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا