ثالثة الاثافي
د. عبد الماجد عبد القادر
نظرية النسبية!!
يقال إن أحد الأمراء في عهود الخلافة الأموية كان مهتماً بأشعار جميل بثينة، وقد علم أن بثينة هذه حيَّة تُرزق فاستدعاها لزيارته.. ولما حضرت في مجلسه وجد أنها قبيحة وسألها قائلاً: “ما الذي رأى فيك جميل بن معمر حتى يقول فيك كل ذلك الشعر؟” وبثينة كانت حادة الذكاء وردت عليه قائلة “رأى فيَّ الذي رآه فيك المسلمون حين نصبوك خليفة عليهم”. وبالطبع هذا يشير الى أن مسألة الجمال و(السماحة) تظل نسبية مطلقة تختلف باختلاف الزمان والمكان وباختلاف البشر أنفسهم.. وما تراه أنت جميلاً قد أراه أنا قبيحاً. ونظرية الجمال النسبي لا علاقة لها بنظرية علماء الفيزياء مثل نيوتن وأنيشتاين وأرسطو.
ونعيد الطرفة التي تقول إن المرحوم عمر الحاج موسى كان وزيراً للثقافة والإعلام على عهد الرئيس نميري، وكان يولي اهتماماً كبيراً لجهاز التلفزيون ويقوم بمعاينة المتقدمين إليه ويفحصهم ويستوثق من مقدراتهم الفنية على أنه وفي التلفزيون بالذات كان يهتم بالمظهر والمنظر للمتقدم.. ويبدو أن أحد المطربين تقدم للمعاينة، وكان أن اجتاز الامتحان من الصوت والتطريب ومهارات الأداء.. ولكن المرحوم الوزير رأى أن ذلك المطرب (شين) فنصحه بأن يغني فقط في الإذاعة ومنعه من التلفزيون.
ويحكي التاريخ العربي عن أبي دلامة الذي كان قبيحاً جداً للدرجة التي كان من الصعب على الناظر إليه أن يطيل النظر فيه، ولا يستطيع أن (يجر فيهو نور طويل) كما يقول أبناء هذا الزمن.. وقد هجا نفسه ببيت الشعر المشهور (إذا وضع العمامة كان قرداً وخنزيراً إذا نزع العمامة).
وللشناة أنواع كثيرة فهناك (الشناة المُرَّة) وهناك الشناة التي تقطع الخميرة وهناك (شناة السنين).. وبالطبع إذا كانت هناك شناة مُرَّة فهذا بالضرورة يعني أن هناك شناة حلوة أو شناة مقبولة.. أما تلك التي تقطع الخميرة فلم أستطع أن أجمع عنها كثيراً من المعلومات وكل الذين اتصلت بهم في هذا الأمر وجدتهم لا يعرفون الكثير عن كيف تستطيع الشناة أن تقطع الخميرة.
وهذه المقدمة كانت لازمة وأثارت ما رأيته من تلك (الشناة المُرَّة) في أن أطلت علينا من إحدى قنواتنا الفضائية الدولية وعندها فقط أدركت لماذا قال الفنان العربي إن (نسوانا شينات) حيث أنه لابد أن يكون قد شاهد معي ذات الحلقة التي أطلت فيها هذه (الشينة). على أنه يجدر الاشارة إلى أن الكثيرين من المشاهدين العرب وغيرهم قد يخلطون بين السودانيين وبعض مواطني الدول الأخرى الذين يتنافسون معنا في مستوى الشناة بحكم أننا نقع مناخياً في خطوط عرض أو طول متقاربة.
ويظل السؤال قائماً حول أهمية المظهر والمقاييس الجمالية أو قل مظاهر (الملاحة) التي يجب توفرها في مقدمي ومقدمات البرامج التلفزيونية وفي السياسيين وشاغلي المناصب الدستورية والتنفيذية خاصة وأن الانتخابات قد تفرز لنا آلافاً من الأوجه الجديدة التي ستطل على المواطنين في القنوات الفضائية. وربما أن أمر الشناة لن يكون قاصراً على هذه المناصب وقد يتعداها الى من يطلون على القنوات الفضائية ممثلين للحركات المتمردة والمسلحة أو من بعض أهل المعارضة ففيهم بعض من الناس شينين شناة مُرَّة وبعضهم أقرب الى أن (تقوم جاري) عندما تراه وهو يتحدث عبر الأقمار الاصطناعية. هذا إضافة الى أن أحد القائمين على جناح من أجنحة المعارضة شين شناة السنين.
وصديقنا الدكتور راشد دياب الفنان المشهور لديه مقولة نابعة من إحساسه المرهف حيث يرى أنه ليس هناك ما يعرف بالقبح أو الشناة وإنما هناك درجات متفاوتة من الجمال حيث هناك الجمال الأخاذ والجمال الممتاز والجمال الحسن والجمال المتوسط والجمال المتدني أو الضعيف وليست هناك “شناة”.. في اعتقاد راشد دياب طبعاً.
شاهد أيضاً
نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا
أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …