ثالثة الأثافي
د. عبد الماجد عبد القادر
سيولة ما في
الإخوة الاقتصاديون عموماً وأهل البنوك على وجه التحديد يستعملون مصطلحات وألفاظاً عندما تسمعها منهم تعتقد أنهم يتحدثون لغة غير التي نعرفها بل تعتقد أنهم بلغوا من العلم والإحاطة بالمعارف ما لم تُحِط به خُبرا ونقول يا ربى .. يا سيدى .. يا الله تعلمنا زي ما علمت ناس البنوك ديل خاصة المديرين الكبار لأنهم أولاً لابسين كرفتات كبار وهم ذاتهم أجسامهم كبار ورؤوسهم كبار وكمان يستعملوا كلمات كبار شديد مثلاً الواحد يقول ليك التضخم النقدي أو يقول ليك الانحراف التحتي أو سعر الصرف التأشيري، أها انت مسكين تفتكر القبة تحتها فكي مع إنو ما تحتها أي حاجة ولو كان في حاجة ما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه هذه الأيام للدرجة التي لا يتمكن مديرو البنوك من أن يمنحوك خمسة آلاف جنيه حتى ولو كان عندك مليون جنيه في الحساب، وحتى لو كان حسابك بتاع مرتبات مش حساب جاري ولا حساب استثمار .
الليلة لقيت في الأسافير مقالاً عن بعض المصطلحات رأيت أن أعرضها على القارئ الكريم حتى يقتنع أن المسألة ليس فيها أي سحر ولا حاجة من ناس البنوك.
مثلاً يسطو اللص على البنك جهاراً نهاراً ويخاطب كل الموظفين بقوله (لا تتحركوا فالمال ملك الدولة وحياتكم ملك لكم)، وهنا يستلقي الجميع على الأرض وبكل هدوء وهذا يسمى بمفهوم (تغيير التفكير الجمعي)، ويقال إن اللصوص عندما انتهوا من السرقة طلب أصغرهم سناً من أكبرهم أن يقوموا بِعَد النقود، ولكن الزعيم نهره بقوة قائلاً هل أنت غبي هذه كمية كبيرة من الأموال تحتاج إلى وقت طويل لعدها والليلة سوف نعرف من نشرات الأخبار كم سرقنا من الأموال وهذا المصطلح يسمى (الخبرة المتراكمة)، وبالطبع فإن الخبرة أكثر أهمية من من المؤهلات الورقية، وعندما غادر اللصوص البنك طلب المدير من نائبه أن يبلغ الشرطة، ولكن النائب طلب أن ينتظر حتى يأخذوا عشرة ملايين ليحتفظوا بها لأنفسهم ويضيفوها إلى السبعين مليوناً التي اختلسوها قبل ثلاثة أشهر هذا المصطلح اسمه (انتهاز الفرص)، وفي اليوم التالي قالت نشرة الأخبار أن المبلغ المسروق هو مائة مليون سرقت من البنك وقام اللصوص بعد النقود أكثر من مرة ووجدوها فقط عشرين مليوناً فغضبوا وقالوا إنهم خاطروا بحياتهم من أجل عشرين مليوناً بينما مدير البنك حصل على ثمانين مليوناً بدون أي مغامرة ودون أن تتسخ ملابسه واقتنعوا أن من الأفضل أن تكون متعلماً بدلاً من أن تكون لصاً، وهذا المصطلح يسمى (المعرفة تساوي قيمتها ذهباً)، وفي ذلك الوقت كان السيد مدير البنك والسيد رئيس مجلس الإدارة يبتسمون سعداء لأن خسائر البنك في سوق الأسهم وشركة التأمين سوف تقوم بتغطية الخسائر التي حدثت بسبب هذه السرقة، وهذا المصطلح في الاقتصاد يسمونه (اقتناص الفرص والدعم المتقابل) و(كسِر ده في جبُر ده)، والخلاصة أن معظم اللصوص الحقيقيين ليس هم الذين (ينطون) الحيطة ويسرقون الملايات والموبايلات وإنما اللصوص هم أصحاب المناصب والمديرون وهم لصوص بشهادات ويشتكون من شح السيولة النقدية ويقولون سيولة ما في.
شاهد أيضاً
نهر النيل تعلن عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا
أعلنت وزارة الصحة بولاية نهر النيل عن تسجيل حالات اصابة جديدة بوباء الكوليرا وذلك في …