الثلاثاء , أبريل 30 2024
أخبار عاجلة
القطاع الزراعي والخروج من عنق الزجاجة

السودان الفرص والثروات المهدره(2-0)

الموضوع/السودان الفرص والثروات المهدره(2-0)

كتب د. عمر محمد سعيد

كما وعدت القارئ بأنني سوف أستمر في كتابة مقالاتي حول الموارد الذاتيه للبلاد بحسبان انها المخرج الوحيد لازماتنا الاقتصادية منذ الاستقلال وحتى الآن.
والمحزن أن أغلب مواردنا الذاتيه التي يتمتع بها السودان إن نسبة انتاجنا مقارنة بالإنتاج العالمي تجد أن نسبة السودان لاتقل عن 50٪ من الإنتاج العالمى كما أشرت في بعض مقالاتي السابقة والمحزن والمبكي في نفس الوقت ان هذه الموارد وهذه الكنوز تفتقد إلى الإرادة السياسية الوطنية والتي تحمل هم الوطن اولاً واخيراً وهذه الإرادات الضعيفه تتميز بها كل الحكومات التي مرت على السودان وخصوصاً فترة الثلاثون عاما لنظام الإنقاذ المقبور .
أن هذه الإرادات لم تستطع تحويل هذه الموارد الذاتية التي يتمتع بها السودان إلى سلع إستراتيجية للصادر تضع السودان في موقع متقدم لكثير من دول العالم وخصوصا إذا حسبنا الفترة التي تم فيها إستقلال السودان والتي تجاوزت فترة ال ٦٠ عاماً كان يمكن أن نكون في مرحلة متقدمة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
ورجال الإقتصاد السوداني كان لهم دور كبير في التنبيه لهذه الموارد ووضعو الخطط الخمسية والعشرية وكانت خططاًعلمية بمعرفة وخبرة متراكمة للإستفادة من هذه الموارد ولكن كانت الإرادة السياسية الضعيفة عائقاً لتنفيذ هذه الخطط لأسباب كثيرة نذكر منها على سبيل المثال :
1- توجيه الاقتصاد السوداني من الخارج .
2- مصالح دول إقليمية ترى أن لاياخذ السودان موقعه الحقيقي في الخريطة الإقليمية والعالمية.
3- الفساد
4- الإنقلابات العسكرية المتتالية خصوصاً الإنقلاب العسكري العقائدي في العام 1989م والذي أوقف كثير من المشروعات الطموحة المطروحه آنذاك من خلال شركات القطاع العام بل أكثر من ذلك ومع سبق الإصرار تم تدميرها واحده تلو الاخري (الحبوب الزيتية – شركة الصمغ العربي – المؤسسة العامة للماشية – مؤسسة الأقطان – شركة التغليف السودانية وغيرها كثير) وكأن أن هنالك توجيه خارجي ينسجم مع توجهات نظام الإنقاذ في تجفيف السودان صناعياً وزراعياً وشله تماماً من التطور والحركة تماماً وهنالك الكثير من الأمثله لامجال لحصرها من خلال سياسات الخصخصه التي تمت في فترة الإنقاذ. بعد هذه المقدمة آود أن أكتب عن مورد من مواردنا الذاتية مهم للغاية عالمياً ومعزز حقيقي لإقتصادنا الوطني وهو الصمغ العربي.
الصمغ العربي في السودان يحتل مساحة مقدرة من مساحة السودان الكلية تقدر بحوالي 27.6%ويتواجد الصمغ العربي ضمن سته نطاقات نباتية وذلك بالنسبة لشجرة الهشاب المنتج الرئيسي للصمغ العربي وهذا مايؤكد تأقلمها في بيئات متنوعةتتناسب مع معدلات الامطار ودرجات الحرارة والانواع المختلفة من التربة .
والجدير بالذكر أن الميزة التفصيلية للصمغ العربي السوداني حيث تتكامل شجرة الهشاب مع النظم الزراعية وخصوصاً في غرب السودان ولها المقدرة الفائقة علي تثبيت النتروجين في التربة لتحسين خصوبتها وبالتالي زيادة قدرتها علي الإنتاج الزراعي , بالإضافة الي ذلك تعد عائقاً لإنجرافات التربة .
السودان له خبرة ومعرفة ودراية متوارثه من الاجداد للاحفاد في تحسين وإنتاج الصمغ العربي سواء كان من الهشاب أو من الطلح أو من السنط أو غيرها من الاشجار المنتجة للصمغ العربي وذلك في تحسين طق الهشاب وحصاد الصمغ وتنظيفه وجودته وهنالك ميزة يتفوق فيها السودان علي العديد من الدول الافريقية المنتجه للصمغ العربي حيث يعتبراكبر منتج ومصدر للصمغ العربي .
واذا أردنا ان نعرف القارئ وله الحق الاصيل لمعرفة مواقع منتوجاته وموارده الذاتية فعلي سبيل المثال الصمغ العربي تنتجه شجرة الهشاب التي تتواجد جغرافياً في ( كردفان – دارفور – سنار –القضارف – النيل الازرق ) كذلك شجرة الطلح التي تتواجد جغرافياً في ( وسط السودان – جنوب غرب ولاية النيل الابيض والنيل الازرق –القضارف – جنوب كردفان ) حيث تتميز هذه المناطق الاخيرة بسهولها الطينية وكذلك شجرة السنط تتواجد جغرافياً في (سنار والنيل الازرق والنيل الابيض والرهد والدندر ).
هذه نبذه للقارئ الكريم لبعض المعارف حول الصمغ العربي والأشجار التي تنتجه علي سبيل المثال ومواقعها الجغرافية ما يهمني في هذا المقال الإقتصاد إن طبيعة إنتاج الصمغ العربي في حالة تذبذب وعدم الثبات وذلك راجع لعدة اسباب نذكر منها:
– الجفاف والتصحر وتغير المناخ والرعي وإنحسار حزام الصمغ العربي نتيجه لعدم وجود إرادة سياسية لتطوير ذلك القطاع المهم في إقتصادنا حيث ساهمت كثير من المنظمات الدولية المعنية بالزراعة باموال مهوله لإستزراع المساحة التي اصابها الجفاف والتصحر باشجار الهشاب ولكن الفساد كان عائقاً لتنفيذ تلك الخطط .
– تدنئ العائد للمنتج الحقيقي للصمغ العربي والذي يعمل في طقه ثم حصادة ثم نظافته وجودته .
– لم تكن هنالك سياسه واضحة من الدولة لتمويل المنتجين .
– مشاكل التسويق
– التهريب لدول الجوار
– لاتوجد سياسات واضحه ومحددة مرتبطة بالإنتاج والصادر
– لم تعطي الدوله اهتماماً خاصة بالبحث العلمي الذي يطور هذا الكنزالمهدرمابين السياسات العرجاء للدولة والمهربين .

ينتج السودان مابين 75% الي 85% من الإنتاج العالمي وهذه نسبة ضخمة وهذا ماجعل الولايات المتحدة الامريكية ان تستثني الصمغ العربي من العقوبات الإقتصادية والتي كانت مفروضة علي نظام الإنقاذ وهذا الإستثناء له اسبابه منها علي سبيل المثال :-
– أن الصمغ العربي المنتج من اشجار الهشاب في السودان له تركيبه خاصه جعلته يتميز عن باقي الأصماغ ويدخل في كثير من الصناعات منها العقاقير الطبية وصناعة النسيج وصناعة الأحباروالصناعات الغذائية وصناعة المشروبات الغازية وصناعة الزيوت الصناعية وكذلك لاتستغني عنه مصانع ادوات التجميل والتي ازدهرت كثيراً .
– بالإضافة الي ذلك ان الصمغ العربي السوداني خالي من السموم تماماً وهذه الميزة جعلت الغرب يتهافت علي الصمغ العربي السوداني في معظم صناعاته آنفه الذكر ومن هنا أكرر القول بالرغم من أهمية الصمغ العربي والدور المفترض ان يلعبه في دعم الإقتصاد بشكل مؤثر الا ان البلاد منذ فترة طويله غير قادرة علي اعتباره مورداً رئيسياً لايراداتها وتوفير العمله الصعبه لخزينتها بالرغم من وجود برامج وخطط لتطوير هذا القطاع الحيوي .
– لم يستغل الصمغ في مجالات الصناعات وتكون له قيمته المضافة ولم يتم تطويره بشكل يجعله احد السلع الرئيسية ذات البعد العالمي .
– وللأسف والمحزن ان السودان والي الأن لم يستغل ثروته هذه سوي 15% فقط من المساحات المنتجه لهذه السلعة العالمية وذلك لاسباب يمكن اجمالها في الاتي
1- هجرة الشباب من مناطق الإنتاج الي المدن او لمناطق تعدين الذهب.
2- اغلب الذين يعملون في إنتاج هذه السلعة من كبار السن حيث تتدنى إنتاجيتهم
3- لاتوجد سياسة تمويلية للمنتجين تجعلهم يفضلون البقاء في مناطق الإنتاج بدلاًعن الهجرة الي المدن .
4- لم تكن لشركة الصمغ العربي قبل حلها من قبل نظام الإنقاذ وإحلال مجلس الصمغ العربي محلها لم يكن لها سياسة واضحة لتطوير ذلك القطاع من حيث برامج التأهيل وتوفير المعدات المستخدمة في الطق والحصاد وإجبار المصارف تمويل صغار المنتجين وسياسة تسويقية مبدعه ومتميزة عالمياً لهذا المنتج .
وللاسف لم تتجاوز صادرات السودان من الصمغ العربي 200 مليون دولار وهنالك بعض الإحصائيات المحزنة بان السودان في العام 2017م صدر بما قيمته 106 مليون دولار وفي عام 2018م مايعادل 109 مليون دولاروتعتبر إيرادات ضعيفة ومخجلة لدولة تمتلك مابين 75% الي 85 % من الإنتاج العالمي لهذه السلعة ذات البعد العالمي والتي جعلت امريكا ان تستثنيها من العقوبات المفروضة علي نظام الإنقاذ لولا اهميتها لدي شركاتها العملاقه .
وفي تقديري ان كنا حريصين كدولة وحكومة.لكي يكون الصمغ العربي رديفاً لسلع السودان الرئيسية للصادرالابالآتي :
أ‌- سرعة إنشاء شركة الصمغ العربي مسنودة بكفآت واصحاب خبرة ومعرفه بالمنتج الكنز المهم ولهم القدرة علي إحداث نقلة نوعية بعد تلك السنوات السابقة العجاف ومبادراته لتطوير تلك السلعة من خلال برامج وخطط طموحة ترتقي بهذا المنتج من 150 الف طن الان الي 600 الف خلال السنتين القادمتين .
ب‌- لماذا لايقوم بنك للصمغ العربي لتمويل منتجي هذه السلعة الرئيسية وهنالك بنوك مشابهة البنك الزراعي والبنك التجاري وبنك الثروة الحيوانية .
ج- علي الدولة الأهتمام اكثر بأجهزة مكافحة التهريب بالآليات والمرتبات والحوافز ولقد عاني السودان من التهريب لأغلب سلعه الرئيسية لدول الجوار واذا اخذنا الصمغ العربي كمثال يتم تهريب مايعادل 45 الف طن من انتاجه السنوي البالغ 150 الف طن مما يعني ان ثلث انتاجه مهرب وان في اعتقادي ان التهريب هو خيانه للوطن والمواطن ويرتقي الي مرتبة الخيانه العظمي للبلادوعليه يجب ان يوضع له قانون خاص يكون ناجزاً عقوبته الإعدام لاغيرها لان التهريب عمل منظم لإفقار البلاد وينعكس فقراً علي المواطن وكما قال سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه ( ان كان الفقر رجلاً لقتلته )
فالتهريب عامل رئيسي لإفقارالبلاد وحرمانها جزءاً مقدراً من عائدات صادراتها التي تساهم في رفع المستوي المعيشي للمواطن ونقله من دائرة الفقر الي الافضل .
د‌- علي الدولة القيام بعمل ملف كامل متكامل لمواصفة تسمي المواصفة السودانية للصمغ العربي ويتم الاعتراف بها دولياً وذلك مما يجعل سلعة الصمغ العربي السوداني سلعة تسويقية علي المستوي العالمي .
ذ‌- التوسع في إنتاج صمغ الهشاب وإستخدام التقانات الحديثه لزيادة الإنتاج وهذه من مهمات شركة الصمغ العربي اذا تم إنشاؤها .
ث‌- يكون السودان هو المركز الرئيسي لتوزيع الصمغ العربي بدلاً من إنشاء بورصة بامارة دبي لتوزيع الصمغ العربي السوداني من خلال بعض رجالات راس المال السوداني وبعض الخليجيين هذا مخجل في حد ذاته للسودان .
ج‌- البحوث العلمية المشتركة للقطاعات المنتجه للصمغ العربي للإرتقاء بالجودة والمواصفة .
ر‌- إنشاء جهاز متخصص في توفير المعلومات الكاملة عن الطلب الخارجي وذلك ضمن مهام وواجبات شركة الصمغ العربي المزعم إنشاؤها وبهذا نكون قد تجاوز إنتاجنا في السنتين او الثلاث القادمة الي 500 الف طن سنوياً بدلاً من 150 الف طن .
وبذلك تكون إيرادتنا السنوية من هذه السلعة مايقارب ال 7.500 ( سبعة مليار وخمسمائة مليون دولار ) اذا قمنا بتصديرة خام علماً بأن سعر الطن الخام عالمياً 15 ألف دولار اما مصنع حيث القيمة المضافة بعد التصنيع لاتقل عن 35% مضافة للمبلغ المشار اليه وهذا الرقم طبقاً لاسعار 2020م ومؤكد الزيادة المطردة لسعر الخام والمصنع في السنوات القادمة عالمياً هذا هو السودان العظيم وهذه هي إمكانياته والتي تحتاج فعلاً الي إرادة سياسية وطنية حريصه علي تنفيذ البرامج والخطط والدراسات من رجالات الإقتصاد الوطنيين الحريصين علي هذا الوطن الغالي علينا جميعاً .

ولنا عودة في مورد ذاتي جديد إنشاء الله .

عن المحرر العام

موقع زراعي سياحي بيئي

شاهد أيضاً

مدير “الفاو” يحذر من تفاقم الجوع بإفريقيا ويشيد بالنموذج المغربي في الزراعة

الرباط وكالات ايكوسودان.نت من الرباط، لم يتوان شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!
البيئة بيتنا